أوروبا تتحرك لمواجهة أخطار تنظيم الإخونجية في بلدانها

فتح الهجوم الإرهابي الذي شهدته النمسا مطلع نوفمبر الماضي، وأسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 20 آخرين، الباب واسعا أمام الإجراءات الأوروبية لملاحقة عناصر تنظيم الإخونجية، خاصة بعد أن بينت التحقيقات أن منفذ الهجوم كان على صلة بالتنظيم، وأنه كان معروفا لأجهزة الأمن وأراد السفر إلى سوريا للالتحاق بداعش.

الهجوم الدامي سبقه بعدة أشهر هجوم إرهابي مماثل في مدينة نيس الفرنسية، وأيضا حادث ذبح المدرس الفرنسي صامويل باتي، وكلها جرائم أثبتت التحقيقات صلة منفذيها بتيارات التشدد الديني السياسية، وفي القلب منها تنظيم الإخونجية.

لم يكن التحول في الموقف الأوروبي تجاه تنظيم الإخونجية وليد لحظة أو محض صدفة، ولكنه كما وصفه مراقبون “رد فعل”، وتحرك مضاد لمواجهة الخطر الذي يمثله التنظيم، خاصة بعد ازدياد حجم العمليات الإرهابية داخل أوروبا، وتورطه في دعم العديد من التنظيمات الإرهابية، أبرزها داعش والقاعدة.

تشريعات جديدة

ووفق المحلل السياسي، مدير تحرير “صوت الضفتين” بباريس، نزار جليدي، فإن السجل الإجرامي لتنظيم الإخونجية والمنظمات التي تتحالف معها، هو ما دفع أوروبا لصياغة تشريعات جديدة تستهدف محاصرة نشاط هذه التنظيمات، وفرض رقابة مكثفة على تحركات أعضائها ومصادر تمويلها.

ويؤكد جليدي، أن الإجراءات الأوروبية، وتحديدا في ألمانيا، التي بها أكبر عدد من المهاجرين، ستعتمد على تجفيف منابع تمويل المؤسسات والجمعيات الذي يعمل التنظيم تحت عباءتها.

ويلفت إلى أنه ستكون هناك قوانين جديدة “أكثر صرامة”، بشأن تدشين تلك الجمعيات، وكذلك تقليص مصادر تمويلها ومنع الفعاليات والأنشطة التي تمارسها على مدار العام، والتي تعد بؤرة لتجنيد الشباب من أبناء الجاليات ونشر الفكر المتطرف بين مجتمعات جديدة.

ويقول جليدي إن النصف الثاني من عام 2021 سيشهد “الكثير من التضييق على نشاط الإخونجية في أوروبا”، مشيرا إلى أن الهدف منها كذلك هو “الداعم الأكبر” لكل هذه التنظيمات، رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، “الذي يستخدم التنظيمات الإرهابية كأداة لتنفيذ أجندته في المنطقة والضغط على أوروبا في عدة ملفات”.

ويضيف: “أنقرة استخدمت التنظيم كأداة وظيفية للضغط على أوروبا، وكذلك التنظيمات الإرهابية مثل داعش، لذلك فإن هذه التضييقات ستسهم بشكل كبير في قطع ذراع يستخدمها أردوغان لتحقيق مشروعه”.

جهود مشتركة لمواجهة التنظيم

ويتابع: “منذ عام مضى، وتحديدا عقب هجمات نيس بفرنسا، بدأت أوروبا تدرك حجم الخطر الذي تمثله تنظيمات الإرهاب على أمنها واستقراراها، وبات معروفا مصدر هذه القنابل الموقوتة والذئاب المتمردة، مما دفع أوروبا لتوحيد جهودها والتعاون المشترك لمواجهة تلك التنظيمات المدعومة من الخارج”.

ويشير إلى أن تنظيم الإخونجية “استغل الظروف الاجتماعية والثقافية لسكان بعض الضواحي، خاصة الجاليات المسلمة، ولعب على المتناقضات لنشر الفكر المتطرف والتكفيري لدى أبنائها، وأصبح تقيم حلقات لتعليم قيم العنصرية والتطرف الديني”.

كما يلفت المحلل السياسي إلى “عملية غسيل الأموال والتمويلات الضخمة التي تتلقاها تلك المؤسسات، والتي سمحت لها بتكوين شبكات ضخمة من المؤيدين، وجعلتها بؤرة لتجنيد الأعضاء في التنظيمات الإرهابية خارج البلاد”.

الذئاب المنفردة

ويوضح الجليدي أن ظاهرة “الذئاب المنفردة التي انتشرت بأوروبا خلال السنوات الماضية، ونفذت عمليات إرهابية لصالح تنظيم داعش الإرهابي، بعد مبايعته عبر الإنترنت، لم تكن سوى نتاجا لهذه البؤر”.

وأوردت دراسة عن المجلس الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن خط التنظيمات الإرهابية في أوروبا، يتمثل في تجنيد واستقطاب الشباب، حيث قضت محكمة نمساوية في 29 نوفمبر 2018، بالسجن 8 أعوام على شخص يبلغ من العمر 38 عاما، لإقناعه عائلتين مع أطفالهما التسعة بالانضمام إلى تنظيم داعش في سوريا.

والخطر الثاني يتعلق بنشر الفكر المتطرف، حيث أعلنت السلطات النمساوية في 8 يونيو 2018، طرد 60 من الأئمة وعائلاتهم، الذين يحصلون عل تمويل خارجي من تركيا، وذلك لمكافحة الفكر المتشدد والجماعات المتطرفة.

كما أغلقت 7 مساجد، في حملة تستهدف التطرف، وذلك عقب تحقيق أجرته سلطة الشؤون الدينية.

ويتعلق الخطر الثالث وفق الدراسة، بـ”تحويل الثقافة الدينية السياسية”، حيث كشف تقرير عن وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات النمساوية، بدعم من صندوق التكامل النمساوي والمكتب الفدرالي لحماية الدستور ومكافحة الإرهاب، “استغلال الإخوان أموال الحكومة النمساوية ومدارسها، ونشر التطرف في الجاليات الإسلامية المحلية”.

كما كشف أن التنظيم “استخدم على نحو انتقائي العنف، وفي بعض الأحيان الإرهاب، سعيا وراء أهدافه المؤسسية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى