أزمة سياسية تتفاعل بين الرباط وأنقرة بعد اجتماع كوالالمبور لقوى الإسلام السياسي المتشددة

قالت مصادر ماليزية مطلعة إن الأزمة الحالية بين المغرب وتركيا، والتي أدت إلى استدعاء السفير المغربي في أنقرة علي لزرق نهاية ديسمبر الماضي، بدأت حين تدخلت تركيا وفرضت قائمة مدعوّين على اجتماع المنظمات المتشددة والإرهابية  في كوالالمبور، كان منهم حزب إسلامي مغربي شبه محظور.

وأشارت المصادر أن المغرب عبّر عن انزعاجه لماليزيا، لكن الحكومة الماليزية أشارت إلى أن تركيا تقدمت بقائمة الأحزاب والشخصيات الإسلامية المشاركة، وأن القائمة شملت حركة “العدل والإحسان” المغربية شبه المحظورة، وأن المغرب الرسمي نأى بنفسه عن أيّ نوع من التمثيل في القمة.

وشملت قائمة الدعوات أيضا حركة “التوحيد والإصلاح” وهي حركة ذات مرجعية إسلامية، تشكل الذراع الدعوي لحزب “العدالة والتنمية” متزعم الائتلاف الحكومي بالمغرب.

الإحسان” كمنظمة شبه محظورة بمرجعية سلفية تعمل خارج إطار المؤسسات السياسية والدستورية بالبلاد.

وأشارت مصادر مغربية إلى أن استدعاء السفير علي لزرق من أنقرة يعكس توترا متزايدا في العلاقات المغربية التركية.

وبعد استدعاء السفير المغربي في أنقرة أعلنت الرباط في السادس عشر من يناير الماضي أنها بصدد مراجعة اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.

وقال وزير التجارة المغربي مولاي حفيظ العلمي حينئذ إن “المغرب يطرح خيارين أمام تركيا، إما مراجعة الاتفاقية والتوصل إلى حلول، وإما تمزيقها”، مشيرا إلى “أن تركيا أغرقت السوق المغربية بالسلع، مما تسبب في ضرر للشركات الوطنية واليد العاملة”.

وسجلت الصادرات التركية إلى المغرب العام الماضي نموا بنسبة 16 في المئة مقارنة مع 2018، لتصل إلى 2.3 مليار دولار.

لكن البعد الليبي في الأزمة أصبح أكثر حضورا بعد أن تحول الدعم التركي لحكومة السراج إلى تدخل عسكري، وعزّز من تفاقم المسألة إصرار رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان على إرسال قوات من المرتزقة من المتشددين السوريين إلى ليبيا، وهو الأمر الذي عدّته الرباط إخلالا كبيرا بمعطيات اتفاق الصخيرات الذي أنتج حكومة الوفاق.

وقال مصدر تركي إن أردوغان حاول أن يوحي بأنه قادر على إيجاد حل لتسوية الخلاف مع المغرب وأنه أرسل أكثر من طلب لزيارة الرباط، وكرر الطلب قبل زيارته الأخيرة للجزائر ودول أفريقيا، لكن المغرب تجاهل الرسائل بشكل كامل.

ويرى المغرب أن تركيا تسعى لفرض نفسها كـ”قوة شمال أفريقية” وهو الأمر الذي يخل بتوازنات إقليمية دقيقة في المنطقة ويفتح جروحا تاريخية.

واعتبرت الرباط أن الحديث عن “ليبيا العثمانية” هو استدعاء لماض استعماري عفا عليه الزمن ولا مكان له في عالم اليوم.

وقطع التدخل العسكري التركي في ليبيا وإرسال المقاتلين لمعاضدة الميليشيات في طرابلس، الطريق على أيّ فرصة لتجاوز الخلاف، الذي نشأ على خلفية قمة كوالالمبور.

ويرى الخبير المغربي في العلاقات الدولية رضا الفلاح أن التدخل التركي في ليبيا يندرج في إطار استراتيجية أطماع السيطرة بالمراهنة على التموقع في المشهد بشكل رئيسي عبر تقديم السلاح وإرسال المقاتلين من سوريا إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني.

وأضاف الفلاح  أن “ما تقوم به تركيا يشكل مجازفة من شأنها إدخال ليبيا في سيناريو اقتتال داخلي على نطاق واسع يؤثر على الأمن القومي المغاربي”.

وتحوم شكوك بشأن لعب تركيا دورا إلى جانب الجزائر لاستبعاد المغرب من الملف الليبي وهو ما عكسه عدم دعوة الرباط إلى مؤتمر برلين حول ليبيا الذي عقد في الـ19 من يناير الماضي.

ويؤكد رضا الفلاح أن التقارب التركي الجزائري الذي ظهر مؤخرا بشأن ليبيا قد يمسّ بمصالح المغرب وقد يلعب ورقة الضغط على الرباط في ملف الصحراء معتقدا أن تركيا قد تذهب إلى هذا الحد وهي تعلم قدرة المغرب على التصدي لسلوكيات عدائية تستهدف وحدته الترابية.

وكانت بوادر التوتر في العلاقات ظهرت نهاية ديسمبر الماضي بعدما قامت قناة “تي أر تي” التركية بنشر مقطع فيديو يشير إلى سيرة مختصرة للانفصالية المؤيدة لجبهة البوليساريو أميناتو حيدر.

ورغم وصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال زيارة إلى الرباط في ديسمبر الماضي الأمر بأنه “سوء فهم”، إلا أن مراقبين يرون أن نشر الفيديو أثار شكوك الرباط بشأن موقف أنقرة من مغربية الصحراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى