الفلسطينيون يخوضون ملحمة بطولية في القدس

مواجهات ساخنة مع قوات الاحتلال والمستوطنين توقع عشرات الإصابات

أفادت مصادر فلسطينية، الجمعة، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت باحات المسجد الأقصى في مدينة القدس، وأطلقت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت، إضافة إلى الغاز المسيل للدموع تجاه المصلين، ما أدى إلى إصابة 205 فلسطينيين، فيما تم اعتقال آخرين.

وأِشارت المصادر إلى أن مواجهات اندلعت قرب “باب السلسلة” داخل الأقصى، عقب انتهاء صلاة المغرب والإفطار، بعدما تعمدت القوات الإسرائيلية استفزاز المصلين، بإغلاق بابي العامود والسلسلة وطريق الواد في القدس القديمة، ومنع الأهالي من الدخول إلى المسجد لإقامة صلاة العشاء والتراويح.

وكشف شهود عيان، أن قوة إسرائيلية موجودة قرب باب الأسباط، منعت دخول سيارات الإسعاف إلى داخل المسجد، وأعاقت وصول الطواقم الطبية لإخراج المصابين.

وسُمع دوي عشرات الطلقات في باحة المسجد الأقصى، حيث تجمع حشد من المصلين في آخر يوم جمعة من شهر رمضان، فيما أكدت مراسلة وكالة “فرانس برس” أنّ “دخاناً تصاعد من المكان في البلدة القديمة بالقدس”.

وأفادت المصادر بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث الممارسات الإسرائيلية في القدس، وتنفيذ قراراته المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

وقال عبّاس في كلمة وجهها لأهل القدس عبر “تلفزيون فلسطين”، إنه يُحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عما يجري في القدس.

الخارجية الأميركية تدعو للتهدئة

ومنذ أسبوع، تشهد القدس الشرقية المحتلة، تظاهرات احتجاجية يومية بسبب نزاع حول ملكية أراضٍ بنيت عليها منازل عدة في حي الشيخ جراح، وتعيش فيها 4 عائلات فلسطينية مهددة بالإجلاء لصالح مستوطنين إسرائيليين.

ودعت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إلى “التهدئة” في القدس و”تجنّب” عمليات إجلاء العائلات الفلسطينية لصالح المستوطنين.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جالينا بورتر للصحافيين: “نشعر بقلق عميق إزاء تصاعد التوتر في القدس”. وأعربت عن “القلق بشأن عمليات الإجلاء المحتملة للعائلات الفلسطينية” من أحياء في القدس الشرقية “التي يعيش الكثير من أفرادها في منازلهم منذ أجيال”.

جريمة حرب

وشهد حي الشيخ جراح ليلة الخميس – الجمعة، مواجهات واسعة بين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين من جهة أخرى، أصيب فيها 20 مواطناً فلسطينياً. وأعلنت إسرائيل اعتقال 15 فلسطينياً.

وحذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في وقت سابق الجمعة، الحكومة الإسرائيلية من أن تهجير فلسطينيين من حي الشيخ جراح، ونقل مستوطنين إليه، يُمثل “انتهاكاً لالتزاماتها” بموجب القانون الدولي، وربما يرقى إلى “جريمة حرب”.

وطالب المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، في بيان صحافي، إسرائيل بـ”الوقف الفوري لجميع عمليات الإخلاء القسري، و”احترام حرية التعبير والتجمع، لمن يحتجون على عمليات الإخلاء.

وقال البيان إن “8 أسر من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية تواجه خطر الإخلاء القسري بسبب طعن قانوني”، ما يعرض “أربعاً من هذه العائلات، لخطر وشيك”.

القدس خط أحمر

ووجه الفلسطينيون دعوات إلى للاعتصام مساء الجمعة، أمام البيوت الفلسطينية التي استولى المستوطنون عليها والتي هددوا بالاستيلاء على بعضها الآخر في حي الشيخ جرّاح.

وكانت المحكمة المركزية في القدس قضت في وقت سابق من العام الجاري بإخلاء أربعة منازل يسكنها فلسطينيون بعقود أعطتها لهم السلطات الأردنية عندما كانت تدير القدس الشرقية بين عامي 1948 و1967.

وجاء ذلك، دعماً لمطالبة مستوطنين بملكية هذه المنازل. وقال هؤلاء إن “عائلات يهودية عاشت هناك وفرّت في حرب عام 1948 عند قيام دولة إسرائيل”.

من جهته، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في تغريدة على تويتر إن “الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية والاستفزازية في القدس المحتلة، بما في ذلك التهديد غير الإنساني بطرد الفلسطينيين في الشيخ جرّاح من منازلهم، تدفع التوتر إلى حدود خطيرة”.

وأضاف الصفدي: “القدس خط أحمر، هذا لعبٌ بالنار”.

طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، مجلس الأمن الدولي ومنظمة “اليونسكو” بتحمل مسؤولياتهما تجاه ما يجري في المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

إرهاب منظم

وأكدت الوزارة، في بيان مساء الجمعة، إن الاعتداء الهمجي المتواصل ضد القدس وإحيائها ومهاجمة المقدسين والمصلين، يكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل كدولة احتلال وتمييز عنصري وإرهاب منظم وقمع للحريات ومبادئ حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حريته في العبادة والصلاة والوصول إلى الأماكن المقدسة بحرية.

وأدانت اقتحام قوات الاحتلال وشرطتها وأجهزتها المختلفة باحات المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء على المصلين بوحشية، معتبرة أنها جريمة وانتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.

وقالت إن تخلي المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المختصة وفي مقدمتها “اليونسكو” عن مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، يشجع الاحتلال على التمادي في استهداف المسجد الأقصى المبارك، لتكريس تقسيمه الزماني على طريق تقسيمه مكانيا.

وأضافت الوزارة أن عجز الأمم المتحدة عن تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة يفقدها ومجلس الأمن الدولي أية مصداقية في احترام التزاماتهم والقيام بواجباتهم تجاه ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني ومقدساته وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.

القيادي الفلسطيني محمد دحلان

وأكد القيادي الفلسطيني محمد دحلان، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على القدس والمسجد الأقصى لن يفت عضد أهلنا الذين يخوضون معركة التحرر والسيادة بكل شجاعة وبصدورهم العارية متسلحين بحقهم التاريخي والأبدي في مدينتنا المقدسة.

وأضاف دحلان، خلال تغريدة له عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم الجمعة، أن ” القدس ستنتصر و سينتصر أهل  القدس كما انتصروا في كل معارك السيادة .

وأكمل قائلا، “لن ينجح الارهاب الصهيوني وقطعان المستوطنين في تركيع إرادة شعبنا أو كسرها، واجبنا الآن قيادة وشعبًا دعم صمود أهل القدس.

وتابع  “لتكن معركة الشيخ جراح معركة كل الفلسطينيين ولندعم أهلنا هناك بكل إمكانياتنا المتاحة ولنتسلح بوحدتنا الوطنية نصرة للقدس وأهلها”.

رئيس حركة حماس

وجه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، رساله إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين لنتنياهو  قائلا :”لا تلعب بالنار وهذه معركة لا يمكن أن تنتصر بها وعلى صخرة المسجد الأقصى سوف يتحطم هذا الكبرياء والجبروت الإسرائيلي”.

وأضاف هنية، في تصريح صحفي مساء الجمعة، “قرارنا واضح أن ما يجري انتفاضة يجب أن تتواصل ولن تتوقف، ليعلم الجميع أننا نتحدث عن عي وإدراك ومقاومة وثورة”، مؤكداً  أن الاحتلال يرتكب حماقات في القدس لا يعرف نتائجها.

وتابع “أي معركة يفتحها الاحتلال في القدس لا يمكن أن ينتصر بها، فدائمًا كانت القدس على صخرتها تتحطم المؤامرات”، مضيفا أن “القدس رغم كل ما يجري من همجية إسرائيلية مزقت صفقة القرن بصمود أبناء القدس وانطلاق المحزون الجهادي الذي يسكن كل مواطن فلسطيني”.

وأكد هنية، أن ما قبل هذه الأيام ليس كما بعدها على المستوى الفلسطيني والعربي والإسلامي، وقال “أجريت اتصالات عديدة مع عدد من المسؤولين في المنطقة في الدول العربية الإسلامية وحذرنا من مغبة هذا العدوان الذي يجري الآن في المسجد الأقص، وطالبنا بالتدخل العاجل لوقف هذا العدوان وكبح جماحه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى