احتجاجات واسعة ضد اعتقال رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان

السلطات الباكستانية تشتبك مع المتظاهرين وتحظر التجمعات وتعلق خدمات بيانات الهاتف المحمول

قتل أحد أنصار رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، وأصيب آخرون، خلال احتجاجات وتظاهرات حاشدة شهدتها عدة مدن باكستانية، إثر اعتقال خان، فيما أصدرت السلطات أمراً طارئاً يحظر جميع التجمعات واشتبكت الشرطة مع المحتجين.

وقال وزير داخلية إقليم بلوشتسان ضياء الله لانجوف، إن الاشتباكات أسفرت عن سقوط أحد المحتجين وإصابة 12 شخصاً، من بينهم 6 من ضباط الشرطة في مدينة كويتا الجنوبية.

وفرضت السلطات في ثلاثة من أقاليم باكستان الأربع، أمراً طارئاً يحظر جميع التجمعات، بعد أن اشتبك أنصار عمران خان مع الشرطة، وأغلقوا الطرق الرئيسية في عدد من المدن، واقتحموا المباني العسكرية في لاهور وروالبندي، وفقاً لشهود ومقاطع فيديو نشرها حزبه.

وقالت هيئة مراقبة الاتصالات الباكستانية، إنه تم تعليق خدمات بيانات الهاتف المحمول بناءً على أوامر من وزارة الداخلية.

وكشفت منظمة “نت بلوكس”، وهي مراقب عالمي للإنترنت، أنَّ الوصول إلى تويتر وفيسبوك ويوتيوب في باكستان “أصبح مقيداً”.

إغلاق المدن والطرق السريعة الرئيسة

ودعا حزب “حركة الإنصاف” الباكستانية الذي يتزعمه خان، أنصاره إلى “إغلاق باكستان” بسبب اعتقاله. وكتب الحزب على تويتر: “حان وقتكم يا شعب باكستان. لقد وقف خان دائماً معكم، والآن حان الوقت للوقوف إلى جانبه”.

ورداً على الدعوة، أغلق مئات من أنصار خان الشوارع في المدن والطرق السريعة الرئيسة، في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك بلدة لاهور مسقط رأس خان.

وقال حزب خان، إنه تم إطلاق النار على المتظاهرين خارج مقر قيادة الجيش في لاهور، مشيراً إلى وقوع عدد من الإصابات.

وفي إقليم البنجاب، تقرر إغلاق جميع المدارس الخاصة والعامة في 10 مايو بسبب الاحتجاجات العنيفة في مختلف المدن.

تظاهرات حاشدة

كما شهد إقليم خيبر باختونخوا الشمالي الغربي، تظاهرات حاشدة حيث تم وضع الشرطة في حالة تأهب قصوى وحُظِرت التجمعات العامة.

ووفقاً لموقع “إندبندنت أوردو”، شهد الإقليم مواجهات بين الشرطة وعمال ينتمون لحزب خان، مع محاولة العمال اقتحام مقرات حكومية. ونقل الموقع عن مسؤول في الشرطة قوله، إن قوات الأمن ووكالات إنفاذ القانون الأخرى، تبذل جهوداً للسيطرة على الوضع، لكنها تواجه صعوبات بسبب العدد الكبير من العمال الذين تجاوز عددهم 5 آلا عامل.

وكشف زهيب محسن، المسؤول البارز في شرطة بلوشستان، أنَّ حظراً شاملاُ فُرض في إقليم بلوشستان بجنوب غرب البلاد، حيث أسفرت اشتباكات في العاصمة كويتا بين الشرطة والمتظاهرين عن إصابة ما لا يقل عن 12 أشخاص، بينهم 6 من رجال الشرطة.

كما أغلق المتظاهرون الطرق الرئيسة في مدينة كراتشي الساحلية وأحرقوا سيارة شرطة وسيارة سجن ونقطة تفتيش للقوات شبه العسكرية.

وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في العاصمة إسلام أباد، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز”.

وقالت شرطة إسلام أباد إن 5 ضباط أصيبوا في الاحتجاجات، مشيرة إلى أنه تم حتى الآن اعتقال 43 متظاهراً لخرقهم القانون.

وقال وزير الداخلية الباكستاني رنا ثناء الله، إنه لن يكون هناك أي تسامح مطلقاً مع أولئك الذين يأخذون القانون بأيديهم.

وأضاف ثناء الله أنَّ “السلوك غير القانوني والمشاغب في الأمور القانونية لن يتم التسامح معه”، وذلك بحسب “إندبندنت أوردو”.

وأشار إلى أنه “تقرر التعامل بيد من حديد في التعدي على ممتلكات الحكومة أو تخريبها”، كما تم توجيه قوات الأمن للتعامل وفق القانون، مع من وصفهم بـ”الأوغاد والحمقى”.

مزاعم وزير الداخلية

وزعم وزير الداخلية للصحافيين، إن عمران خان اعتقل من قبل مكتب المحاسبة الوطني (NAB)، بعد أن تجاهل الإخطارات لتسليم نفسه.

وأشار إلى أنَّ خان وزوجته متهمان بتلقي أرض تصل قيمتها إلى 24.7 مليون دولار، عندما كان لا يزال رئيساً للوزراء، من مطور عقاري اتهم في بريطانيا بغسل الأموال.

وأضاف ثناء الله أنَّ السلطات البريطانية أعادت 190 مليون جنيه إسترليني (240 مليون دولار) إلى باكستان، فيما يتعلق بغسيل الأموال، لكن خان أعاد الأموال إلى المطور بدلاً من الاحتفاظ بها في الخزانة الوطنية، بحسب ما نقلته “رويترز”.

وقال مكتب المحاسبة الوطني في بيان إنَّ “خان متهم بارتكاب جريمة فساد وممارسات فاسدة”، فيما أشارت قناة “جيو تي في” الباكستانية إلى أنَّ خان سيمثل أمام محكمة لمكافحة الفساد، الأربعاء المقبل.

في المقابل نفى خان ارتكاب أي مخالفة، متهماً الحكومة بتلفيق قضايا له لإبعاده عن المشهد السياسي.

بدورها، رفضت المحكمة العليا في إسلام أباد طلب الإفراج عن  خان، معتبرة أن اعتقاله خلال ظهوره في المحكمة تم بشكل قانوني.

تآمر الجيش

وقبيل اعتقاله كرر خان اتهاماته للجيش بالتآمر عليه ومحاولة اعتياله، كما تحدث عن دور مزعوم للاستخبارات في مصرع صحافي باكستاني شهير في كينيا أكتوبر الماضي، وفقاً لـ”رويترز”.

ونفى الجيش، الاثنين، مزاعم خان، مشيراً في بيان نادر إلى أنَّ خان استهدف مسؤولي الجيش والاستخبارات بـ”تلميحات ودعاية مثيرة”، لتعزيز أجندته السياسية.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أدى اعتقال خان إلى تكثيف المواجهة بين الجيش الباكستاني القوي، ورئيس الوزراء السابق، وإدخال البلاد في منطقة سياسية مجهولة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بينما واجه القادة الباكستانيون الاعتقال من قبل، فإنه لم يسبق لأي شخص مثل خان أن تحدى بشكل مباشر وبدعم شعبي جماهيري، الجيش، الذي ظل لعقود من الزمان القوة الخفية وراء الحكومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى