الاحتلال الإسرائيلي يواصل حرب التطهير وسياسات التفريغ في القدس

توسعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2019 في سياسة “تفريغ” القدس والضفة الغربية عبر عمليات الهدم للمنازل الفلسطينية التي سجلت رقما قياسيا مقارنة بالأعوام السابقة.

واستنادا إلى معطيات من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا”؛ فقد هدمت السلطات الإسرائيلية 194 مبنى في القدس الشرقية المحتلة خلال العام الجاري مقارنة بـ177 في 2018.

أما في 2017 فتم هدم 142 مبنى بدعوى تنفيذ القانون وأنها “غير مرخصة”.

ولا يختلف الوضع في الضفة الغربية؛ إذ هدمت السلطات الإسرائيلية 366 مبنى خلال 2019 مقارنة بـ270 منزلا خلال عام 2018 وهو العدد ذاته خلال عام 2017.

واستنادا إلى “أوتشا” فإن عمليات الهدم خلال عام 2019، أدت إلى تشريد 325 فلسطينيا في القدس الشرقية و464 في الضفة الغربية.

أما في عام 2018 فإنها أدت إلى تشريد 176 فلسطينيا في القدس الشرقية و220 في الضفة الغربية.

في حين أدت عمليات الهدم في عام 2017 إلى تشريد 233 فلسطينيا في القدس الشرقية و398 في الضفة الغربية بدعوى أنها أقيمت دون ترخيص.

خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس، قال إن عمليات الهدم هي تطبيق لسياسة إسرائيلية تهدف إلى تقليص أعداد الفلسطينيين في القدس الشرقية وتطهير المنطقة “ج” في الضفة الغربية من الفلسطينيين.

وتتركز عمليات الهدم في الضفة الغربية في المنطقة المصنفة “ج” التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.

وقسّمت اتفاقية “أوسلو” (1993) الضفة الغربية إلى 3 مناطق، هي: “أ”، و”ب”، و”ج”؛ حيث تمثل “أ” نحو 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريا، بينما تمثل المناطق “ب” 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.

وأضاف التفكجي أنه “في كل من القدس الشرقية والمنطقة “ج” بالضفة الغربية فإن صلاحية ترخيص البناء هي بيد إسرائيل التي تمتنع عن إصدار رخص البناء للفلسطينيين وتقدم على هدم منازلهم حال أقدموا على إقامتها”.

ومرارا، تحدث مسؤولون إسرائيليون أنهم يدعمون ضم المنطقة المصنفة “ج” أو أجزاء منها إلى إسرائيل بما في ذلك غور الأردن والمستوطنات.

ووجّه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة انتقادات إلى عمليات الهدم التي تنفذها إسرائيل في القدس الشرقية والضفة الغربية، لكن الهدم بالقدس الشرقية يشهد منذ سنوات منحى تصاعديا بلغ ذروته في عام 2019.

فاستنادا إلى معطيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” فإن إسرائيل هدمت 974 مبنى في القدس الشرقية في الفترة من 2004 إلى 2019.

وبمقابل عمليات الهدم ورفض تصاريح البناء للفلسطينيين في المنطقة المصنفة “ج” في الضفة الغربية؛ فإن فترة السنوات الأخيرة شهدت طفرة في عمليات المصادقة على البناء الاستيطاني.

وتشير معطيات “حركة السلام الآن” الإسرائيلية، التي ترصد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، إلى أن فلسطينيين تقدموا خلال عام 2010 بطلبات لترخيص 444 مبنى في المنطقة “ج” تمت المصادقة على 7 منها فقط فيما تم ترخيص بناء 741 وحدة استيطانية إسرائيلية.

أما في عام 2011، فقد تقدم فلسطينيون بطلبات لترخيص بناء 395 مبنى لم تصادق إسرائيل على أي منها في الوقت الذي صادقت فيه على بناء 1109 وحدات استيطانية.

وفي عام 2012، تقدم فلسطينيون بطلبات لترخيص بناء 469 مبنى لم تصادق إسرائيل على أي منها رغم أنها صادقت على بناء 1247 وحدة استيطانية.

وتكرر المشهد في السنوات التالية؛ إذ إن فلسطينيين تقدموا بطلبات لترخيص بناء 472 مبنى في عام 2013 لم تصادق إسرائيل على أي منها رغم أنها صادقت على بناء 2874 وحدة استيطانية.

فيما تقدم فلسطينيون في عام 2014 لبناء 440 مبنى صادقت إسرائيل على 9 منها فقط بمقابل المصادقة على بناء 1552 وحدة استيطانية.

وفي عام 2015 تقدم فلسطينيون بطلبات لترخيص 385 مبنى وافقت إسرائيل على 7 منها بموازاة المصادقة على بناء 1901 وحدة استيطانية.

فيما تقدم فلسطينيون في عام 2016 بطلبات لترخيص 428 مبنى وافقت إسرائيل على 37 منها بموازاة المصادقة على بناء 1376 وحدة استيطانية.

فادي الهدمي، وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية، قال إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نهاية عام 2017، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أطلق يد الاحتلال في مدينة القدس ويمكن لمس هذا الأمر بشكل واضح خلال عام 2019.

وأضاف الهدمي: “شهدنا خلال عام 2019 تسارعا واضحا في عمليات الاستيطان في المدينة وشهدنا في المقابل تصاعدا ملحوظا، وحتى وحشي كما جرى في وادي الحمص (جنوبي القدس)، لعمليات هدم منازل الفلسطينيين”.

وأوضح أن “عمليات الاستيطان وهدم ومصادرة المنازل تهدف إلى تغيير المعالم وطمس الهوية العربية الفلسطينية لمدينة القدس”.

ورأى الهدمي أن التصعيد الإسرائيلي في المدينة إنما يهدف إلى تكريس واقع جديد في مدينة القدس، قائلا “إن الآلة الإسرائيلية لم تهدأ في مدينة القدس خلال عام 2019”.

صالح حجازي، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، قال “إن عملية الترحيل غير القانوني للمدنيين في الأراضي المحتلة تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة، وتشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

وأضاف، في بيان، أن “عمليات الهدم هذه تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وجزءا من نمط ممنهج من جانب السلطات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين قسرا في الأراضي المحتلة؛ حيث ترقى مثل هذه الأعمال إلى جرائم حرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى