فرنسا: بين ترحيل اللاجئين وتحسين ظروفهم… مشاورات صعبة حول الهجرة
أطلقت الحكومة الفرنسية الخميس مشاورات مع الجمعيات حول مشروع قانون “لجوء وهجرة” يتوقع أن تكون صعبة إذ أن الكثير من إجراءات المشروع تثير غضب منظمات غير حكومية وتتسبب بانقسام حتى داخل الأغلبية الحاكمة.
بدأت الحكومة الفرنسية الخميس مشاورات صعبة مع الجمعيات حول مشروع قانون “لجوء وهجرة” تعد فيه من ناحية بزيادة حالات الطرد ومن ناحية أخرى بتحسين حق اللجوء، لكن الكثير من إجراءات المشروع تثير غضب منظمات غير حكومية وتتسبب بانقسام حتى داخل الأغلبية الحاكمة.
حاول وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان كريستوف كاستانر، الذي يرى أن فرنسا “تواجه فشلا في سياسة الاندماج” التي تتبعها، احتواء التوترعبر تأكيده أنه في مجال سياسة الهجرة “الإنسانية والبراغماتية لا تتعارضان”.
وتترجم “البراغماتية” في الوعد بزيادة كبيرة في عمليات الترحيل. كما نص مشروع القانون الذي سيقدم في الأسابيع القادمة لمجلس الوزراء، على رفع مدة الاحتفاظ للتثبت من الحق في الإقامة من 16 إلى 24 ساعة، وتشديد الإقامة الجبرية، وتقليص آجال التقدم بشكاوى لمن ترفض ملفاتهم لطلب اللجوء.
وانتقدت جمعيات ناشطة في مجال إيواء ومساعدة الأجانب في فرنسا عددا من هذه الإجراءات لطابعها القسري.
في المقابل، يعد مشروع القانون بتحسين ظروف الاستقبال والإدماج مقترحا خفض آجال معالجة طلبات اللجوء إلى ستة أشهر وتوسيع نطاق جمع شمل الأسر بالنسبة إلى القاصرين.
ويتزايد الجدل منذ أشهر في فرنسا حول مشروع القانون الذي يدافع عنه وزير الداخلية جيرار كولومب ويقسم الأغلبية الحاكمة التي عبر نواب منها عن انزعاجهم.
وتصاعد الجدل منذ كانون الأول/ديسمبر 2017 بعد توقيع كولومب نشرة نصت على إحصاء الأجانب في مراكز الإيواء العاجل وهو إجراء اعتبر متشددا جدا.
وبدأ الاجتماع بعيد الساعة 14,00 ت غ بين كولومب ووزير الإسكان جاك ميزار ونحو ثلاثين جمعية، بينها رابطة حقوق الإنسان وأطباء العالم و”إيمايوس” وجمعية الإغاثة الكاثوليكية.
وكانت 20 جمعية قد لجأت إلى مجلس الدولة، أعلى سلطة إدارية في فرنسا، لتعليق عاجل لهذه النشرة الوزارية.
“المشاعر الطيبة الخاطئة”
صعدت الكنيسة الكاثوليكية الأربعاء من لهجتها معتبرة أن مراكز الإيواء العاجل يفترض “أن تكون ملاذا”.
من جهته رفع جان ماري غوستاف لو كليزيو حائز جائزة نوبل للآداب الخميس النقاش إلى مستوى فلسفي من خلال تنديده بـ”إنكار لا يطاق للإنسانية” و”فرز” بين مهاجرين يفرون من بلدانهم لأسباب سياسية وآخرين يفرون بسبب البؤس.
وتساءل “هل الموت جوعا وبسبب الضيق والإهمال، أقل خطورة من الموت تحت ضربات الطغاة؟” مذكرا بأنه هو نفسه كان مهاجرا.
وعبر الكاتب عن غضبه تجاه سياسة أصبحت “وحشا بلا قلب” متماهيا في ذلك مع شخصيات يسارية كانت قد اعتبرت أن الإجراءات المتخذة من الحكومة “تتعارض مع تلك الروح الفرنسية القائمة على جعل بلادنا أرض وفادة”.
ورد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هذه الانتقادات الخميس من روما. واعتبر أنه “هناك الكثير من الخلط لدى المثقفين” ويجب الحذر من “المشاعر الطيبة الخاطئة”.
وتابع “فرنسا ليست منغلقة” وهي تواجه “موجات هجرة (…) غير مسبوقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية” مذكرا بأن عددا قياسيا بلغ مئة ألف طلب لجوء قدم في فرنسا العام الماضي.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن ثلث مقدمي هذه الطلبات حصلوا على صفة لاجىء.
من جهته قال اليمين الفرنسي إنه قلق “جدا” من مشروع القانون بسبب “تراخي الحكومة في مواجهة تحدي الهجرة” وعبر عن قلقه من أن يؤدي “ضعف نص القانون إلى تسارع ظاهرة الهجرة التي تتعرض لها فرنسا”.
واعتبر رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية فرانسوا دو روجي أنه “حول هذه القضية الصعبة (…) التي تثير جدلا حادا جدا في كامل أنحاء أوروبا، يتعين التحلي بالثبات والوضوح”.
وتابع “من الطبيعي ألا يحصل على حق اللجوء كل من يطلبه، وإلا فإن اللجوء يصبح بلا معنى”.