أردوغان يعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة التركية

في ظل مناخ القمع والترهيب بحق خصومه السياسيين ومعارضيه في البلاد وخارجها، أعلن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، ترشحه في انتخابات الرئاسة المقررة في يونيو 2023 عن “تحالف الشعب”، حسبما نقلت وكالة الأنباء التركية الرسمية “الأناضول”.

وقال أردوغان الذي تضررت شعبيته بشدة خلال السنوات القليلة الماضية ويكابد لتحسين صورته وسجله السياسي، إن “الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها في يونيو المقبل، وأنا مرشح تحالف الشعب”.

ويضم “تحالف الشعب”، حزبي العدالة والتنمية الحاكم، الذي يرأسه أردوغان، والحركة القومية، بزعامة دولت بهتشلي.

وتحدى أردوغان خصمه  كمال كيليجدار أوغلو، رئيس “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، قائلاً: “إذا كان لدى كمال كيليجدار أوغلو الشجاعة فليعلن ترشحه أو مرشح الرئاسة لديه”.

وتابع: “كيليجدار أوغلو يفتري علي وعلى عائلتي لقد ربحت قضية تعويضية أخرى، وسأقوم بأعمال خيرية بهذه الأموال”.

وكان أردوغان رفع دعوى قضائية ضد زعيم المعارضة كيليجدار أوغلو بسبب ما اعتبره “انتهاكهاً للحقوق الشخصية” خلال كلمته في اجتماع الكتلة النيابية لحزبه، وطالب بدفع تعويض قدره 500 ألف ليرة تركية (نحو 57 ألفاً و500 دولار).

وجاء في عريضة الدعوى، أن كيليجدار أوغلو وجه في كلمته خلال اجتماع الكتلة النيابة لحزب الشعب الجمهوري، إهانات شديدة إلى الرئيس أردوغان انتهك واعتدى فيها على حقوقه الشخصية.

معركة كبرى

وكان زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كيليجدار، أعلن في مايو الماضي في البرلمان، رغبته في مواجهة أردوغان، وخوض “معركة كبرى” ضد الفقر والتضخم وعدم المساواة في البلاد. وخاطب خصوماً لم يسمّهم داخل تحالفه المعارض، قائلاً: “إما أن تقفوا معي، وإما أن تبتعدوا عن طريقي”.

وبعدما سخر منه أردوغان لفترة طويلة، بوصفه “خاسراً متسلسلاً” في الانتخابات، أشرف كيليجدار أوغلو على نصر حققته المعارضة في الانتخابات البلدية في عام 2019، عندما سيطرت على إسطنبول، أكبر مدينة تركية، والعاصمة أنقرة.

كما شكّل تحالفاً من أحزاب معارِضة، تجتمع على هدف واحد هو إلحاق الهزيمة بأردوغان الذي يحكم تركيا منذ نحو عقدين، أولاً كرئيس للوزراء ثم كرئيس للجمهورية.

مرشح مشترك للمعارضة

وفي المرة الأخيرة التي قدّمت فيها المعارضة مرشحاً مشتركاً للرئاسة، في عام 2014، فاز أردوغان بفارق 13 نقطة.

رغم ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن هناك مرشحَين محتمَلين يمكنهما تحقيق فوز ضخم ضد الرئيس، هما منصور يافاش وأكرم إمام أوغلو، رئيسا بلديتَي أنقرة وإسطنبول.

وحقق يافاش (66 عاماً) معدلات تأييد مرتفعة جداً، من خلال تركيزه على تحسين الخدمات العامة في العاصمة، علماً أنه محافظ وقومي. ويرى مؤيّدوه أنه في وضع مؤاتٍ لكسب أصوات ناخبي أردوغان، كما يمكنه الإشراف على خطة أعدّتها المعارضة، لإلغاء النظام الرئاسي الذي أعدّه أردوغان في عام 2018، واستعادة دور البرلمان.

لكن معظم المحللين السياسيين يعتبرون إمام أوغلو (51 عاماً) المرشح الأقوى، إذ يصف نفسه بأنه ديمقراطي اجتماعي، ويحظى بقبول لدى قطاع أعرض من الناخبين.

عندما انتُخب إمام أوغلو، بهامش ضئيل، رئيساً لبلدية إسطنبول في عام 2019، ألغى أردوغان نتائج الانتخابات، بدعوى تزويرها. لكن إمام أوغلو حقق فوزاً ساحقاً في جولة الإعادة.

تشريع جديد

إلى ذلك، أقر البرلمان التركي أواخر مارس الماضي تشريعاً جديداً يتعلق بالانتخابات البرلمانية، يخفض عتبة دخول البرلمان إلى 7% بعد أن كان على الأحزاب التركية أن تحصل على 10% حتى تتمكن من حجز مقاعد لها داخل مجلس الأمة التركي.

ويبدو أن التشريع الجديد، الذي قدمه  حزب العدالة والتنمية الحاكم، يستهدف مساعدة حزب “الحركة القومية”، أبرز حليف للرئيس رجب طيب أردوغان، في الانتخابات المقبلة.

واعتبر منظمون لاستطلاعات الرأي أن هذا التعديل قد يُضعف أيضاً دعماً تحظى به أحزاب معارِضة، مثل “حزب الشعوب الديمقراطي” الكردي، وهو ثالث أبرز حزب في البرلمان الآن، إذا شعر الناخبون بأن أصواتهم لم تعُد ضرورية من أجل دخول حزب البرلمان، بحسب “بلومبرغ”.

كما أن مشروع القانون المقترح سيسدّ ثغرة تمكّن الأحزاب التي ليس لديها أكثر من 20 نائباً، من تجاوز شرط تأسيس شبكة فروع وطنية، بحسب “بلومبرغ”.

الأزمة الطاحنة

وتحمل المعارضة التركية وخبراء أردوغان وحكومته المسؤولية عن الأزمة الطاحنة والتي تعود أسبابها لسوء الإدارة من جهة ولجبهات المواجهة التي فتحها أردوغان مع شركاء بلاده الأوروبيين والخليجيين في السنوات الأخيرة.

وجزء من الأزمة يعود أيضا إلى تدخلاته في السياسة النقدية وضغوطه على البنك المركزي لخفض سعر الفائدة وهي الضغوط التي يعقبها عادة انهيار قياسي في قيمة الليرة، ما جعل من السوق التركية عالية المخاطر وطاردة للمستثمرين الأجانب الذي عادة ما يعتمدون معايير تتعلق بالاستقرار الأمني والسياسي كمقياس لضخ استثماراتهم.

كما أثر مناخ القمع والترهيب بحق خصومه السياسيين ومعارضيه عموما، على علاقات تركيا الخارجية وجعل البلاد عرضة لانتقادات رسمية ومن قبل منظمات حقوقية دولية غير حكومية.

كما سيواجه أردوغان وحزبه خصوما أكثر قوة مع ملامح تشكل جبهات وائتلافات حزبية لخوض الانتخابات بهدف عزله وإنهاء عقدين من حكمه، بينما من المتوقع أن تبرز  شخصيات وازنة في السباق الرئاسي والتشريعي كانت انشقت عن حزبه وبينهم رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو والوزير الأسبق علي باباجان وآخرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى