الركود الاقتصادي خطر يفزع الأمريكيين

هبط الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بطريقة غير متوقعة للربع الثاني على التوالي، الأمر الذي زاد من احتمالات حدوث الركود الاقتصادي خلال السنة الجارية. صدرت البيانات عقب يوم واحد من إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن قفزة ضخمة في أسعار الفائدة للشهر الثاني على التوالي.

ويستحضر الركود ذكريات سيئة للأزمة المالية 2008 ويؤجج المخاوف إزاء خسارة الوظائف، وهي كلمة مفزعة في أفق بين الأميركيين، حيث ينكمش الاقتصاد ويزيد بنك الاحتياطي الفيدرالي من أسعار الفائدة.

حالياً، تجتمع عوامل التضخم المحتدم، والتدابير الحازمة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وأسواق الأسهم المتقلبة لإحداث الجولة المقبلة من المشكلات.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته “بلومبرغ” مع خبراء اقتصاد أن احتمال حدوث ركود خلال الـ12 شهراً المقبلة يصل إلى 50% تقريباً، لكن العديد من الأسر والشركات تشعر أنه موجود بالفعل. يقول معهد “ويلز فارغو إنفستمنت إنستيتيوت” إن هذا الافتراض صحيح.

من جهتها، قالت لورين غودوين، خبيرة الاقتصاد والخبيرة الإستراتيجية لمحفظة الأصول لدى شركة “نيويورك لايف إنفستمنتس” (New York Life Investments): “هناك كلام كثير حول ما إذا كنا نمر فعلاً بحالة ركود..ربما تكون البيانات الرسمية حول الركود الاقتصادي بمثابة مؤشر متأخر. لا يُعدّ ذلك أمراً مفيداً بالضرورة للأشخاص الذين يُصدرون في الوقت الراهن القرارات الخاصة بحياتهم اليومية واستثماراتهم”.

من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: “لن نكون في حالة ركود اقتصادي”، حيث احتج مسؤولو الإدارة الأميركية بأن المشهد الاقتصادي معقّد نتيجة مشكلات سلاسل التوريد وأسعار السلع الأساسية المتقلبة.

خطر الارتفاعات

ومن أجل التصدي لارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، كان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يزيد أسعار الفائدة، بهدف تهدئة الاقتصاد بالقدر الملائم لتنظيم ما يطلق عليه عملية “الهبوط السلس”. وأضاف البنك المركزي الأميركي لأسعار الفائدة 75 نقطة أساس للشهر الثاني على التوالي.

يكمن الخطر في أن الارتفاعات تحدّ من طلب المستهلكين بطريقة هائلة، ما يسفر عنه تراجع أرباح الشركات وفقدان وظائف. وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في أواخر يونيو الماضي، إن بلوغ هذا التوازن المثالي سيشكّل “تحدياً هائلاً”.

هناك أيضاً أثر نفسي شديد على العمل. وفي حال اعتقد المستهلكون أن البلد يمر بحالة ركود اقتصادي أو أنه سيشهد حالة من الركود في وقت قريب، فربما يكبحون عمليات الإنفاق، ما يلحق الضرر بالاقتصاد. ويُعدّ ذلك مخاطرة حقيقية مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر من نصف الأميركيين يؤمنون بأن الولايات المتحدة تعيش في الوقت الراهن حالة ركود، بحسب مجلة “إيكونوميست” وشركة “يوغوف بول”. كما أن صعود معدلات التضخم -زادت أسعار المستهلكين بنسبة 9.1% في يونيو الماضي بالمقارنة مع السنة السابقة- قد يضطر الأشخاص أيضاً إلى شراء كميات أقل.

على النقيض من الركود الأخير، تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي قوة مهيمنة على حياة الأميركيين، وفي كثير من الأحيان تكون المكان الذي يعربون فيه عن مخاوفهم إزاء الركود، بحسب ما ذكر شون ماسليك، الذي يعمل مخططاً مالياً معتمداً ومقدم برنامج “أكثر كلمات التمويل المكروهة”، وهو برنامج “بودكاست” يتعلق بموضوع التمويل الشخصي. وقال: “يمكن أن يسفر ذلك عن تفاقم المشكلة لأن الخوف والقلق يهيمنان”.

سريح الموظفين

في الوقت الحاضر، ما زالت سوق العمل تتمتع بالقوة. وفي يونيو الماضي، أضاف أصحاب الأعمال 372 ألف وظيفة، ووصل معدل البطالة حالياً إلى نسبة 3.6% فقط. هناك بعض الجيوب بها مواطن ضعف، لكنها تتركز غالباً في قطاع شركات التكنولوجيا، حيث سجلت الشركات تراجعاً سريعاً في أسعار أسهمها. كما تم خفض الوظائف أيضاً في شركات العملات المشفرة على غرار شركة “كوينباس غلوبال” وشركة “جيميني تراست”.

بالنسبة لأولئك المهتمين بعملية تسريح الموظفين، حاولوا تكوين مدخرات طوارئ لا تقل عن 3 إلى 6 شهور من نفقات المعيشة، بحسب ما يقول الخبراء. وإذا تعرضت لخسارة الوظيفة، عليك أن تذكر أنك تمتلك خيارات، حيث ما يزال يوجد الكثير من الوظائف الشاغرة.

قال بيل آدامز، كبير خبراء الاقتصاد في بنك “كوميريكا بنك” (Comerica Bank) في مدينة دالاس: “يعثر غالبية العمال الذين يفقدون وظائفهم على وظائف جديدة بطريقة سريعة”.

النصيحة الأكثر شيوعاً من خبراء ماليين: لا تفزع. قالت “غودوين” إن الوقت الراهن لا يُعدّ وقتاً ملائماً لاتخاذ قرارات صارمة أو تحويل جميع استثماراتك إلى أموال نقدية، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار معدل التضخم العالي.

رغم ذلك، من الجيد أن تدرس تقبلك للمخاطر والتأكد من تنويع استثماراتك. تحبّ “غودوين” مجالات على غرار السندات المحلية أو الأسهم المتوقع صعود قيمتها، وهي غير باهظة التكلفة بالمقارنة مع الأرباح. وتُعدّ سندات الادخار من الفئة الأولى الأميركية المفضلة أيضاً حالياً، لأنها تقدّم وسيلة منخفضة المخاطر نظراً لسعر فائدة مربوط تبلغ نسبته 9.62%.

يوصي نوح دامسكي، وهو مخطط مالي في شركة “مارينا ويلث أدفيسورز” (Marina Wealth Advisors)، بالتزام قدر من “شد الحزام” بصفة عامة. ويُعتبر تخفيض النفقات غير الضرورية وزيادة المدخرات فكرة جيدة على الدوام، بصفة خاصة عندما يكون الركود الاقتصادي على وشك الظهور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى