أنقرة توسّع دائرة هجومها على شمالي العراق

أثارت تدخلات النظام التركي في عدد من البلدان  قلق الإقليم والعالم، وأشعلت اتهامات المعارضة في الداخل بأنها تسعى لصرف الاهتمام عن أزمة اقتصادية ونكسات سياسية بعد 17عاما في السلطة.

ووسّعت أنقرة دائرة هجومها الأخير في شمالي العراق ضد المسلحين الأكراد، لتصل عمق غير مسبوق، وصاحب ذلك تشييد قواعد عسكرية، ليتضح أن ذلك جزء من استراتيجية جديدة لأنقرة في التوسع عسكريا إلى ما وراء حدودها.

وتجتذب حملة أنقرة الجديدة العابرة للحدود التي تحمل اسم “المخلب” قدرا أقل من الاهتمام مقارنة بتوغلاتها في سوريا المجاورة.

ويرجع السبب في ذلك جزئيا إلى أن قوات النظام التركي موجودة أصلا في العراق منذ فترة طويلة، لكن ذلك الوجود جزء من استراتيجية هدفها دفع خطوط القتال لما وراء الحدود بعد سنوات من الصراع وإراقة الدماء في الداخل.

وتحارب أنقرة تمردا يشنه حزب العمال الكردستاني في جنوبها الشرقي الذي يغلب عليه الأكراد وقٌتل فيه 40 ألف شخص منذ الثمانينيات وكان يٌدار إلى حد كبير من داخل العراق.

وبعد انهيار جهود السلام في 2015، اندلع القتال الشرس مجددا في تركيا. ومنذ ذلك الحين، تسعى حكومة أردوغان إلى معالجة ما تقول إنها جذور الأزمة.

وقال مسؤول تركي لوسائل اعلامية  إن “النهج الجديد يهدف إلى تدمير التهديد من المكان الذي ينطلق منه”.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن هجوما بريا بدأ في 17 يونيو أطلق عليه اسم “عملية مخلب النمر” شهد تقدم القوات التركية لمسافة 40 كيلومترا داخل العراق وإقامة أكثر من 30 قاعدة مؤقتة.

ومن الصعب التحقق من المزاعم التركية المتكررة حول تحقيق مكاسب عسكرية في صراع يدور بعيدا عن الأضواء، لكن محللين ومسؤولا كرديا عراقيا يقولون إن الهجمات الجوية والبرية تتجاوز في مداها العمليات المعتادة التي تقوم بها أنقرة.

واستدعت بغداد السفير التركي الشهر الماضي لتقديم شكوى رسمية، لكن سلطة الحكومة المركزية محدودة في المنطقة شبه المستقلة، فيما تلزم حكومة إقليم كردستان بشمال العراق الحذر خشية استعداء تركيا.

وقال مسؤول في حكومة إقليم كردستان إن “بغداد تتحلى بالهدوء الشديد ونحن مضطرون لأن نكون هادئين للغاية، وإلا فسنخاطر بالتصعيد مع تركيا”.

وتأتي العملية العراقية بعد أن شنت تركيا ثلاث عمليات توغل في شمال سوريا في ثلاث سنوات لإبعاد مقاتلي حزب العمال الكردستاني وداعش من حدودها، ثم نشرت قوات لها في محافظة إدلب لوقف هجوم الحكومة السورية المدعوم من روسيا ضد الفصائل الموالية لأنقرة.

كما استعرضت أنقرة قوتها في شرق البحر المتوسط، وحولت مسار الصراع في ليبيا عبر المساعدة في صد هجوم على طرابلس، وأقامت قواعد عسكرية في قطر والقرن الأفريقي.

ولعبت الطائرات المسيرة المدججة بالسلاح التي يتم تصنيعها محليا دروا كبيرا في تعزيز القدرات العسكرية التي تستعرضها تركيا.وجعل ذلك تركيا قادرة في العراق على مهاجمة المسلحين في مناطق كان يستعصي عليها الوصول إليها في السابق.

وتقول المجموعة إن 5000 شخص قتلوا في الصراع على النطاق الأوسع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني منذ انهيار وقف إطلاق النار في عام 2015، عشرة في المئة منهم في شمال العراق.

وحتى هذه اللحظة من هذا العام، قفز نصيب العراق من قتلى حزب العمال الكردستاني إلى 70 في المئة.

ويقول مسؤولون أتراك إن أحدث جولة من القتال تستهدف بضع مناطق حدودية بينها حفتانين ومتينا بالقرب من سوريا غربا، ومناطق أقرب إلى إيران بما في ذلك أفاسين وهاكورك، وهي نقطة انطلاق محتملة إلى قنديل جنوبا.

وقال مسؤول تركي ثان إن “عملية العراق هدفها تأمين حدود تركيا، ومنع عبور (مقاتلي حزب العمال الكردستاني) إلى سوريا، والتسلل من هناك إلى تركيا.. في الوقت المناسب سيجري تقييم (لاستهداف) قنديل”.

وبشكل أساسي قد يكون التقدم المحرز على الأرض هو الذي يقود تركيا ويوجهها بشكل لا يرقى إليه أي رد من بغداد.

وتعاني الحكومة العراقية تحت وطأة التناحر السياسي والأزمة الاقتصادية واحتمال اندلاع مزيد من الاضطرابات الشعبية،

وكانت علاقاتها مع الأكراد في غالب الأحوال مشحونة بالتوترات، خاصة بعدأن منعت قواتها محاولة كردية للاستقلال في عام 2017.

وقال بلال وهاب من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “في نهاية المطاف تتطلب هذه الأمور (إبداء) قدر من الاحترام لسيادة العراق ووجود نوع ما من السلطة.. في كلتا الحالتين، أصبح العراق ضعيفا لدرجة أنه بات من الصعب عليه مطالبة أحد بإبداء مثل هذا الاحترام”.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى