إعلام الإخوان.. مَن هؤلاء وماذا فعلوا؟

ضياء رشوان

تكشف المتابعة التحليلية لوسائل إعلام الإخوان، تقليدية أو حسابات وسائل تواصل، موجهة من الخارج ضد بلدهم المفترض، مصر، جانبا إضافيا يتعلق بمجموعة أعضاء إخوان وملتحقين بهم، يقومون على بث ونشر دعايتهم.

فهؤلاء يفرطون في الإطلال من شاشات التليفزيون والصحف ووسائل التواصل ويُلحُّون، ليس فقط على الظهور اليومي، بل وعلى مدار الساعة في كل أيام الأسبوع، مصرين دوما على اتباع منهجهم الدعائي الذي سبق لنا تناول بعض من سماته في مقالات سابقة.

ونظرا لهذا الإلحاح والإفراط في الظهور ولطول مدة عمل هؤلاء في وسائل الدعاية والإعلام الإخوانية لمدة تقارب اليوم نحو عشر سنوات، فقد ألِف مَن يرونهم أو يسمعون عنهم وجوههم وعرفوا أسماءهم وطرق دعايتهم، لدرجة أن السؤال المزدوج البديهي الرئيس المفترض طرحه منذ بداية ظهورهم قد غاب واختفى وراء تراكم العادة، وهو: مَن هؤلاء؟ وما أدوارهم في بلدهم مصر قبل أن يفروا منه، سواء قبل ثورة يناير 2011 أو بعدها؟

والحقيقة أن طرح هذا السؤال المزدوج لا يرمي سوى إلى التعرف الحقيقي على هؤلاء الأشخاص من إخوان وملتحقة بهم، وبيان حقيقتهم وأدوارهم المزعومة، في ظل ما يقدمون به أنفسهم يوميا وعلى مدار الساعة، باعتبارهم من صانعي تاريخ مصر الحديث من ناحية، ومن ناحية ثانية بأنهم الأقدر والأكثر خبرة في إدارة الدول بكل مجالاتها، من اقتصاد وسياسة وعسكرية وسياسات خارجية وغيرها.

والحقيقة أن مَن يشاهد ويستمع إلى “حكاوي” هؤلاء عما جرى في مصر خلال الأعوام التالية لثورة 2011 وقبلها، يُخيّل إليه أنه أمام قيادات كبرى ورموز مهمة لتيارات وقوى وأحزاب سياسية مصرية ضخمة، كانت لهم بصماتهم المشهودة في مسار البلاد خلال عقدين سابقين على الأقل، وكانوا من الصناع الرئيسيين لثورة يناير 2011.

ويحاول بعض من هؤلاء الإعلاميين الدعائيين من الإخوان والملتحقة إعطاء الانطباع بأنهم يواصلون من خارج بلدهم المفترض مشوارا إعلاميا ثريا بدؤوه فيه لسنوات طويلة، بحيث كانوا عندما غادروه “نجوما زاهرة” تتابعهم الجماهير أينما ظهروا!

إلا أن التحليل المدقق لهؤلاء الأشخاص وما هو متوافر من سيرهم الذاتية وما هو معروف ومتداول في الأوساط السياسية والإعلامية والثقافية المصرية مكتوبا ومسجلا وشفهيا، يؤكد أن الغالبية الساحقة منهم لم يكن لهم دور على صعيد السياسة المصرية، خاصة معسكر المعارضة بكل أطيافه، ولا أي وجود يذكر، لا خلال العقد الأخير من حكم الرئيس الأسبق مبارك، ولا في أي وقت من أحداث ثورة يناير، ولا بعدها، ولا حتى عندما انفرد الإخوان بحكم مصر برلمانا وحكومة ورئاسة لنحو عام ونصف العام.

وعدا واحد أو اثنين منهم، كان الباقون نكِراتٍ في مجال السياسة، لا يعرف بوجودهم فيه حتى أقرب جيرانهم في السكن أو العمل.

ولا يختلف الأمر كثيرا فيما يخص مجال الإعلام، فبخلاف اثنين منهم كان لهم وجود هزيل لا يكاد يلحظ في الإعلام المصري بعد ثورة يناير، فالباقون كان أكثرهم خبرة وشهرة يعمل مراسلا صحفيا أو إعلاميا متواضعا لدى صحف ووسائل إعلام أكثر تواضعا.

إذًا، نحن إزاء ظاهرة ملفتة جدا للانتباه، وهي حالة “انتحال” جماعية لصفات وأدوار لم تحدث قط سوى في خيالات هؤلاء المنتحلين لصفة السياسيين ذوي الأدوار التاريخية والمؤهلين تماما، بحسب زعمهم، للحكم الصحيح على ما يجري في مصر، بل وحكم مصر نفسها، ومعهم مختلِقو السير والتواريخ الإعلامية “اللامعة”!

ويعتمد كل هؤلاء في الحقيقة على أمرين لتأكيد هذه الانطباعات الزائفة:

أولا، الإفراط في الظهور والإلحاح المستمر على وسائل إعلامهم، ما يعطي مَن يراهم “التعود” على وجوههم.

وثانيا، رواية الآحاد، التي هي روايتهم عن أنفسهم وبأنفسهم، دون دليل واحد ولا شاهد وحيد على ما يزعمونه من خبرة سابقة وحالية بالسياسة أو بالإعلام، بحيث تتحول مع الإلحاح اليومي عليها منهم إلى “حقائق” تستقر لدى الناس، وهم الوحيدون الذين يعرفون أنها محض “أكاذيب” فادحة وفاضحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى