بعد تورطها في جرائم الإبادة… مايكروسوفت تحظر الرسائل التي تحتوي على كلمات “فلسطين” و”غزة” و”إبادة جماعية”

بعد الكشف عن تورطها بمساعدة إسرائيل على اتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، بدأت شركة مايكروسوفت الأمريكية منع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالشركة التي تحتوي على كلمات مثل “فلسطين” و”غزة” و”إبادة جماعية” من الوصول إلى المستلمين.

ووفقا لموقع “ذا فيرج” (The Verge) الأمريكي التقني، الخميس، لاحظ موظفو شركة مايكروسوفت أن بعض رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم لم تصل إلى المستلمين.

وعقب ذلك، راجع الموظفون رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلوها واكتشفوا أن مايكروسوفت قامت بحظر رسائل البريد الإلكتروني التي تحوي كلمات مثل “فلسطين” و”غزة” و”الإبادة الجماعية” من إرسالها إلى المستلمين داخل الشركة وخارجها.

من ناحية أخرى، زعمت مايكروسوفت أنها طبقت مثل هذه الممارسة لتقليل “رسائل البريد الإلكتروني السياسية” داخل الشركة.

ومنتصف مايو/ أيار الجاري، أكدت إدارة مايكروسوفت في بيان، أنها توفر خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي لوزارة الحرب الإسرائيلية، لكنها زعمت عدم وجود أي دليل على أن هذه التقنيات تُستخدم لإلحاق الأذى بالمدنيين.

تقارير ووثائق مسرّبة تؤكد تورط شركتي مايكروسوفت وجوجل

وكشف تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس أوائل عام 2025 أن نماذج الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت وOpenAI تم استخدامها كجزء من برنامج عسكري إسرائيلي لاختيار أهداف القصف في غزة ولبنان.

أكدت تقارير ووثائق مسرّبة جديدة تورط شركتي مايكروسوفت وجوجل بشكل مباشر في جرائم الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، تقريرًا يوثق تزويد شركة جوجل جيش الاحتلال  الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها الشركة، وذلك منذ بداية الحرب على غزة.

وبعد يومين فقط، أكد تحقيق صحافي جديد نشرته صحيفة “الغارديان”، استنادا إلى وثائق سرّية مسرّبة، تصاعد اعتماد جيش الاحتلال الإسرائيلي على تقنيات شركة مايكروسوفت السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي خلال أشد مراحل قصفه على القطاع.

في سياق حرب إبادة استخدمت فيها إسرائيل أنظمة تقنية متطورة، مثل نماذج الذكاء الاصطناعي “غوسبل” و”لافندر” لتحديد أهداف القصف.

تُبرز تلك الوثائق الجديدة كيف ساهمت شركات التقنية الأميركية الكبرى في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ ظل هذا الدور دون توثيق ملموس ودون أدلة واضحة وقوية إبان الحرب، خاصة مع نفي تلك الشركات أيَّ مساهمة لها في العمليات العسكرية، رغم ظهور بعض المؤشرات والتصريحات من قيادات جيش الاحتلال التي أشارت إلى هذا الدور.

لذا، فهذه هي المرة الأولى التي تؤكد التقارير والملفات الداخلية هذا التعاون المباشر بين شركات التقنية الكبرى والجيش الإسرائيلي في حرب الإبادة على قطاع غزة.

هكذا تورطت “مايكروسوفت” في جرائم الإبادة

واتهمت ابتهال أبو السعد المبرمجة المغربية في شركة “مايكروسوفت“، إدارة الشركة بالمشاركة في جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقالت إن أيدي الشركة “ملوثة بدماء الفلسطينيين”، وذلك لدى مقاطعتها كلمة للمدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في “مايكروسوفت” مصطفى سليمان، كان يلقيها بواشنطن خلال احتفال بمرور نصف قرن على تأسيس الشركة.

وأثارت اتهامات المبرمجة المغربية أبو السعد لشركة “مايكروسوفت” الأمريكية ودورها في دعم تل أبيب بجرائم الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، موجة واسعة من ردود الأفعال، وفتحت الأسئلة  خطورة هذا الواقع المستجد.

الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية

وأضافت أبو السعد في مقطع مصور نشر في 5 نيسان/ أبريل الجاري وثق الواقعة: “أنتم تجار حرب، توقفوا عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية”، كاشفة أن “مايكروسوفت” “تزود إسرائيل ببرمجيات الذكاء الاصطناعي التي توظفها في العدوان على الفلسطينيين”.

وفي الحفل نفسه وخلال تواجد المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت بيل غيتس والرئيس التنفيذي السابق للشركة ستيف بالمر والرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا على المنصة، صاحت فانيا أغراوال زميلة أبو السعد قائلة: “عار عليكم جميعا، أنتم جميعا منافقون.. عار عليكم جميعا أن تحتفلوا فوق دمائهم. اقطعوا علاقاتكم مع إسرائيل”. ليتم إخراجها من الحفل.

وفي 7 أبريل الجاري، أفادت قناة “CNBC” الأمريكية في خبر نشرته عبر موقعها، أن مايكروسوفت فصلت أبو السعد وأغراوال، إثر احتجاجهما ضد الخدمات التي توفرها الشركة لإسرائيل.

75 بالمئة من ضحايا غزة بسبب الذكاء الإصطناعي

الخبير المغربي المتخصص بالمجال الرقمي والتواصل عبد الحكيم أحمين، قال إن الذكاء الاصطناعي “تسبب بمقتل نحو 75 بالمئة من ضحايا الحرب بغزة وفق دراسات حديثة”.

وأضاف أن “أسباب دعم الشركات التقنية لإسرائيل متعددة، منها الاستثمار المالي في مشاريع داخل إسرائيل”، مشيرا إلى أن “هناك العديد من الشركات الكبرى التي مولتها الشركات المالية الأمريكية، مثل ميكروسوفت وأمازون وجوجل وغيرها”.

وأوضح أحمين، أن هذه الشركات “استثمرت بشكل كبير داخل إسرائيل، مما يعد دعما مباشرا لها”.

وبحسب الخبير، فإن “الشركات الرقمية ساهمت بتطوير مهارات بحثية وتقنيات معلوماتية تسعى من خلالها إسرائيل للحصول على معلومات بطرق متعددة، ولعل برنامج بيغاسوس خير مثال على ذلك، حيث يراقب المعارضين بالداخل والخارج”.

وبرنامج “بيغاسوس” من صنع شركة “إن إس أو” الإسرائيلية التي تأسست عام 2010، والتي تتخذ من تل أبيب مقرا لها.

ومنذ عام 2021 نشرت وسائل إعلام دولية تقارير تشير إلى استخدام “بيغاسوس” من قبل العديد من الدول للتجسس على معارضين وصحفيين وناشطين اجتماعيين وسياسيين حول العالم.

مشروع نيمبوس

أحمين أوضح أن “الدعم التقني لإسرائيل يتجسد في عدة أشكال، منها مشروعات تقوم على تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي تسمح بمراقبة واسعة للفلسطينيين بالضفة وغزة، حيث يستعمل الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من التقنيات لمراقبة جميع سكان فلسطين”.

وأضاف أن من بين ذلك “مشروع نيمبوس، وهو خدمة من طرف شركة غوغل وغوغل كلاود بلاتفورم، حيث يوفر هذا لإسرائيل سلاحا رقميا لمراقبة الفلسطينيين وتتبعهم، علما أن هذه الخدمة تعمل على افتراض أن جميع الفلسطينيين ممكن أن يقوموا بمشاريع أو أنهم أعضاء في حركات المقاومة الفلسطينية”.

وذكر أن المشروع “يضع تصنيفا من 1 إلى 100 للفلسطينيين سواء بغزة أو الضفة، مما يسمح لإسرائيل بمراقبة والقيام بمسح جميع الفلسطينيين وتتبع تحركاتهم، بل ساهم هذا في توفير حيثيات عن مكان وجود الفلسطينيين من أجل استهدافهم بغارات”.

وأظهر تحقيق أجرته وكالة “أسوشيتد برس” مطلع 2025 أن شركتي “مايكروسوفت” و”أوبن إيه آي” تستخدمان نماذج ذكاء اصطناعي في إطار برنامج عسكري إسرائيلي لاختيار أهداف القصف خلال الحرب على غزة ولبنان”.

وواجهت شركات ومؤسسات تعليمية أخرى احتجاجات لعلاقاتها مع إسرائيل في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة جراء الإبادة الجماعية في غزة.

الخوارزميات في خدمة الاحتلال

وأوضح الخبير المغربي أن “من بين أشكال الدعم الخوارزميات، حيث تساعد شركات الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى العديد من المعلومات بشكل سريع، وإن كان الأمر بطريقة تجانب القانون الإنساني”.

ولفت إلى أن “هذه الخوارزميات التي تستغلها هذه الشركات يتم تغذيتها بمعلومات عن الفلسطينيين، والتعرف عليهم باعتبارهم أهدافا عسكرية”.

وقال: “عندما تصل المعلومة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي فإنه يستهدف العينة التي تصله كونها أهدافا عسكرية رغم أنها مدنية، وتدعي تل أبيب أنها تتعقب وتستهدف انطلاقا من أوامر آلية، حتى لا تقع تحت محاسبة القانون الدولي الإنساني”.

وبحسب أحمين، فإن “التقنية الأخرى التي تستغلها إسرائيل في حربها على غزة هي تقنية التخزين السحابي، وهي وسيلة لتخزين كميات كبيرة من المعلومات الرقمية عما يريد الاحتلال التعرف عليه، علما أن عملية التخزين تستغلها خوادم تستهدفها مواقع عسكرية إسرائيلية”.

وأشار إلى أن “هذه السواحب تتضمن تطبيقات تحدد أهداف غارات وتفجيرات، وتسمح بتخزين مشاهد حية ملتقطة من الطائرات المسيرة، وتسمح بتصوير قطاع غزة والضفة وتسهيل إطلاق النار والسيطرة عن البعد”.

ولفت أحمين إلى أن “هذه المقدرات تعتمد على الذكاء الاصطناعي مما يمكن الاحتلال أن يحصل على معلومات كبيرة وضخمة يتم تخزينها”.

خدمات التخزين السحابي

وقال إن “ميكروسوفت كانت المزود الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي لخدمات التخزين السحابي، بالإضافة إلى غوغل وأمازون غيرها من الشركات الرقمية التي زودت اسرائيل بهذه الخدمات”.

وأضاف أن “شركات أمريكية وأوروبية زودت إسرائيل بتقنيات لممارسة الإبادة الجماعية”.

كما “استعملت شركة ميتا خوارزميات لتعقب السردية الفلسطينية، محاولة حجبها ومحاربتها وعدم ظهورها، مقابل الترويج للسردية الإسرائيلية”، بحسب أحمين.

وأضاف الخبير المغربي أن “ميتا ساهمت في التشويش على مهام وأدوار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عالميا، كما أظهرت تقارير سابقة ذلك”.

وبالتوازي مع الإبادة بغزة، يخوض الاحتلال الإسرائيلي والقوى الداعمة له حربا على المحتوى الفلسطيني بشبكات التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي.

علاقة تل أبيب بالشركات

“العلاقة التي تربط الشركات وإسرائيل مغلفة بطابع تجاري، خاصة أن الشركات لديها منتجات تريد بيعها لفائدة إسرائيل”، وفق الخبير المغربي.

وأضاف أن “الشركات الأمريكية تسعى للربح، لذلك لا يهمها أي شي قيمي أو أخلاقي أو حقوقي، لهذا تسعى لصياغة مواثيق تدعي احترام حقوق الإنسان، ولكن تخالف هذه المواثيق”.

وأوضح الخبير أن هذا لا يخفي الشراكة الخفية التي تتمثل بوجود قادة مدراء وموظفين مزودجي الجنسية، ولديهم ميول سياسية ودينية تناصر إسرائيل، مما يجعلهم يدعمونها بالتقنيات ويوفرون خدمات لها”.

ومنذ بدئه الإبادة بقطاع غزة، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون جرائمه بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 947 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل مدعومة أمريكياً جرائم إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى