الشركة الأمريكية تفشل في توزيع المساعدات على الفلسطينيين وعناصرها تهرب من مراكز التوزيع
الأمم المتحدة تعتبر عمل "مؤسسة إغاثة غزة" تشتيت للانتباه وتطالب بفتح معابر غزة

منيت الخطة الأمريكية الإسرائيلية لوزيع المساعدات في قطاع غزة التي يشرف على تنفيذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بفشل ذريع، بعد أن فقدت الشركة الأمريكية سيطرتها على مركز المساعدات الذي افتتحته في رفح جنوبي القطاع، اليوم الثلاثاء.
وأطلقت قوات الاحتلال النار في الهواء بعدما تجمعت حشود من الفلسطينيين في موقع توزيع المساعدات.
وقالت صحيفة “يسرائيل هيوم” إن جيش الاحتلال أطلق النار في الهواء عند مركز توزيع المساعدات واستدعى مروحيات إلى المنطقة “لإنقاذ أفراد الشركة الأميركية”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن قوة من الجيش “نجحت في إخلاء جزء من المجمع، ولا تزال هناك فتحة في السياج يتدفق منها السكان”.
وأفادت هيئة البث العبرية بأن المسلحين التابعين للشركة الأميركية فقدوا السيطرة على المركز، وتم الاستيلاء على معدات تابعة للشركة في الموقع.
وكذلك، أوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلا عن مصدر أن المسلحين التابعين للشركة الأميركية فروا من المكان بعد الازدحام الشديد.
بدورها، ذكرت القناة الـ13 الإسرائيلية أن جيش الاحتلال “أنقذ موظفي الشركة الأميركية من مركز المساعدات في رفح”.
في الوقت نفسه، قالت القناة الـ12 إن “الاكتظاظ الشديد والضغط الكبير في مركز المساعدات الجديد أديا لاستيلاء الغزيين على كل شيء”، مشيرة إلى أنهم “استولوا على المساعدات والمعدات والطاولات والكراسي وأخذوا كل ما وجدوه”.
مشهد مأساوي انتهى باقتحام مراكز التوزيع
من جانبه، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل ثوابتة في تصريحات صحافية، إن فلسطينيين أصيبوا بعد تدخل قوات الاحتلال الإسرائيلي وإطلاقها النار في الموقع، محمّلا الاحتلال مسؤولية هذا “الفشل المدوي”.
وأكد ثوابتة أن “مشروع الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات في ما يسمى المناطق العازلة قد فشل فشلا ذريعا وفقا للتقارير الميدانية”.
وأوضح أن “آلاف الجائعين الذين حاصرهم الاحتلال وقطع عنهم الغذاء والدواء منذ حوالي 90 يوما” اندفعوا إلى تلك المناطق “في مشهد مأساوي ومؤلم انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل، وتدخل قوات الاحتلال بإطلاق النار وإصابة عدد من المواطنين”.
ورأى أن ما حدث اليوم “دليل قاطع على فشل الاحتلال في إدارة الوضع الإنساني الذي خلقه عمدا من خلال سياسة التجويع والحصار والقصف”.
المساعدات “سلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي”
وحمّل ثوابتة الاحتلال الإسرائيلي كامل المسؤولية القانونية والإنسانية عن هذا الوضع معربا عن إدانته استخدام المساعدات “سلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي”، والإصرار على منع دخول الإغاثة عبر المعابر الرسمية والمنظمات الأممية والدولية.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي رفضه القاطع لأي مشروع يعتمد “مناطق عازلة” أو “ممرات إنسانية” تحت إشراف الاحتلال الإسرائيلي.
رفض دولي
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات قليلة من بدء الشركة الأميركية المسماة “مؤسسة غزة الإنسانية” توزيع المساعدات في القطاع المحاصر ضمن خطة إسرائيلية أميركية رفضتها الأمم المتحدة ومؤسسات دولية عديدة لأنها تدفع السكان للنزوح وتعرض آلاف الأشخاص للأذى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن الشركة قولها إن “عدد الفلسطينيين الذين وصلوا اليوم لتسلم المساعدات كان كبيرا جدا”، مبينة أن فريقها انسحب من الموقع.
المطلوب هو “فتح جميع المعابر إلى غزة”
من جهتها، جدّدت الأمم المتحدة انتقاداتها للمخطط، وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، اليوم الثلاثاء، في مؤتمر صحافي من جنيف، إن عمل “مؤسسة إغاثة غزة” المدعومة من الولايات المتحدة “ليس إلا تشتيتًا للانتباه عما هو مطلوب بالفعل”.
وشدد لايركه على أن المطلوب هو “فتح جميع المعابر إلى غزة، والمزيد من الموافقات الإسرائيلية على إدخال الإمدادات الطارئة”.
وأوضح لايركه أن الأمم المتحدة “لا تشارك في هذا النهج للأسباب التي سبق توضيحها”، مشيرًا إلى أن ما يُسمح بدخوله “لا يلبّي الاحتياجات الفعلية”.
ودعا إلى “إنهاء القيود الإسرائيلية المفروضة على نوعية المساعدات”، في وقت تواصل فيه إسرائيل الإشراف الكامل على فحص الشحنات، وترفض إدخال مواد تدّعي أن حماس قد تستخدمها لأغراض عسكرية.
وكانت “مؤسسة إغاثة غزة” (GHF) والتي كشفت تحقيقات صحافية عن ارتباطها بإسرائيل، قد أعلنت، مساء أمس الإثنين، أنها بدأت توزيع المساعدات الغذائية داخل غزة، بعد يوم واحد من استقالة مديرها التنفيذي، جاك وود، الذي قال في بيان رسمي إن “المنظمة لم تستطع الالتزام بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية، والحياد، والنزاهة، والاستقلالية”.
وفي تصريحات سابقة، وصفت الأمم المتحدة خطط توزيع المساعدات التي طرحتها المؤسسة بأنها “غير كافية للوصول إلى أكثر من مليوني شخص في غزة”.
ونقل التقرير أن العملية تعتمد على أربعة مراكز توزيع رئيسية في جنوب القطاع، حيث سيتم فحص العائلات للتأكد من عدم وجود صلة لها بمقاتلي حركة حماس، وربما باستخدام تقنية التعرف على الوجه.
ووفقا للتقارير الإسرائيلية، فإن المراكز الأربعة التي أقامها الاحتلال ستقدم المساعدات لما مجموعه 1.2 مليون شخص في قطاع غزة بكميات محدودة للغاية، ما يعني أن نصف سكان القطاع سيظلون دون أي مساعدات.
هذا، وتواجه الخطة الإسرائيلية الأميركية الجديدة انتقادات حادة من منظمات الإغاثة الدولية، التي تقول إنها “تقوّض مبدأ الإشراف المحايد على المساعدات”،
وتأتي في ظل حصار خانق على القطاع دام 11 أسبوعًا (من مطلع آذار/ مارس الماضي)، وخطر مجاعة يهدد أكثر من مليوني فلسطيني، بحسب تحذيرات أممية.
وكانت إسرائيل قد سمحت مؤخرًا بدخول كمية محدودة من المساعدات، بعد ضغط دولي متصاعد، تخلله تحذير من مراقبين عالميين من “وصول غزة إلى أسوأ أزمة جوع في العالم”، فيما تستخدمت الخطة الجديدة كأداة عسكرية وسياسية، وفقًا لمواقف رسمية وشهادات ميدانية فلسطينية ودولية.