الرئيس الأفغاني يدعو واشنطن لمراعاة الحقائق الجديدة في أفغانستان

دعا الرئيس الأفغاني أشرف غني المبعوث الأميركي الخاص زلماي خليل زاد، الاثنين، إلى مراعاة الحقائق الجديدة في أفغانستان وتعديل عملية السلام على إثر انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

وأفاد تقرير لشبكة “طلوع نيوز” الأفغانية بأن الرئيس غني التقى خليل زاد الاثنين، حيث أكد “فتح فصل جديد في العلاقات بين كابول وواشنطن”، مشيراً إلى أن السلام “قضية ملحة لحكومة وشعب أفغانستان”، وذلك بحسب ما نقل التقرير عن بيان للرئاسة الأفغانية.

 أزمة بعد الانسحاب الكامل للقوات الدولية

وذكر التقرير أن الرئيس غني أجرى اجتماعات منفصلة مع شخصيات سياسية معروفة خلال الأيام القليلة الماضية، ناقشت خطة السلام والتوافق السياسي حولها، وأشار إلى مخاوف لدى الطبقة السياسية من أن البلاد ستتجه نحو أزمة بعد الانسحاب الكامل للقوات الدولية، إذا لم يتم التوصل إلى توافق سياسي حول عملية السلام.

ونقلت “طلوع نيوز” عن رئيس مجلس النواب مير رحمن رحماني، أنه ناقش خلال لقائه الرئيس غني دور مجلس الأمة في عملية السلام والمخاوف بشأن مستقبل البلاد بعد الانسحاب الكامل للقوات الدولية. وأشار إلى أنهما ناقشا أيضاً جهود تعزيز التضامن بين السياسيين من أجل السلام.

وأضاف رحماني أن “مسألة تسريع مفاوضات السلام وجذب المزيد من الدعم من الدول المؤيدة للسلام الأفغاني واتخاذ قرارات موحدة بشأن السلام مع طالبان هي مسألة أساسية”.

معقل طالبان الإرهابية

يلقى قرار الولايات المتحدة سحب جنودها من أفغانستان ترحيباً في ولاية قندهار، المعقل السابق لحركة طالبان الإرهابية في جنوب البلاد، في حين يتساءل كثر حول ما يخبئه لهم المستقبل.

والسبت بدأت واشنطن رسمياً سحب 2500 جندي لا يزالون في أفغانستان، في عملية منسّقة ومتزامنة مع انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي، ومن المقرر أن تنجز بحلول 11 سبتمبر، أي في الذكرى العشرين للاعتداءات التي شهدتها الولايات المتحدة سنة 2001.

ومن شأن إنجاز عملية الانسحاب الجارية أصلاً منذ أشهر أن تترك الجيش الأفغاني وحيداً في مواجهة حركة طالبان الإرهابية التي تخوض تمرّداً ضد الحكومة الأفغانية، وتسيطر على ما يزيد عن نصف مساحة أفغانستان.

ويقول باشا خان، المزارع في ولاية قندهار التي شهدت في الماضي معارك عنيفة، إن “المعارك المقبلة ستكون بين أخوين مسلمين (الحكومة الأفغانية وطالبان) على أمل أن يتصالح الطرفان وأن يتوصلا إلى إرساء السلام”.

وأوقفت حركة طالبان هجماتها ضد القوات الأجنبية بعدما تم توقيع اتفاق الدوحة في فبراير 2020 الذي ينص على انسحاب القوات الأميركية من البلاد.

لكن المعارك لا تزال محتدمة بين المتمردين والجيش الأفغاني في المناطق القبلية، خصوصاً في ولاية قندهار، مهد حركة طالبان التي حكمت البلاد بين عامي 1996 و2001 وفرضت نظاماً أصولياً.

وفي نهاية الأسبوع، كانت المحال التي فتحت أبوابها في مدينة قندهار قليلة، حيث أقامت الشرطة حواجز على الطريق المؤدي إلى المطار شبه الخالي بعد إخلاء غالبية القوات الأميركية مراكزها.

انفجار هائل قرب المطار

وفي بازار “بوش” الذي سمي على هذا النحو تيمناً بالرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش الذي أعلن الحرب في أفغانستان في 2001، يعمد باعة إلى عرض سلع استحصلوا عليها من القاعدة الأميركية السابقة.

ويروي عيسى محمد، أحد القيّمين على السوق، أنه “قبل بضعة أيام، وقع انفجار هائل قرب المطار. علمنا لاحقاً أن الأميركيين دمّروا تجهيزات”. ويضيف محمد “الآن، لدينا خردة من هناك نبيعها في السوق”.

وكثير هم الأفغان المستاؤون من الأميركيين لما سبّبوه لهم من معاناة في السنوات العشرين الأخيرة. ويؤكد محمد وهو مزارع طلب عدم كشف كامل هويته أن السنوات العشرين الماضية كانت أسوأ من تلك التي شهدتها البلاد إبان الاحتلال السوفياتي بين عامي 1979 و1989.

ويؤكد أن “الروس لم يوقعوا ضحايا بالكم الذي أوقعه الأميركيون”، ويضيف “الأميركيون قتلوا شقيقي قبل عشر سنوات عندما قصفوا قريتنا. لقد تسببوا بخسائر فادحة وأنا سعيد لمغادرتهم”.

ويوافقه الرأي آغا شيرين وهو سائق توك توك من منطقة أرغنداب المجاورة. ويقول إن الأميركيين “قتلوا الكثير من مواطنينا ولم يجلبوا إلا الويلات”.

وعلى غرار كثر في هذه المنطقة المحافظة، يقول شيرين إنه سيتأقلم بسهولة مع عودة طالبان، معتبراً أن “الأوضاع قد تتحسن”.

قلق كبير

لكن آخرين يعتقدون أن المستقبل لن يكون أكثر إشراقاً بعد خروج الأميركيين. وتقول باري البالغة 31 عاماً والتي تعمل في منطقة بنجواي في قندهار، إن الوقت قد حان لكي تعلن طالبان وقفاً لإطلاق النار. وتضيف “أنا سعيدة لانسحاب الولايات المتحدة (…) لكن إذا تدهورت الأوضاع من دون وقف لإطلاق النار، قد يتعذّر علي العمل”.

وفي العقدين الماضيين تم تحقيق تقدّم على صعيد حقوق النساء اللواتي بدأن العمل في كل القطاعات الاقتصادية تقريباً. لكن الكثير من الأفغان يخشون أن تطيح طالبان التي منعت عندما تولّت السلطة تعليم الفتيات وعمدت إلى رجم النساء المتهمات بالزنى، التقدم الذي تحقق.

وفي أنحاء أخرى من البلاد، يثير انسحاب الأميركيين قلقاً أكبر. ويتوقع غلام نبي، التاجر في مدينة هرات الغربية الأقل محافظة، “أعتقد أن طالبان سيستعيدون قوّتهم بعد انسحاب القوات الأميركية”.

ويضيف “أخشى اندلاع حرب أهلية جديدة وأن نضطر لمغادرة البلاد”. وتوافقه الرأي الأستاذة الجامعية عديلة كبيري التي تعتبر أن معنويات الأفغان ستتأثر برحيل الأميركيين.

وفي جلال أباد (شرق)، المدينة المحافظة التي شهدت هجمات دموية شنّتها طالبان وغيرها من الجماعات الجهادية على غرار تنظيم داعش، البعض قلقون.

ويقول عبد الأحد صافي إن الأميركيين “يجب ألا يغادروا ما لم يتم إرساء السلام”، ويضيف “نخشى حمام دم وحرباً لا تنتهي في بلادنا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى