التسونامي الدولي والاستثمار الفلسطيني

محسن أبو رمضان

شكل البيان الكندي الفرنسي البريطاني بخصوص حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في غزة، والذي أعلنوا به أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه ما يحدث في غزة من جرائم وتجويع، نقطة تحول نوعي في مسار علاقات الغرب ونظرتها لدولة الاحتلال.

أ حد مكونات البيان تضمن الاعتراف بدولة فلسطين، وبالتالي وضع يده على جزر الصراع المجسد بالاحتلال.

أدى هذا البيان الذي سبقته مواقف متقدمة من العديد من الدول الأوروبية أبرزها إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا والنرويج، إلى تصاعد كرة الثلج باتجاه التطور في الخطاب الأوروبي والدولي، ليس فقط تجاه ضرورة إنهاء حرب التجويع وإنفاذ المساعدات، ولكن كذلك باتجاه وقف حرب التطهير العرقي والاعتراف بدولة فلسطين.

واحدة من أهم التفاعلات تكمن باقتراح هولندا مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والتي تمنح دولة الاحتلال امتيازات تفضيلية، علما بأن البند الثاني منها ينص على وجوب دولة الاحتلال باحترام مبادئ حقوق الإنسان، وهذا ما لا تقوم به .

صحيح أن هذه الصحوة الجديدة جاءت متأخرة بأكثر من تسعة عشر شهرا، قامت خلالها دولة الاحتلال بشن حرب الإبادة الجماعية بحق شعبنا. ولكن أن تأتي هذه المواقف متأخرة خير من أن لا تأتي أبدا .

وإذا قمنا بالبناء على هذه المواقف وإضافتها لاعتراف حوالي 149 دولة في العالم بدولة فلسطين، إلى جانب القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، والذي أكد أن كل قرارات الاحتلال منذ عام 1967 إلى الآن غير شرعية، بالإضافة للتأكيد على الوحدة السياسية والجغرافية والقانونية لأراضي دولة فلسطين، فإنه من الضروري التفكير جديا بوسائل استثمار هذه (الإنجازات) السياسية والقانونية والمعنوية لصالح كفاح شعبنا، عبر إنهاء الاحتلال ونظام الأبارتهايد والإبادة الجماعية.

من الواضح أن دور قوى التضامن الشعبي الدولي كان فعالا بتغير رؤية دول العالم تجاه دولة الاحتلال، إلى جانب شعور بلدان الاتحاد الأوروبي بتضرر مصالحها الاقتصادية وصورتها، بسبب عدم اتخاذ سياسة مستقلة عن الولايات المتحدة بالشرق الأوسط.

لقد انتقلت صيحات الشارع التضامني في بلدان أوروبا إلى البرلمان ثم إلى الحكومات التي بنيت صورتها دوليا على احترام قيم ومبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، وهو الذي أصبح موضع تساؤل جاد بعد حرب الإبادة الجماعية التي مارستها دولة الاحتلال، والتي تبث على شاشات التلفاز دون أن تحرك ساكنا .

إن البناء على تجربة تفكيك نظام جنوب أفريقيا العنصري يتطلب مطالبة بلدان أوروبا والعالم بالانتقال من الخطاب إلى اتخاذ إجراءات عملية تؤدي إلى مقاطعة ومحاصرة دولة الاحتلال، بوصفها ترتكب فظاعات ترتقي إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كما أكدت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، وأبرزها منظمتا أمنستي وهيومن رايتس وتش، إلى جانب قرارات محكمتي العدل والجنايات الدوليتين .

إن استثمار تسونامي الغضب الدولي يتطلب جهدا فلسطينيا يبدأ بإنهاء الانقسام وصياغة خطاب موحد، ويعمل على تجديد الإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران للعام 1967.

سيعمل تجديد الإعلان على الاستفادة من الزخم الدولي الجديد الذي ستكمن إحدى حلقاته المفصلية في المؤتمر الدولي الذي سيعقد في منتصف يوليو من العام الجاري، برعاية سعودية فرنسية مشتركة، والذي سيتجسد أحد قراراته الأساسية في الاعتراف بدولة فلسطين وفق القانون الدولي، بما يعمل على قطع الطريق على مخططات دولة الاحتلال المبنية على الضم والتهويد والتطهير العرقي، والذي تقوننت بقرار الكنيست الصهيوني الذي اعتبر أن قيام دولة فلسطين يشكل تهديدا وجوديا على دولة الاحتلال.

آن الأوان لتعزيز الزخم الدولي عبر حراك وطني فلسطيني فاعل .



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى