اختطاف وزير إعلام السراج في ليبيا

الصراع على النفوذ والمال يتصاعد بين الميليشيات في طرابلس

فجر الأربعاء داهم ما يعرف بمليشيا ( ثوار طرابلس ) منزل محمد بعيو المكلف من فايز السراج بإدارة إعلام حكومته غير الدستورية، واقتادته مع ولديه إلى أحد مرتكزاتها بالعاصمة الليبية.

وكشفت مصادر ليبية أن حادث اختطاف محمد بعيو وزير إعلام السراج، تقف خلفه تصفية حسابات قديمة وصراعات على الاعتمادات المالية وتقسيم النفوذ بين ميليشيات حكومة طرابلس.

وجاء الاختطاف بعد 40 يوما من تنصيبه على رأس إعلام ميليشيات حكومة السراج في 10 سبتمبر الماضي وذلك بعد وظيفته السابقة كمستشار إعلامي للإخونجي الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي بطرابلس.

وتشير المصادر إلى أن الاختطاف سبقته حرب مستترة وعلنية وحلقات من الشد والجذب والتهديدات بالقتل بين محمد بعيو المختطف من جانب والميليشياوي أيوب أبو راس والإعلامي الإخواني سليمان دوغة المقيم في إسطنبول من الجانب الآخر.

ويكشف الناشط السياسي الليبي عيسى رشوان النقاب عن الجانب المستتر في القضية والذي يعود ليوم 12 سبتمبر الماضي حين أعلن بعيو بدء عمله بميزانية سنوية قدرها 135 مليون دينار ليبي لإعادة هيكلة الإعلام التابع للوفاق في طرابلس.

ويضيف رشوان في حديث لوسائل الاعلام أن الخلاف دب بين أجنحة الإخونجية المتنافسة في طرابلس ومارس سليمان دوغة ضغوطا غير مباشرة على السراج لإلغاء قراره بتعيين بعيو وشكل جبهة ضغط من الجناح الإخواني التابع لمفتي القاعدة الصادق الغرياني.

ويكمل رشوان أن هذه الضغوط أثرت في السراج مما جعله يمنح بعيو مبلغ 5 مليون فقط من الميزانية المطلوبة وهو ما قابله الأخير بفتح ملف حصول دوغة على مبلغ 28 مليون دولار عام 2013 من حكومة على زيدان لإنشاء قناة باسم ( ليبيا الإخبارية ) ولم تخرج للنور.

وفي خطوة أثارت حفيظة إعلاميي الاخونجية، أعلن محمد بعيو في منشور له عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” أنه تسلم ميزانية المؤسسة الليبية للإعلام، وسيبدأ العمل قريباً على ما سماه “المشروع الوطني للإعلام” والذي سيهتم بالدورات التدريبية والندوات واللقاءات الشعبية والمؤتمرات الإعلامية عن طريق تشكيل لجان شعبية تعمل على التحضير لهذه الملفات.

وقال بعيو أن ميزانية المشروع تبلغ سنويا 135 مليون دينار وهي الخطوة التي فسرها البعض أنها تأتي على طريق الكيد بين الزميلين السابقين بعيو ودوغة في إشارة مستترة من بعيو إلى أن الاموال التي صرفت على إعلام الإخوان في طرابلس وإسطنبول ذهبت سدى وأنه سيؤسس لإعلام جديد.

ويذكرأن بعيو من أبناء مدينة مصراته وكان من أبرز المدافعين عن نظام العقيد القذافي وجمعه مع  الاخواني سليمان دوغة سابقا  ما عرف بـ (مشروع ليبيا الغد ) الذي أطلقه الدكتور سيف القذافي عام 2009 مع عناصر إخوانية وسلفية جهادية قالت إنها أجرت مراجعات فكرية بعد فترة طويلة من حملهم السلاح ضد النظام.

كما يذكر أن بعيو كان من أشد المنتقدين لأداء شركة ( الغد ) الإعلامية التي كان يعمل بها دوغة وآخرين من عناصر الإخونجية والجماعة المقاتلة والقاعدة.

وترسم هذه الحادثة إحدى ملامح المرحلة التي تمر بها ليبيا تحت سطوة الإخونجية ومليشياته المتصارعة منذ سقوط الدولة في الفوضى والانفلات الأمني عام 2011 وحتى الآن.

وتشير مصادر أمنية ليبية، رفضت الكشف عن نفسها، أن تعيين محمد بعيو في منصب رئيس المؤسسة الليبية للإعلام جاء في إطار تقاسم النفوذ والموارد بين أجنحة تنظيم الإخونجية الإرهابي الموجودة في مصراته وطرابلس غرب ليبيا  والذي يتخذ بعدا جهويا أغلب الأحيان رغم تقاربهما الأيدلوجي.

ينقسم تنظيم الإخونجية الإرهابي في غرب ليبيا ، إلى تيارين يتناحران فيما بينهما عبر أجنحة متعددة، لكن يجمعهما تقاسم السلطة والنفوذ والاعتمادات المالية.

ويمثل التيار الأول ما يعرف بتيار المفتي الغرياني، وهو تيار يقترب فكر قياداته إلى فكر القاعدة وتنظيم داعش، ويتزعمه علي الصلابي وعبد الحكيم بلحاج وسامي الساعدي ونوري أبو سهمين رئيس المؤتمر العام السابق، والصديق الكبير رئيس البنك المركزي،  ومصطفي صنع الله مؤسسة النفط وفتحي باشأغا وزير داخلية ما تسمى حكومة الوفاق ومركز ثقله المليشياوي في مصراته وبعض مناطق  ومؤسسات طرابلس.

أما التيار الثاني للتنظيم الإرهابي، فيمثله محمد صوان المنتمي إلى حزب العدالة والبناء الذراع السياسي للتنظيم الارهابي،  وخالد المشرى رئيس ما يعرف بمجلس الدولة ومجموعة إخونجية بريطانيا محمد الثابت عبدالملك والأمين بلحاج وبشير الكبتي وصلاح الشلوي ونزار كعوان وآخرين وواجهته فايز السراج ومحمد سيالة وزير خارجيته ومركز ثقله في طرابلس فقط.

وشهدت طرابلس خلال هذه الفترة العديد من جرائم الاختطاف والتصفية  لمسؤولين محسوبين على هذا الجانب أو ذاك في اطار التصارع على مقدرات الشعب الليبي.

وفي مايو الماضي قامت ميلشيا النواصي الموالية لمصراته باختطاف رئيس مخابرات فايز السراج في طرابلس عبد القادر التهامي، الذي توفي بعدها بساعات وسط تداول أنباء عن تعذيبه  بعد اقتياده لمكان مجهول ثم إعلان وفاته بأزمة قلبية في وقت لاحق.

وقبل حادثة التهامي بأسبوع وفي مطلع مايو شهدت طرابلس أيضا  اختطاف ميلشيا من مصراته المسؤول بديوان المحاسبة بطرابلس رضا قرقاب ثم اطلاق سراحه بعدها بيومين.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى