القاهرة ترفض دعوة أنقرة لعقد جولة مفاوضات جديدة

أفادت مصادر سياسية مطلعة، الخميس، إن القاهرة رفضت دعوة من النظام التركي لعقد جولة مفاوضات جديدة في أنقرة، لحل القضايا الخلافية بين الطرفين.

واشترطت القاهرة على أنقرة “سحب جميع مقاتليها أولاً من الأراضي الليبية”، مشيرة إلى أن “الإدارة المصرية تؤكد ضرورة وجود رغبة حقيقية لدى تركيا، لإنهاء المشكلات”، بحسب تلك المصادر.

وفي مايو الماضي، أجرت القاهرة وأنقرة “مباحثات استكشافية“، استضافتها العاصمة المصرية على مستوى نواب وزيري الخارجية، تطرقت إلى القضايا الثنائية، والوضع في ليبيا وسوريا والعراق، ومنطقة شرق المتوسط.

وكشف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في 10 يونيو، في مقابلة مع قناة “تي آر تي” التركية، عن تقارب جديد في العلاقات مع مصر، مشيراً إلى اجتماع على مستوى وزيري خارجية البلدين، واتفاق لإعادة السفراء بشكل متبادل سيحدث خلال الفترة المقبلة.

بناء الثقة

مسار المصالحة بين مصر وتركيا تعرّض إلى انتكاسة خلال الأيام الماضية بعدما شهد خطوات متسارعة على مدى أشهر، إلّا أن الباب لا يزال مفتوحاً لاستئناف رحلة بناء الثقة بين الجانبين، عبر عقد مزيد من جولات المباحثات حول القضايا العالقة.

ويتصدر الملف الليبي مشهد تعثّر المفاوضات بين القاهرة وأنقرة، حيث تتباعد وجهتا النظر بخصوص نقاط عدّة، إضافة إلى استئناف حملات التراشق الإعلامي بين الجانبين، بعدما هدأت حدتها نسبياً منذ مارس الماضي.

مصادر مقربة من الحكومة التركية، إن أبرز نقاط الخلاف بين البلدين تتركز حول “مطالبة القاهرة بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية بما فيها القوات التركية من ليبيا، إلّا أن أنقرة ترى أن وجودها ضرورة تقتضيها مرحلة التهدئة والانتخابات المقبلة، والمقررة في ديسمبر نهاية العام الحالي”.

شروط القاهرة

المصادر ذكرت أن “الجانب المصري يُصرّ، إلى جانب بلدان عدّة تؤيد نظرته، على إشراك قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر في العملية الانتخابية القادمة”.

وأضافت المصادر أن الإدارة المصرية، “ترى أن حفتر يجب أن يكون جزءاً من العملية السياسية التي تقودها الحكومة الوطنية الجديدة، بدعم مساعي دولية لإنهاء الصراع الدائر في ليبيا”.

وحول موقف الجانب التركي من وجهة النظر المصرية، أوضحت المصادر ذاتها أن “أنقرة ليست لديها مشكلة في هذا الطرح من حيث المبدأ، إلّا أنها ترفض وجود حفتر في المستقبل الليبي، وتطالب بإيجاد شخصية بديلة”.

وكانت وسائل إعلام ليبية قالت إن تركيا تواصلت مع السلطات في طرابلس لتمرير ورقة تركية في مؤتمر “برلين 2″، تطالب المجتمع الدولي باستثناء القوات التركية و”القوة الصديقة لها”، من مطلب انسحاب القوات الأجنبية.

مؤتمر برلين 2

ولكن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، قال خلال إلقاء البيان الختامي لـ”مؤتمر برلين 2″، الأربعاء، إنه يعتقد أن هناك تفاهماً بين تركيا وروسيا على سحب تدريجي للقوات من ليبيا للحفاظ على التوازن وإنه لن يحدث بين عشية وضحاها.

بدوره، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريحات صحافية قبيل مشاركته في مؤتمر “برلين 2″، إن “خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا أمر ضروري”، مؤكداً دعم طرابلس لـ”السيطرة على بلادهم واستعادة مواردهم”.

وقالت وسائل إعلام ليبية، الأربعاء، إن وفد تركيا في مؤتمر “برلين 2″، حاول تمرير فقرة بالمادة 5 في البيان الختامي للمؤتمر تنص على “سحب المرتزقة فقط” من ليبيا، الأمر الذي قوبل برفض مصر وحلفائها العرب والأجانب في المؤتمر.

وقالت صحيفة المرصد الليبية نقلاً عن مصادر إن وفد تركيا وافق على الاعتراض المصري بشرط إضافة فقرة تنص على “سحب القوات الأجنبية والمرتزقة بما لا يتعارض مع اتفاق وقف إطلاق النار”، لكن هذه النقطة قوبلت بالرفض أيضاً.

وحول مستقبل العلاقات بين القاهرة وأنقرة، التي شهدت توتراً منذ عام 2013، توقعت المصادر التركية، أن “الخلاف بين الطرفين لن يستمر، مشيرة إلى أنه سيتم إيجاد صيغة مشتركة لأن الخطاب الرسمي التركي والمصري، أكدا على ضرورة المتابعة بأجندة إيجابية، خاصة أن مصالح مشتركة سياسية واقتصادية وإقليمية تربط البلدين، إلّا أن ذلك سيتطلب بعض الوقت”.

التراشق الإعلامي

ما يشبه “الهدنة” الإعلامية التي التزم بها الطرفان طوال أشهر، خرقتها الاتهامات التي وجهها مستشار رئيس رئيس التركي رجب طيب أردوغان في حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، ياسين أقطاي، للإدارة المصرية بسبب الأحكام التي صدرت ضد قيادات جماعة الإخوان، في قضية “فض اعتصام رابعة”، خلال مقال نشر في صحيفة “يني شفق” التركية.

في المقابل، وجّه إعلاميون مصريون معروفون بمواقفهم المؤيدة للحكومة، انتقادات حادّة لمستشار أردوغان، إضافة إلى إعلانهم “التأكيد على ضرورة الانسحاب التركي من الأراضي الليبية إذا أرادت أنقرة عودة العلاقات مع القاهرة”.

ورغم أن الحكومة التركية دعت قبل أشهر “القنوات التابعة لجماعة الإخونجية التي تبث من تركيا، إلى “وقف التدخل في الشؤون المصرية”، وفقاً لمصادرنا، إلّا أنها واصلت هجومها ضد الحكومة المصرية، بعد صدور حكم نهائي بإعدام 12 من قيادات “الإخوان”.

وكانت القنوات الداعمة للإخونجية، والتي تصنفها مصر “معادية”، أعلنت في أبريل الماضي دخول بعض أشهر مقدميها في إجازات، تاركة الباب مفتوحاً بشأن مصيرهم.

وأكد مقدم برامج بإحدى القنوات التي تعتبرها القاهرة “مناوئة”، وقف عمله بشكل نهائي والبحث عن وجهة أخرى. وقال معتز مطر، إن “الإجازة المفتوحة مع القناة نفدت، وعلاقتي وفريق الإعداد بالقناة انتهت”، حسب تعبيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى