تناقش الهجوم الإسرائيلي على قطر… القمة العربية الإسلامية الطارئة تبدأ أعمالها
دبلوماسي مصري يتوقع خيارات الرد السياسي والاقتصادي على تل أبيب

تبدأ اليوم في العاصمة القطرية الدوحة، أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة وسط توقعات بإصدار قرار حول هجوم إسرائيل على الدوحة دون اتخاذ إجراءات دبلوماسية أو اقتصادية ضد تل أبيب.
وتحدثت بعض وسائل الإعلام عما تضمنته مسودة الإعلان الذي سيطرح على طاولة القمة الطارئة في الدوحة مشيرة إلى تضمنه إدانة للهجوم الإسرائيلي على قطر واعتباره تصعيدا مزعزعا للاستقرار.
وذكرت وكالة “رويترز” أن المسودة التي ناقشها وزراء الخارجية تضمنت اعتراضا على “خطط إسرائيل لفرض واقع جديد على المنطقة”.
إجراءات عملية ملموسة
وأكد مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة سابقا معتز أحمدين خليل خلال حديثه مع سكاي نيوز عربية، أن الكلمات القوية في البيان تعكس الوضع الراهن، لكنها تحتاج إلى إجراءات عملية ملموسة لضمان الرد على العدوان الإسرائيلي.
وأوضح أن القمم العربية والإسلامية السابقة كانت داعمة سياسيا للقضية الفلسطينية وغزة، لكنها لم تُترجم إلى خطوات عملية تردع إسرائيل أو تمثل ضغطًا فعليًا على الولايات المتحدة.
وأشار خليل إلى أن الإجراءات العملية المقترحة يمكن أن تشمل العقوبات الاقتصادية والتجارية، والتي تُعتبر أكثر تأثيرًا من أي مواقف سياسية أو بيانات تضامنية.
وأكد أن الهدف ليس الخيار العسكري أو قطع العلاقات الدبلوماسية، بل اتخاذ خطوات تدريجية تبدأ بالضغط الاقتصادي وفق القانون الدولي، مثل وقف التعاملات الاقتصادية جزئيًا أو كليًا، وقطع طرق المواصلات الجوية والبحرية، ووسائل الاتصال.
إيصال رسالة قوية لإسرائيل والولايات المتحدة
أوضح خليل أن الإجراءات الاقتصادية تملك القدرة على إيصال رسالة قوية لإسرائيل والولايات المتحدة بأن هناك عواقب للأفعال العدوانية.
وأكد أن المواقف السياسية، وإن كانت مهمة وناجحة في جذب التأييد الدولي، لم تعد كافية بمفردها، خاصة في ظل التحالف الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت الحالي.
وأضاف: “إذا لم يستجب الطرفان للمواقف السياسية، فإن الإجراءات الاقتصادية هي اللغة الوحيدة التي يفهمها الطرفان، وهي التي يمكن أن تؤثر على السياسات الإسرائيلية والأمريكية”.
وذكر خليل أن التاريخ يؤكد ضرورة اتخاذ خطوات عملية، مشيرا إلى تجربة نقل الولايات المتحدة لسفارتها إلى القدس خلال ولاية ترامب الأولى، والتي لم تؤدِ إلى ردع أو تحرك عربي فعال.
وأضاف: “السكوت على مثل هذا السلوك وعدم محاسبة إسرائيل يؤدي إلى التمادي وتكرار الانتهاكات”. وأكد أن الوقفة العربية الموحدة ضد الهجوم على قطر تمثل رسالة واضحة بأن أي تصرف عدواني لن يمر دون رد، مهما كان مستوى التطبيع أو العلاقات الثنائية مع إسرائيل.
خيارات رد القمة
أكد خليل خلال تصريحاته أن الخيارات العملية تشمل الإجراءات الاقتصادية، والضغط المالي، ومراجعة الاستثمارات العربية في الولايات المتحدة، ومراقبة الشركات والبنوك التي تتعامل مع إسرائيل.
وأضاف أن هذه الإجراءات قد لا تُعلن خلال القمة، لكنها تبقى أوراق ضغط فعالة يمكن تفعيلها عند الحاجة.
ولفت إلى أن الهدف هو توجيه رسالة واضحة بأن العدوان على قطر والفلسطينيين لن يمر دون حساب.
أوضح خليل في الاثناء أن القمة تأتي بعد ستة أيام فقط من العدوان، ما لا يسمح بتسوية أي خلافات عربية مسبقة، إلا أن هذه السرعة تعكس أهمية توحيد الموقف العربي والإسلامي في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر.
وأضاف: “التصرف الموحد اليوم يعكس أن قطر ليست وحدها، بل كل الدول العربية والإسلامية تتألم من العدوان، وبالتالي فإن القرارات العملية والموحدة هي التي يمكن أن تردع إسرائيل”.
وركز خليل على أن الخيار الأقوى والأكثر تأثيرًا هو الخيار الاقتصادي، وهو ما قد يشمل مراجعة الاستثمارات الكبيرة في الولايات المتحدة، والتأثير على سياسات الطاقة والنفط، وضبط الأسعار بما يخدم مصلحة العرب في الضغط على واشنطن وإسرائيل.
وأضاف أن هذه الخطوات لا تهدف لإحداث أزمة عالمية، بل لضمان التزام الطرفين بالقانون الدولي والحد من الانتهاكات.
الإجراءات الاقتصادية المدروسة
وأشار خليل إلى أن الإجراءات الاقتصادية المدروسة يمكن أن تؤثر على السياسات الأميركية دون الحاجة للجوء إلى الإجراءات العسكرية أو العقوبات الدبلوماسية الصارمة.
وأكد أن القمة تمثل فرصة لإرسال رسالة قوية وعملية، تتجاوز الكلمات والبيانات التقليدية، لتضع أساسًا للتصرفات المستقبلية في حال استمرار العدوان الإسرائيلي أو الضم المحتمل للأراضي الفلسطينية.
إرهاب دولة
وقد عبّرت قطر في الاجتماع الوزراي عن تقديرها للتضامن الواسع من الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة في المجتمع الدولي، ضد الهجوم الإسرائيلي، الذي استهدف مقرات سكنية يقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة “حماس” في العاصمة الدوحة في يوم 9 سبتمبر الجاري.
وقال رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن بن جاسم: “لا يمكن توصيف هذا الاعتداء إلا بأنه إرهاب دولة وهو نهج تتبعه الحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة ويضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويستهدف أمن المنطقة بأسرها في تحد سافر للشرعية الدولية”.
وتابع في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية أمس: “يجب علينا عدم السكوت والتهاون أمام هذا العدوان البربري واتخاذ إجراءات حقيقية وملموسة على مختلف الأصعدة لمنع المزيد من التمادي الذي إن تركناه لن يقف عند حد وسنجد أنفسنا لا محالة أمام سلسلة لن تنتهي من الدم والخراب ولن يكون أحد بمنأى عن أذاها ومخاطرها”.
وعلى الجانب الآخر، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب إسرائيل تراقب عن كثب الحدث المتوقع، وتستعد لأي سيناريو، وتأمل في منع المزيد من التدهور في الوضع السياسي لإسرائيل في المنطقة.
وقالت صحيفة “معاريف” العبرية: “ومع ذلك، فإن التقدير السائد هو أن الرد العربي سيركز على رسائل تصريحية وخطوات دبلوماسية، ولن يتطور إلى تحرك عسكري”.
نتنياهو يواصل تهديد على قطر
وفي تحد للتنديدات بالهجوم، واصل رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو تهديد قطر، قائلاً للدوحة، إن عليها إما طرد مسؤولي حماس أو “تقديمهم للعدالة”.
وأضاف “لأنكم إذا لم تفعلوا ذلك سنفعل نحن”.
وتابع نتنياهو السبت، إن التخلص من قادة حماس المقيمين في قطر سيزيل العقبة الرئيسية أمام إطلاق سراح جميع الرهائن الذين لا تزال الحركة تحتجزهم في غزة وإنهاء الحرب التي اندلعت بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وزير الخارجية الأميركي: الهجوم على قطر لن يغير دعمنا لإسرائيل
بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في تصريحات من قاعدة أندروز الأميركية قبيل توجهه إلى إسرائيل، السبت، إن الرئيس دونالد ترامب كان “غير راضٍ” عن الأحداث التي جرت الأسبوع الماضي، في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي على قطر.
وأضاف: “هناك قلق من أن ما جرى ربما يؤثر على الجهود الرامية لإعادة جميع الرهائن، والقضاء على (حماس)، وإنهاء هذه الحرب. هذه هي أولويات الرئيس”. لكنه أكد في الوقت ذاته، أن ذلك “لن يغيّر طبيعة العلاقة القوية والراسخة مع إسرائيل”.