الاستقالة الرابعة من فريق قيس سعيد منذ وصوله إلى سدة الحكم

مؤشرات استقالة مستشارة الرئيس التونسي رشيدة النيفر من منصبها

قدمت رشيدة النيفر المستشارة لدى الرئيس التونسي قيس سعيد والمكلفة بالإعلام والاتصال، الجمعة، استقالتها من منصبها، كما أعلنت النيفر مساء الخميس في تدوينة، غلق حسابها الرسمي بفيسبوك كناطقة رسمية لرئاسة الجمهورية.

ونقلت إذاعة محلية عن النيفر تأكيدها أنّ سبب استقالتها هو عدم رضاها عن طريقة العمل،

في خطوة تكشف حسب متابعين أزمة وارتباكا داخل فريق مؤسسة الرئاسة، ولا يستبعد هؤلاء أن تكون هذه الاستقالة في سياق المراجعة للسياسة الاتصالية بالقصر الرئاسي التي لم تكن في مستوى انتظارات الرأي العام المحلي والرئيس نفسه بعد مرور عام على وصوله إلى سدة الحكم.

وتعد النيفر، وهي صحافية سابقة وأكاديمية بالجامعة التونسية، من أوائل الملتحقين بطاقم عمل الرئيس قيس سعيد، حيث وقع تعيينها في أواخر أكتوبر من العام الماضي، بعد أيام قليلة من تنصيبه، لتشغل خطة ناطقة رسمية للرئاسة التونسية.

ويتساءل متابعون عما إذا كانت استقالة النيفر استقالة طوعية أو اضطرارية، وما إذا كانت نتيجة للأخطاء الاتصالية التي وقعت في السنة الأولى من حكم سعيّد، بعد صدور بيانات متضاربة مع تصريحات الرئيس خاصة في ما يخص السياسة الخارجية، والتي أثارت موجة جدل واسعة وانتقادات قادت في النهاية إلى تراجع نسبة تأييد الرئيس الذي يحظى بشعبية واسعة في آخر سبر آراء محلي.

وعلى الرغم من تصدره استطلاعات الرأي، إلا أن نسبة الرضا على أداء سعيد تراجعت بتسع نقاط بتسجيله 49 في المئة نسبة رضا خلال الشهر الحالي، مقابل 58 في المئة خلال الشهر المنقضي. وفي نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية القادمة، حافظ قيس سعيّد على الصدارة لكن مع تراجع في النسبة التي نزلت من 56 في المئة إلى 48 في المئة خلال هذا الشهر.

وتعكس استقالة النيفر إقرارا ضمنيا بفشل وضعف أداء فريق الرئيس، فهي رابع استقالة منذ وصول قيس سعيّد إلى كرسي الرئاسة، بعد استقالة كل من محمد صالح الحامدي الذي شغل خطة مستشار للأمن القومي، وعبدالرؤوف بالطبيب (مستشار لدى الرئيس) وطارق بالطيب (مدير الديوان الرئاسي).

من جهة ثانية، لا يستبعد متابعون أن تكون الاستقالة ناجمة عن تصدع داخل الفريق الرئاسي، حيث رجحت وسائل إعلام محلية وجود خلافات عميقة مع مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة تسببت في استقالة النيفر.

ويشير خالد عبيد، الأكاديمي المتخصص في الشؤون السياسية إلى أن وجود أسماء ما داخل قصر الرئاسة، قد تكون وراء استقالة النيفر. وبرأي عبيد، فإن السؤال الأهم هو “هل أن النيفر استقالت بمحض إرادتها أم أن هناك طرفا ما في الفريق الرئاسي دفعها لكي تستقيل مكرهة على ذلك؟”.

ويعتقد عبيد أن هذه الاستقالة مظهر لأزمة داخل القصر الرئاسي وهي أزمة مركبة ومتعددة، حسب تعبيره، حيث يتضح للعيان أن العلاقة بين قصر الرئاسة وقسم الإعلام لم تكن على ما يرام، وأن هناك خللا ما طيلة السنة الأولى من حكم الرئيس، استوجب ضرورة مراجعة المسؤول الأول عن السياسية الاتصالية وهي رشيدة النيفر.

ويربط عبيد استقالة النيفر بجملة من الأحداث المتسارعة بالبلد، وانقسامات بشأن مواقف الرئيس من جملة من القوانين المثيرة للجدل في الآونة الأخيرة.

ويلفت عبيد إلى أن اصطفاف سعيد مع الصحافيين والاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة العليا للإعلام السمعي والبصري في رفض دعوات حزبية (ائتلاف الكرامة، حزب النهضة وقلب تونس) تطالب بتعديل المرسوم 116، لم يكن محل رضا النيفر.

والنيفر التي كانت عضوا سابقا في الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري في خلاف علني مع الهيئة.

وتحدثت تقارير إعلامية محلية عن أن سبب استقالة النيفر يعود لخلاف بينها وبين الرئيس الذي رفض تعديل المرسوم 116، في حين عبرت عن تمسكها بتعديل القانون.

ويرى عبيد أن “النيفر لم تكن مرتاحة لهذا الاصطفاف مع الهيئة برفض تعديل المرسوم”، معلقا “الجميع يعلم علاقتها المتوترة مع الهيئة”.

وكان الرئيس التونسي حذر من خطورة خرق أي مبادرة تشريعية لأحكام الدستور، أو خضوع بعض المبادرات لحسابات ومصالح الأحزاب أو اللوبيات السياسية والإعلامية في إشاة إلى دعوات تعديل المرسوم 116 المتعلق بتنظيم قطاع الإعلام السمعي البصري من قبل الترويكا الحاكمة، والتي تريد من ورائها إحكام قبضتها على المشهد الإعلامي.

وتتعلق تعديلات المرسوم بتركيبة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (دستورية مستقلة) الحالية وتجديدها، وإلغاء سلطة الهيئة في الموافقة المسبقة على إطلاق القنوات التلفزيونية الجديدة، مع إقرار مبدأ مجرد التصريح (الموافقة) بوجود الوسيلة الإعلامية إثر ظهورها. ومن شأن هذه التعديلات حسب الصحافيين، أن تهدد “الصحافة والديمقراطية الناشئة”.

ويستنتج عبيد أن التسويق الإعلامي لصورة الرئاسة لم يكن جيدا ومحل رضا، ويأتي توقيت الاستقالة كبداية لمراجعة الأداء الاتصالي للفريق الرئاسي.

ويقول المتابعون إن توقيت الاستقالة يعكس فشل السياسة الاتصالية للرئاسة التونسية، حيث تتسبب بيانات متواترة للرئاسة في أحداث سابقة في إحراجه أمام الرأي العام، حيث لم ينجح فريق قيس سعيد بعد مرور عام على تنصبه رئيسا للبلاد، في إيصال المؤشرات الإيجابية في عمله ونقاط الضوء في إدارته لأزمات البلاد.

وبدل أن يساهم قسم الاتصال في أن يكون عنصرا لتوضيح وجهة نظر الرئيس أمام الرأي العام، فإنه زاد من الغموض المحيط بطريقة عمل الرئيس حسب ما ذهب إليه المتابعون.

ويشير عبدالله العبيدي، الدبلوماسي السابق، إلى أن “نتائج عمل الفريق الاتصالي لم تكن في مستوى انتظارات الرئيس”. ويعتقد أن الفريق لم يوفق في نقل إنجازات الرئيس للرأي العام.

وتتزامن استقالة رشيدة النيفر مع مرور عام على وصول سعيّد للرئاسة، وعلى رغم التفاؤل بوصوله للحكم، ما زال الشارع التونسي في انتظار نتائج ملموسة للخروج من نفق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى