أفريقيا.. من أين يأتي التطرف؟

أنور إبراهيم

إنسان أفريقيا بسيط جداً في حياته اليومية، يحاول العيش في هدوء بعيداً عن الصخب والضوضاء والحروب والصراعات، حتى إنه يختار أن تكون حياته ترتكز على البيئة التي يعيش فيها في كل احتياجاته الحياتية “الطبيعة المحلية البسيطة”.

فحبه للسلم جعله في بعض الفترات عرضة الاستعمار والاستغلال والابتزاز من كبرى الدول، التي قسّمت القارة السمراء حسب أهوائها، وعملت على نشر ثقافاتها داخل المكون الأفريقي، وباتت أفريقيا تنقسم بين ولاءات متعددة بحسب الثقافات واللغات التي هي في الأصل دخيلة على هذه المجتمعات التي لها موروثاتها العقائدية والتاريخية، وتعد أقدم من أي قارة أخرى في العالم.

الاستعمار أضر بإنسان القارة السمراء؛ بإدخاله مختلف الأفكار والأديان والمذاهب، ونشر العديد من الأشياء التي كان إنسان المنطقة في غنى عنها، وأوفد أشياء متعددة كانت السبب في انقسام الشعوب حتى داخل القومية والعرقية الواحدة. ليس هذا فحسب، بل إن بعض الثقافات والأفكار المتعددة تغلغلت لتكون مسماراً في نعش السلم والأمن الخاص بالإنسان الأفريقي.

حتى وقت قريب لم تكن أفريقيا تعرف سوى حركات التحرر الوطني التي كانت تهدف إلى تحرير القارة السمراء وشعوبها من براثن المستعمر، إلا أنه مع مرور الوقت انتشرت الجماعات التكفيرية والمتشددة، وهي تحركات قامت بها مجموعات تحاول فرض أفكار ومعتقدات وافدة على هذا المجتمع.

تطورت تلك التحركات مع هجرة العقول والأيدي العاملة الأفريقية للتعليم والبحث عن العمل والمال، ومن قبلها كانت العبودية التي عملت على سرقة وتهجير عدد كبير من الشباب والأسر الأفريقية للعمل في حقول ومصانع أوروبا.

عادت تلك المجموعات حاملة أدياناً ومعتقدات مختلفة أو تعاليم متعددة، وأفكاراً كانت المناطق الأفريقية في غنى عنها، وباتت أكبر التحديات في وقتنا الحالي، وتسببت في ظهور العديد من التحركات، وانتشار الجماعات الإرهابية التي باتت أكبر مهدد لأمن أفريقيا وإنسانها.

الغريب في الأمر أن إنسان المنطقة، كان يمد يده من أجل قطعة خبز أو حفنة من القمح المدعوم دولياً، أو بحثاً عن الدواء، ويعود أدراجه بخفي حنين، فيما المجموعات المتشددة والإرهابية والجماعات التي تعيث في الأرض فساداً، تجد دعماً خارجياً من عتاد وسلاح يقدر بملايين الدولارات، من أجل الاقتتال وسفك دماء الأبرياء، وتحويل المنطقة إلى ساحات حرب، من أجل سلطة لمجموعة محددة يقف خلفها طامعون أو حرب بالوكالة لأهداف غير معلومة.

كان يمكن أن تتحول تلك الملايين لأغذية وأدوية ومواد تعليمية، تنقذ العديد من أطفال القارة، من الجهل والجوع والتخلف، وتصنع أجيالاً يكون لها مستقبل واعد لقيادة دول وحكومات القارة لمستقبل أفضل.

تعد كل الأفكار والتحركات التي تعرقل سلام واستقرار القارة الأفريقية وافدة من الخارج، مدعومة بأموال الغير التي تفيض عن خزائنهم؛ لأن أفريقيا ليس لديها مال تدفعه في الصراعات ودعم الجماعات الإرهابية؛ فإمكاناتها المالية نادراً ما تسد رمق جوع أطفالها الفقراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى