اتحاد الشغل التونسي يحذر من اختراق تركي لسيادة البلاد

حذر الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي في خطاب الذكرى التاسعة للثورة، الثلاثاء، من اختراق سيادة البلاد، ردا على زيارة رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان قبل أسابيع لتونس.

وقال نورالدين الطبوبي، الأمين العام للمنظمة النقابية ذات النفوذ القوي في تونس، أمام حشد من العمال في كلمة له من شرفة المقر المركزي للاتحاد“أردوغان أو غيره، السيادة خط أحمر ولا ولاء لغير تونس، تونس أكبر من أردوغان ومن أي محاور”.

وأضاف الطبوبي ” نُدين التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي ودعوات الحرب التي أصبحت بعض الدول تدق طُبولها من وراء البحار خدمة لمصالحها على حساب الشعب الليبي، في تحد سافر للأعراف والقوانين الدولية”.

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، قام رئيس النظام التركي أردوغان بزيارة لم يعلن عنها مسبقا إلى تونس، يرافقه وزيرا الدفاع والخارجية ومدير المخابرات، في وقت كان يجري فيه التحضير في أنقرة لإرسال جنود أتراك وعتاد عسكري إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.

وأثارت الزيارة جدلا واسعا في تونس بشأن إمكانية استخدام التراب التونسي لتدخل عسكري تركي محتمل في ليبيا، لكن الرئاسة التونسية أعلنت في بيان أن مثل هذا الأمر “غير مطروح وغير قابل للنقاش”.

وقال الطبوبي “نرفض أن تتورط بلادنا في الأحلاف الدولية المشبوهة مهما كان غطاؤها، ونهيب بالسلطات جميعها لرفع حالة اليقظة والحذر للحيلولة دون تحويل تونس ممرا للأسلحة أو قاعدة للاعتداء على الشعب الليبي أو معبرا للدواعش نحو ليبيا الشقيقة أو ملاذا لهم”.

ووجه رئيس اتحاد الشغل عبر انتقاداته اللاذعة لتنامي الدور التركي في الجارة ليبيا، رسائل إلى حركة النهضة الإسلامية وزعيمها راشد الغنوشي، التي يصنفها مراقبون في خانة الأحزاب الإسلامية الداعمة للتوجهات التركية في المنطقة.

وعبرت أوساط سياسية عن قلقها من تبعات لقاء الغنوشي بأردوغان خاصة أنه يأتي مباشرة بعد أن صوت البرلمان بأغلبية واسعة ضد منح الثقة للحكومة المقترحة من مرشح حركة النهضة الإخونجية الحبيب الجملي.

واعتبرت أحزاب سياسية أن اللقاء المغلق يفضح خضوع حركة النهضة الإخونجية للتوجهات التركية، فيما رأى آخرون أنه مخالف للأعراف الدبلوماسية.

ولم تتردد أحزاب مثل الحزب الدستوري الحر في طلب سحب الثقة من راشد الغنوشي وهو رئيس للبرلمان في تونس، على خلفية هذه الزيارة، وبدأ الحزب بالفعل بجمع إمضاءات لنواب البرلمان لتمرير العريضة أولا، ومن ثم الدعوة للتصويت لسحب الثقة التي تشترط التصويت بالأغلبية المطلقة.

 من جهتها، أوضحت حركة النهضة الإخونجية أن لقاء الغنوشي بأردوغان كان بصفته رئيسا للحزب ووفق موعد سابق.

ومنذ اندلاع ثورة يناير أثيرت في المشهد السياسي التونسي الكثير من الأسئلة حول العلاقة بين حركة النهضة الإخونجية وتركيا، ففيما تؤكد الحركة الإسلامية أن أنقرة تعد من أكثر الداعمين للثورة التونسية، يرى الكثير من المتابعين والخبراء أن تركيا هي المستفيدة من تونس وليس العكس.

ويرى المتابعون أن تركيا التي تدعم حركة الإسلام السياسي في المنطقة، تستخدم الأحزاب الإسلامية التي تواليها لتنفيذ أجنداتها وتوسيع نفوذها وهو ما تجلى مؤخرا في المشهد الليبي بتوقيع حكومة السراج اتفاقا عسكريا يقوّض السيادة الليبية، كما أعلنت إرسال قواتها إلي ليبيا، ما من شأنه أن يؤجج النزاع بالبلد.

وستزيد رسائل اتحاد الشغل للنهضة من حالة التخبط التي تغرق فيها الحركة بعد رفض حكومتها في البرلمان، ما يجعلها ضعيفة على غير العادة أمام بروز ملامح لتغيير موازين القوى بمساعي الأحزاب المنتمية للعائلة الحداثية التوحد في كتلة وازنة موحدة لمواجهة نفوذ النهضة، الحزب صاحب الأغلبية.

ومن أبرز دوافع رفض البرلمان لحكومة الحبيب الجملي الشكوك حول استقلاليته، حيث اتهم بالمناورة وتشكيل حكومة على مقاس حركة النهضة والولاء لها سرّا.

 وفي هذا الصدد، طالب الأمين العام لاتحاد الشغل بالإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ لها برنامج بروح اجتماعية.

ودعا الطبوبي، رئيس الجمهورية قيس سعيّد، إلى “تكليف شخصية توافقية جامعة لرئاسة الحكومة، مشهود لها بالكفاءة ونظافة اليد، تعمل على الإسراع بتكوين حكومة إنقاذ ويكون لها برنامج بروح اجتماعية تستجيب لتطلعات شعبنا وفئاته الاجتماعية المختلفة”. وبات الرئيس التونسي يملك زمام المبادرة لتكليف شخصية من أجل تكوين حكومة بعد سقوط حكومة الحبيب الجملي.

وشدد أمين عام اتحاد الشغل، على أن “تكون الحكومة القادمة، حكومة محدودة العدد ويشهد لأعضائها بالكفاءة ونظافة اليد والنزاهة”.

وأمهل الرئيس التونسي قيس سعيّد الأحزاب والكتل البرلمانية حتى الخميس لتقديم مقترحاتها بشأن الشخصية المرشحة لتكوين الحكومة، بعد فشل الحكومة المقترحة من قبل الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان.

وطالب الرئيس سعيّد، في مراسلة رسمية، الثلاثاء، الأحزاب والكتل البرلمانية بتقديم الشخصيات المرشحة “مع بيان دواعي هذا الاختيار والمعايير التي تم اعتمادها في ذلك”.

وتنتظر تونس الحكومة العاشرة منذ سقوط حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في الرابع عشر من يناير من عام 2011 لتبدأ بعدها انتقالها الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى