المعارضة الصومالية لم تعد تعترف بفرماجو رئيساً للبلاد

وتوصي بإنشاء مجلس وطني انتقالي

قال بيان لقادة المعارضة الصومالية، اليوم الإثنين، إنه “اعتبارا من 8 فبراير/شباط 2021، لن يعترف مجلس مرشحي المعارضة بمحمد عبد الله فرماجو رئيسا للبلاد”.

وانتهت الإثنين، مدة ولاية فرماجو، دون التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن الآلية التي سيتم من خلالها المضي قدما نحو انتخابات لاختيار رئيس جديد للبلاد.

وأضاف بيان المعارضة: “لن يقبل المجلس بأي شكل من أشكال تمديد الولاية عبر الضغط، والقمع وتأجيل الانتخابات”.

وعليه، أوصى اتحاد مرشحي الرئاسة بـ”إنشاء مجلس وطني انتقالي يتألف من رؤساء مجلسي البرلمان (الشعب والشيوخ)، ورؤساء الولايات، وممثلين عن اتحاد المرشحين والمجتمع المدني”.

وتتمثل آلية المجلس الانتقالي في انتخاب واحد من أعضائه رئيسا يقود المرحلة الانتقالية.

ودعا اتحاد مرشحي الرئاسة، رئيس مجلس الشعب محمد مرسل شيخ عبد الرحمن، توجيه دعوة رسمية إلى رؤساء الولايات لعقد اجتماع للعمل على صيغة توافقية شاملة.

كما طالب بإصدار جدول زمني للانتخابات في أسرع وقت ممكن دون تأخير بعد الاجتماع المذكور.

واتحاد مرشحي الرئاسة يعد أكبر وأقوى كتلة معارضة في الصومال، ويضم نحو ١٤ شخصا بينهم رؤساء سابقون ورؤساء حكومات وولايات ووزراء سابقون.

وتأسس  الاتحاد في ٢١ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لإجهاض جهود فرماجو الساعية لاختطاف الانتخابات .

وأمس الأول السبت، انهارت المفاوضات بين فرماجو ورؤساء الولايات، في تعثر أعاد أزمة الانتخابات إلى مربعها الأول.

فشل حاول رئيس البلاد التهرب من مسؤوليته، راميا الكرة في ملعب الولايات الإقليمية المناهضة لأجندته، في وقت ذهبت فيه المؤشرات إلى أن الرجل كان يناور من أجل التمديد لولايته الرئاسية.

ويرى مراقبون أن السبب الحقيقي وراء انهيار المفاوضات هو مماطلة وتعنت فرماجو بشأن حلول تتطلب تنازلات في إطار الدستور.

وكان فرماجو يصر على إجراء انتخابات تعتمد على الصوت الواحد للناخب الواحد، الذي يمكن من خلاله تمديد فترة حكمه لمدة تتراوح بين عام وعامين، لكن المعارضة الصومالية من الولايات والأحزاب رفضت تلك الخطة كليا.

وفشل فرماجو بإجراء الانتخابات العامة في البلاد التي أضحت المكسب الوحيد للسياسة الصومالية خلال العقدين الماضيين، كما فشل أيضا بإيجاد صيغة وطنية توافقية لإجراءها خلال ولايته وهو الرئيس الوحيد الذي سجل هذا الرقم في سجله.

الخلافات السياسية والجمود وانسداد الأفق في المشهد الصومالي تؤكد صعوبة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الوقت القريب نظرا للفجوة الحاصلة في المشهد ما لم يكن هناك تدخلات حاسمة من المجتمع الدولي أو تنازلات مفاجئة من المكونات السياسية في البلاد لإجراء الانتخابات.

أربع سنوات عجاف من حكم فرماجو للصومال، وفشل خلالها في ثلاث ملفات رئيسية هي الأمن والسياسية الداخلية والسياسة الخارجية، إضافة إلى مظاهر السياسة الصومالية التي بدت أكثر إقصائية من أي وقت مضى في عهد فرماجو.

الأمن

انسحاب القوات الأمريكية من الصومال ورغم القرار الأمريكي المستقل حيال ذلك لكن أحد أسباب القرار، حسب مراقبين، تدخلات فرماجو في سياسة تدريب وتوجيه القوات الصومالية الخاصة التي تدربها واشنطن منذ 2014 لمحاولة استخدامها في السياسة وفرض تأثير أقارب له على قيادة تلك القوات المعروفة بـ”دنب”.

هجمات إرهابية مميتة وغير مسبوقة عاش الصومال في ظل نظام فرماجو المنتهية ولايته اليوم الإثنين، لعل أبرزها  هجوم 4 أكتوبر 2017 وسط مقديشو الذي خلف نحو ألف  شخص ما بين قتيل وجريح، وكذلك هجوم  “أكس كونترول أفجوي” الذي سقط على إثره عام 2019 نحو 100 قتيل، وعدة هجمات أخرى لم يعشها الصومال قبل نظام فرماجو، ومرت تلك الانفجارات دون محاسبة أحد أو حتى فتح تحقيق فيها.

السياسة الداخلية

اغتيالات سياسية شهدها الصومال خلال حكم فرماجو أبرزها مقتل عمدة مقديشو السابق المهندس عبدالرحمن عمر عثمان يريسو في مكتبه ببلدية مقديشو في يوليو/تموز الماضي عام 2019 بتفجير انتحاري ما فسره محللون أمنيون حينها بأنه “أمر مدبر وأكبر من مجرد تفجير إرهابي نفذته حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة”.

انتهج فرماجو خلال السنوات الأربع من ولايته سياسة داخلية قاسية، وقضى جانبا كبيرا من ولايته في محاربة الولايات الإقليمية، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، خاصة الولايات الإقليمية التي عارضت توجهاته السياسية ووقفت في وجهه مثل ولايتي جوبلاند وبونتلاند، وأدى ذلك إلى شرخ في الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، كما خلق جوا مكهربا أدى إلى خدش وحدة الشعب الصومالي.

كما فشل فرماجو بإجراء انتخابات عامة في موعدها أو حتى التوصل إلى صيغة مشتركة مع المكونات السياسية الأخرى لإجرائها ما يجعل ما يفسر انعكاس تصرفاته السابقة وغطرسته بمحاولات الاستفراد بالقرار الوطني ما يعرض البلاد للخطر بسبب إنسداد الأفق في المشهد الصومال.

اعتمد  فرماجو سياسية جديدة في عهده تمثلت بسلب حقوق سكان الولايات الإقليمية ومصادرة إدارتها واختطاف انتخابات ثلاث ولايات محلية لصالح موالين لنظامه بدء من ولاية جنوب غرب الصومال (2018) ، ولاية غلمدغ (فبراير 2020) وأخير ولاية هيرشبيلى (نوفمبر 2020)، واستخدم فرماجو بتلك الولايات الأجهزة الأمنية وأموال خزينة الدولة.

دبلوماسية الاستعداء

خلال أربع سنوات من ولاية فرماجو لم تستقر قيادة وزارة الخارجية الصومالية ومر عليها ثلاث وزراء كما تغيرت توجهات الدبلوماسية الصومالية كتغيير الوجوه التي قادت المشهد، وسلك فرماجو سبيل الاستعداء مع الدول العربية والصديقة للصومال مثل السعودية ومصر والإمارات جيبوتي وكينيا.

كما لجأ فرماجو إلى التقارب مع دول كان يراها تخدم مصالح حملته للبحث عن ولاية ثانية مثل إريتريا ورأى المراقبون ذلك فشلا ذريعا في توازن مصالح الدول الإقليمية والعربية مع الصومال.

سياسة خلق النزاعات والعداوات حضرت بقاموس فرماجو في تسيير الشأن الصومالي بدل تصفيرها وفق الأسس المطلوبة لأي دبلوماسية ناجحة، وواصل فرماجو تهوره الدبلوماسي حتى وصل إلى طرد المبعوث الأممي في الصومال، نيكولاس هيسوم، مطلع عام 2019، ما أدى إلى إدانة مجلس الأمن الدوي هذا القرار بالإجماع.

ختام سيء

يذهب فرماجو من الحكم وقد مر الصومال في نفق مظلم مستخدما كل أساليب القمع مثل هجوم على منزل المعارض الصومالي البارز زعيم حزب ودجر عبد الرحمن عبدالشكور ورسمي في ديسمبر 2017 وسن قانون جديد للاعلام لتكميم أصوات المعارضة إضافة إلى خلق فجوة بين بين الشعب الصومالي، والطبقة السياسية التي أضحت أكثر بعد من نيل ثقة شرائح المجتمع بسبب تصرفات زمرة فرماجو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى