النمسا تستحدث قوانين جديدة لمواجهة التطرف والإرهاب

وافق مجلس الوزراء النمسا برئاسة المستشار سيباستيان كورتس، الأربعاء، على مجموعة واسعة من الإجراءات التي تهدف إلى سد الثغرات الأمنية، في أعقاب الهجوم الذي شنه متطرف في فيينا وقتل به 4 أشخاص.

وقال كورتس في تغريدة عقب اجتماع مجلس الوزراء: “سنستحدث جريمة جنائية تسمى الإسلام السياسي حتى نتمكن من اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين ليسوا إرهابيين، لكنهم يخلقون أرضية خصبة لهم”.

كما تشمل المقترحات القدرة على إبقاء المدانين بجرائم إرهابية خلف القضبان مدى الحياة، والمراقبة الإلكترونية للمدانين بجرائم تتعلق بالإرهاب عند إطلاق سراحهم، وتجريم التطرف السياسي بدوافع دينية.

وقال كورتس إن الإجراءات، التي ستعرض على البرلمان في ديسمبر للتصويت عليها، تتخذ نهجا ذي شقين، وتستهدف كلا من الإرهابيين المشتبه بهم وأيضا الأيديولوجية التي تحركهم.

وقتل 4 أشخاص في هجوم الثاني من نوفمبر، كما قتل المسلح نفسه، وأصيب 20 آخرون من بينهم شرطي.

وحددت السلطات في النمسا هوية المهاجم على أنه كويتيم فيض الله، البالغ من العمر 20 عاما، وهو يحمل جنسية مزدوجة من النمسا ومقدونيا الشمالية، وسبقت إدانته بمحاولة الانضمام إلى تنظيم “داعش” في سوريا، وتم إطلاق سراحه مبكرا في ديسمبر الماضي.

وتم فتح تحقيق في سبب عدم خضوع فيض الله للمراقبة في النمسا، رغم تلقي الحكومة معلومات من السلطات السلوفاكية بأنه حاول شراء ذخيرة من متجر في براتيسلافا في يوليو.

وتتضمن إجراءات فيينا أيضا اقتراحا بتجريد الأشخاص من الجنسية النمساوية، إذا أدينوا بجرائم تتعلق بالإرهاب.

واعتبرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن النمسا تعتبر “النموذج الأمثل” في التصدي للإرهابيين والمتشددين في القارة الأوروبية، بعكس فرنسا التي تسعى لتحقيق ذلك.

ومع أن حكومة المستشار النمساوي سيباستيان كورتس لم تنجح في إحباط هجوم فيينا الإرهابي، لكنها تكافح الإرهاب بخطوات حازمة وتتحدث منذ سنوات باللغة التي يستخدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاليا.

وبقدر ما كان هجوم فيينا مأساويا، فإنه لم يكن مفاجئا لخبراء مكافحة الإرهاب.

وسلط الهجومان الضوء على ظاهرة الإرهاب في القارة الأوروبية، وهو تهديد لم يتبخر بحسب خبراء مكافحة هذه الظاهرة.

لكن ما هو مؤكد، أن التهديد الإرهابي في الوقت الراهن أقل حدة مما كان عليه الوضع بين عامي 2014 و2017، عندما نفذ متطرفون هجمات دامية بدا بعضها وكأنه يحدث بصورة منتظمة، وكان بعضها بتحريض من تنظيم “داعش” الإرهابي، الذي انهار في معقليه بسوريا والعراق.

تقول “فورين بوليسي” إن كورتس وحزبه جعلوا من مواجهة “الإسلاموية” بشقيها العنيف وغير العنيف، إحدى أولويات سياستهم.

وأضافت أن كورتس متقدم كثيرا على ماكرون، الذي يتحدث في هذه الأيام عن ضرورة مواجهة الأصولية، إذ إن المستشار النمساوي يتحدث عن الأمر منذ سنوات طويلة.

ولدى كورتس رؤية بشأن “الإسلاموية”، إذ يعتبرها تهديدا للحياة الديمقراطية والتماسك الاجتماعي في النمسا، كما أثار الانتباه بشأن التمويل الأجنبي للمؤسسات الإسلامية المحلية في بلاده وتأثيرات ذلك.

وقالت المجلة الأميركية إن “المستشار النمساوي اتخذ إجراءات ملموسة بهذا الشأن، فعلى سبيل المثال، أقرت النمسا في 2015 مراجعات للقانون الذي ينظم العلاقة بين الدولة والمجتمع المسلم فيها”.

وأعاد كورتس تنظيم معايير تعيين الأئمة، بالإضافة إلى حظر التمويل الأجنبي للمؤسسات الإسلامية في النمسا، وقدمت الحكومة قانونا يحظر رموز تنظيم الإخوان الإرهابي.

كما شرعت فيينا في إجراءات لإغلاق العديد من المساجد المتطرفة وطرد الأئمة المتشددين، وأنشأت مرصدا دائما للإسلام السياسي.

على الجهة الأخرى، بدأت فرنسا في اتخاذ هذه الإجراءات في الآونة الأخيرة، بعدما قطع متطرف شيشاني رأس أستاذ تاريخ وجغرافيا في باريس، فيما بدا أنها متأخرة للغاية مقارنة بالنمسا.

واعتبرت “فورين بوليسي” أن “السياسة النمساوية في مواجهة التطرف والإرهاب حققت نجاحا نسبيا، رغم كل العقبات على اعترضت طريق الحكومة”.

ومن بين التحديات التي واجهت حكومة كورتس عقبات من قبيل قلة الموارد المخصصة والصعوبات القانونية في ترحيل المتطرفين وحل المنظمات المتشددة، والأحكام القضائية المخففة كما ظهر في حالة منفذ هجوم فيينا، إلا أن المستشار النمساوي لم يقف مكتوف الأيدي.

قد يظن البعض أن النمسا بصورتها الهادئة في أذهان الجميع، بعيدة عن التهديدات الإرهابية، لكن ذلك ليس صحيحا على الإطلاق.

وواجهت النمسا تهديدا إرهابيا خطيرا في السنوات الماضية، فنحو 300 من مواطنيها غادروا البلاد للانضمام لتنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق، في واحد من أعلى المعدلات في أوروبا.

وكان المتشددون قد وجدوا في النمسا ملاذا لهم منذ أمد بعيد، الأمر الذي أفضى فيما بعد إلى تنامي ظاهرة التطرف في البلاد.

وعلى سبيل المثال، استقر عضو مصري في تنظيم الإخونجي في النمسا، ثم بدأ نجله العمل الدعائي لصالح التنظيمات الإرهابية، قبل أن يسافر إلى سوريا حيث التحق بـ”داعش”، وقتل في غارة جوية أميركية.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى