الاتحاد الأوروبي: إرجاء الانتخابات الفلسطينية أمر مخيب للآمال

استمرار ردود الإفعال الفلسطينية المنددة بقرار تعطيل الانتخابات

مع الإعلان عن تعطيل الانتخابات التشريعية إلى أجل غير مسمى، يعود الفلسطينيون إلى مربع الانقسام، وتتبدد أحلام الكثير من الطامحين إلى حدوث تغيير من خلال صندوق الاقتراع، في الوقت الذي اعتبر فيه وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الجمعة، أن إرجاء الانتخابات الفلسطينية، أمر “مخيب جداً للآمال”.

وقال بوريل: “نجدد التأكيد على دعوتنا إسرائيل لتسهيل إجراء هذه الانتخابات في كافة الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك في القدس الشرقية”، معرباً عن “استمرار دعم الاتحاد لإجراء انتخابات ذات مصداقية وشاملة وشفافة لجميع الفلسطينيين”.

ودعا بوريل جميع الأطراف الفلسطينية إلى استئناف الجهود للبناء على المحادثات الناجحة بين الفصائل خلال الأشهر الأخيرة. موضحا “يجب تحديد موعد جديد للانتخابات دون تأخير” ومضى قائلا: “نكرر دعوتنا لإسرائيل لتسهيل إجراء هذه الانتخابات في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية”.

الأمم المتحدة

بدوره دعا منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، القيادة الفلسطينية لتحديد موعد جديد للانتخابات.

وقال وينسلاند في بيان تلقته “العين الإخبارية”: “لقد أحطت علما بقرار القيادة الفلسطينية بتأجيل انتخابات المجلس التشريعي التي كان من المقرر إجراؤها في 22 مايو/أيار”.

وأضاف: “أتفهم تماما خيبة أمل العديد من الفلسطينيين الذين أعربوا بوضوح عن رغبتهم في ممارسة حقوقهم الديمقراطية بعد قرابة 16 عاما دون انتخابات”.

وتابع: “اعترافا بالدعم الدولي الواسع، أشجع الفلسطينيين على مواصلة السير على الطريق الديمقراطي. لا يزال إجراء انتخابات شفافة وشاملة في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية على النحو المنصوص عليه في الاتفاقات السابقة، أمرًا ضروريًا لتجديد شرعية ومصداقية المؤسسات الفلسطينية وفتح الطريق أمام إعادة ترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية”.

وأضاف “كما سيمهد هذا الطريق نحو مفاوضات هادفة لإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات السابقة”.

واعتبر وينسلاند أن “تحديد موعد جديد وفي الوقت المناسب للانتخابات سيكون خطوة مهمة في طمأنة الشعب الفلسطيني بأن أصواتهم ستُسمع”.

وقال: “الأمم المتحدة تؤكد دعمها لتعزيز المؤسسات الوطنية الفلسطينية”.

وحذر المبعوث الأممي من أنه “قد تؤدي فترة عدم اليقين الطويلة إلى تفاقم الوضع الهش”.

وقال: “أدعو جميع الأطراف إلى التزام الهدوء وضبط النفس والامتناع عن العنف. إنني أحث القادة من جميع الأطراف على اتخاذ خطوات للحد من التوترات، وتهيئة الظروف لاستئناف العملية الانتخابية”.

وكانت آخر انتخابات برلمانية فلسطينية أجريت قبل 15 عاماً، وتوقفت بعدها إثر حدوث انقسام بين قطبي السياسة الفلسطينية، حركة “فتح” التي تدير السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحركة “حماس” التي تدير قطاع غزة، منذ عام 2007.

قائمة المستقبل

وأعلنت قائمة المستقبل للإنتخابات التشريعية، اليوم الجمعة، رفضها القرار الذي اتخذته القيادة الفلسطينية أمس بتأجيل الانتخابات التشريعية المنوي عقدها في الثاني والعشرين من أيار القادم.

وقالت المرشحة نيروز قرموط المتحدثة باسم قائمة المستقبل في المؤتمر الذي عقد اليوم أمام بوابة المجلس التشريعي بغزة: نتكاثف مع إرادة الشعب الثورية والسياسية والتي تتحرك بثبات نحو إقرار الحقوق الديمقراطية والدستورية والقانونية لإرساء العملية الانتخابية بكافة أركانها.

وذكرت قرموط أن فلسطينيو الشتات من ينتظرون بدء العملية الانتخابية ضمانة لاستكمال المراحل التالية بإجراء انتخابات للمجلس الوطني، يأتي هذا القرار ليشكل طعنة لانتمائهم الوطني، وأسس الحفاظ على أواصر الهوية.

وأشارت إلى ان الشعب الفلسطيني أكد على تمسكه بهويته السياسية، وعاصمته التاريخية “القدس الفلسطينية” وأزال الحاجز الحديدية في باب العامود، ومازالت قوى هذا الشعب تتصدى لعنصرية وإحلال المعتدي في حي الشيخ جراح ومناطق أخرى، ومن هذه المقاربة يتمسك الشعب بكل قواه وكتله وقوائمه الانتخابية بخيار فرض إجراء الانتخابات على الاحتلال كأمر واقع لا لبس في فعله وتحديثه.

وأكد قرموط، أن الهدف من إجراء الانتخابات الديمقراطية، هو إيجاد مدخل تمثيلي لكافة شرائح وقوى المجتمع الفلسطيني، لكن مكونات هذا المدخل لم تكن مكتملة منذ البداية.

وأوضحت قرموط أنه لم تكن كامل القوى ممثلة في اتخاذ مرسوم إجراء الانتخابات الفلسطينية تؤسس لأرضية وطنية صلبة يطلق منها القرار، كما لم ترى كافة القوى الممثلة إلى الاجتماع القاضي بتأجيل الانتخابات.

أمر غير قانوني

وأشارت إلى ان اتخاذ قرار التأجيل من طرف يخوض المنافسة خلال العملية الانتخابية هو أمر غير قانوني، مشيراً أن لجنة الانتخابات المركزية عملت بنزاهة وشفافية، ويعتبر التدخل في سلطة قرارها تحدي على قيمتها القانونية.

وشددت قرموط أن هذا القرار يعمق بنية الانقسام الداخلي ويشرذم الفعل الوطني، لقد ملّ هذا الشعب من صيغ المحاصصة، وضعفت التجاذبات الإقليمية تماسك نسيجه الحيوي.

وأضافت: “ان التمسك بصناديق البريد الإسرائيلي هو تمسك ببنود اتفاقية مبادئ الحكم الذاتي الانتقالي “أوسلو، وهو سلوك يتناقص مع التصريحات التي تتحدث عن انتهاء العمل من خلالها”.

وتابعت قرموط: ” تتجه السياسة الفلسطينية نحو فرض كيانية الدولة على الأرض بعد قرارات الاعتراف في جمعية الأمم المتحدة”.

واردفت: ” إن هذا الرفض الواسع للتأجيل بعد الإقبال الكثيف للتسجيل في السجلات الانتخابية، إنما يؤكد على ارادة هذا الشارع المنهك في بنيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية نحو التغير”.

واستطردت قرموط: “ألا يستحق هذا الشارع مناورة سياسية كبرى، تدفع المجتمع الدولي بممارسة ضغط أكبر نحو اقرار هذا الاستحقاق الديمقراطي، والذي يعنون تطور هذا الشعب المناضل نحو حقوقه المدنية والدستورية وفهمه الحضاري لأسس المواطنة الصالحة”.

وفي ختام حديثها، قالت قرموط: “لقد بلورت هذه العملية عبر تراكم خطواتها إطارا شعبيا جامعاً، ليشكل جبهة رفض وتصدي ننظر إلى تحولها لبرامج عمل منظمة واعلاء صوت وجود هذا الشعب العظيم والمضحي”.

الناطق باسم حركة حماس

من جانبه حمّل الناطق باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، اليوم الجمعة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسئولية عن حالة الغضب والاحتقان في الشارع الفلسطيني بسب قرار تأجيل إجراء الانتخابات الفلسطينية.

وقال القانوع أثناء مشاركته في مسيرة شمال غزة: إنّ “الجماهير الفلسطينية الغاضبة التي خرجت من مختلف مناطق قطاع غزة والضفة الغربية رفضًا لقرار رئيس السلطة بتعطيل الانتخابات ومصادرة إرادتهم وانتزاع حقهم الشرعي في الانتخابات”.

وذكر أنّ الرئيس عباس يتحمل المسئولية عن حالة الغضب والاحتقان في الشارع الفلسطيني بسبب القرار المجحف بتعطيل الانتخابات والاستخفاف بالتأييد الشعبي الواسع لها.

أزمة حركة فتح

وتواجه “فتح” التي يقودها الرئيس محمود عباس تحديات داخلية كبيرة أثناء العملية الانتخابية. فشكل أحد قادة الحركة غير الراضين عن آليات اتخاذ القرارات فيها، وهو الدكتور ناصر القدوة، كتلة مستقلة لخوض الانتخابات، بدعم من عضو اللجنة المركزية الأسير مروان البرغوثي، الذي تظهر جميع استطلاعات الرأي تمتعه بشعبية ورمزية وطنية عالية.

وشكل زعيم التيار الإصلاحي في حركة فتح  محمد دحلان كتلة ثانية مستقلة، أظهرت الاستطلاعات أن لها فرصة لتحقيق نتائج كبيرة.

وتعالت أصوات في “فتح” تطالب بتأجيل الانتخابات، بسبب الانقسامات التي شهدتها الحركة.

وشكل موقف إسرائيل الرافض لإجراء الانتخابات في القدس، سبباً كافياً للكثيرين للمطالبة بتأجيل أو إلغاء الانتخابات.

ويرى كثير من المراقبين، أن السبب الرئيسي وراء تأجيل الانتخابات هو قلق قيادة “فتح” من عدم تحقيق نتائج لائقة تهدد سيطرتها على السلطة.

كتلة الحرية

وقال الكاتب هاني المصري، المرشح عن كتلة “الحرية” التي يقودها ناصر القدوة، إن الفلسطينيين كانوا قادرين على فرض إجراء الانتخابات في القدس دون موافقة إسرائيل، وأن قيادة السلطة استخدمت الرفض الإسرائيلي مبرراً لتأجيل الانتخابات بسبب الانقسامات الداخلية في حركة “فتح”.

وأضاف: “واضح أن التأجيل سيتحول إلى إلغاء، لأن إسرائيل لا يمكن لها أن تسمح لنا بإجراء الانتخابات في القدس التي تعتبرها عاصمة أبدية لها”.

وعرض محمود عباس على حركة “حماس”، ضمن قرار التأجيل، تشكيل حكومة وفاق وطني تعمل على تنفيذ المهمام الكبرى المتفق عليها مثل إنهاء الانقسام وإعادة توحيد مؤسسات السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنه اشترط أن تكون هذه الحركة مقبولة دولياً.

واشترطت اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم كلاً من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، على الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة “حماس” عقب فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وقبول الاتفاقات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وقال عباس في الكلمة التي وجهها للشعب الفلسطيني عشية تأجيل الانتخابات، إنه اقترح مؤخراً على “حماس” وثيقة سياسية تجعل من الحكومة المشتركة مقبولة دولياً، لكنه لم يتلق بعد أي رد رسمي من الحركة.

وكان رئيس وفد “فتح” للحوار الوطني، جبريل الرجوب، كشف في لقاء سابق مع “الشرق”، أن الوثيقة تنص على حق الفلسطينيين في اقامة دولة مستقلة على حدود العام 1967، وعلى اعتماد المقاومة الشعبية، مشيراً إلى أن هذه الصيغة قد تحظى بقبول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سبب تأجيل الانتخابات

ورفضت “حماس” عرض الرئيس عباس واعتبرته “محاولة للتغطية على قرار إلغاء الانتخابات الذي لا يحظى بشعبية بين الفلسطينيين الطامحين لعودة البرلمان المنتخب للممارسة الرقابة والمسائلة، في ظل انتقادات كبيرة موجهة للحكومات المتعاقبة التي تعمل بلا رقابة برلمانية”.

وقال عضو المكتب السياسي للحركة، حسام بدران، إن السبب الرئيسي لإلغاء الانتخابات هو أزمة “فتح” الداخلية، وأن حركته “لن تسارع لقبول أي عرض ما لم يتضمن العودة إلى الانتخابات الحرة وإلى برنامج شامل لإنهاء الانقسام وإعادة بناء منظمة التحرير”.

ويرى كثير من المراقبين أن إلغاء الانتخابات سيؤدي إلى عودة وتعميق الانقسام، حيث قال الباحث في مركز الدراسات والبحوث السياسية والمسحية في رام الله، علاء لحلوح: “ما حدث يبدد الثقة بين الجانبين ويعزز الانقسام”.

وأضاف: “قد لا تتاح فرصة أخرى مثل هذه لسنوات طويلة قادمة، ما يعني أن حركة حماس ستظل تحكم قطاع غزة، وحركة فتح ستظل تحكم الضفة الغربية بلا مشاركة من الشعب الذي جرى تغييبة من خلال عدم إجراء انتخابات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى