الولايات المتحدة تعرب عن “خيبة الأمل والانزعاج” من زيارة الأسد للإمارات

وتعتبرها محاولة واضحة لإضفاء الشرعية على الرئيس السوري

أعربت الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم السبت، عن “خيبة الأمل والانزعاج” من زيارة رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد إلى دولة الإمارات، مؤكدة رفضها لما وصفته “محاولات إضفاء الشرعية” على الحكومة السورية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان، “نشعر بخيبة أمل وانزعاج عميقين من هذه المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية على بشار الأسد”.
وأضاف البيان: “وكما كرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، نحن لا ندعم جهود إعادة تأهيل الأسد، ولا ندعم تطبيع العلاقات مع الآخرين.. لقد كنا واضحين بشأن هذا مع شركائنا”.
وأمس الجمعة، زار الرئيس السوري بشار الأسد، دولة الإمارات العربية المتحدة، والتقى بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء في الإمارات.
ورحب حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، بزيارة الأسد والوفد المرافق له، والتي تأتي في إطار “العلاقات الأخوية بين البلدين”، معربا عن خالص تمنياته لسوريا وشعبها أن “يعم الأمن والسلام كافة أرجائها، وأن يسودها وعموم المنطقة الاستقرار والازدهار بما يعود على الجميع بالخير والنماء”، بسحب قناة الرئاسة السورية على “تلغرام”.

التعاون والتنسيق المشترك

كذلك، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس السوري.

ورحب الشيخ محمد بن زايد خلال اللقاء الذي جرى في قصر الشاطئ بزيارة الرئيس السوري والتي تأتي في إطار مواصلة التشاور والتنسيق بين البلدين حول مختلف القضايا.

كما، بحث الجانبان العلاقات والتعاون والتنسيق المشترك بين البلدين.

وناقش الجانبان خلال اللقاء عددا من القضايا محل الاهتمام المشترك وتأكيد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية إضافة إلى دعم سوريا وشعبها سياسياً وإنسانياً للوصول إلى حل سلمي لجميع التحديات التي يواجهها.

وأكد الشيخ محمد بن زايد أن سوريا تعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي وأن دولة الإمارات حريصة على تعزيز التعاون معها بما يحقق تطلعات الشعب السوري نحو الاستقرار والتنمية.

وأشارت الرئاسة السورية إلى أن اللقاء الذي تم في استراحة آل مكتوم في المرموم في دبي “تناول مجمل العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون الثنائي لاسيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والتجاري، بما يرقى إلى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين”.

الإمارات كسرت جدار العزلة

زيارة الأسد جاءت بعد عشر سنوات من جمود العلاقات، حيث كسرت الإمارات جدار العزلة وفتحت الباب أمام سوريا للعودة إلى مكانها الطبيعي بين أشقائها العرب، وذلك بعد إعادة فتح السفارة الإماراتية في ديسمبر 2018.

تكتسب هذه الزيارة الأولى من نوعها خلال العشرية الأخيرة من العلاقات السورية الإماراتية أهمية كبيرة لما تحمله من دلالات حيث تعد زيارة الرئيس السوري إلى إحدى أهم الدول العربية والإقليمية والعالمية الفاعلة الإمارات يحمل بحسب مراقبين عدة مؤشرات مهمة جدا عن “بداية فك العزلة عن سوريا”

القمة العربية المقبلة

زيارة الأسد إلى دولة الإمارات باعتبارها أول بلد عربي يزوره منذ عقد كامل لرئيس سوري تأتي قبل نحو 10 أشهر من القمة العربية المقبلة المقررة في الجزائر في 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتفتح الزيارة مجددا الباب أمام احتمال عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر في الجامعة العربية، بعد أن علّق وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ نهاية نوفمبر 2011 عضوية سوريا في الجامعة العربية، عقب اندلاع أزمتها.

ويربط مراقبون اختيار الرئيس السوري لأن تكون الإمارات أول محطة عربية وخارجية له بعد موسكو مرتبطة بمؤشرين اثنين.

أولهما التصريح الهام الذي أدلى به الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية لدولة الإمارات في موسكو في نوفمبر 2021 والذي أكد فيه على أن “التعاون الإقليمي ضروري لبدء مسار عودة سوريا إلى محيطها”.

لكنه شدد في المقابل على أن هذا الأمر “لا بد منه، وهذا يتطلب جهدا أيضا من الجانب السوري كما يتطلب جهدا من الزملاء في الجامعة العربية”.

أما المؤشر الثاني فيعود إلى زيارة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى دمشق في نوفمبر من العام الماضي، في زيارة هي الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ أكثر من 10 أعوام.

عودة سوريا إلى الجامعة العربية

وكانت الجزائر التي تعتزم استضافة القمة العربية المقبلة، من أوائل الدول العربية بجانب الإمارات، التي دافعت عن عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية بـ”اعتبارها من مؤسسي الجامعة” وكانت أيضا من المعارضين لقرار تعليق عضويتها.

وفي مقابلة إعلامية فبراير/شباط 2020، دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى “عودة سوريا إلى الجامعة العربية”، وقال إنها “تستحق العودة إلى جامعة الدول العربية، لأنها وفية لمبادئها ومؤسسة لها، وهي من أعرق الدول العربية”.

كما أكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في آب/أغسطس 2021، على أن ملف عودة سوريا إلى الجامعة العربية “موضوع أساسي في تحضيرات القمة العربية المقبلة”.

وشدد على أن” جلوس سوريا على مقعدها في الجامعة العربية سيكون خطوة متقدمة في عملية لم الشمل وتجاوز الصعوبات الداخلية”.

وفي الوقت الذي أبدت فيه دول عربية دعمها لعودة سوريا إلى الجامعة العربية على رأسها دولة الإمارات والجزائر ومصر والأردن والعراق وسلطنة عمان، كشف أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية عن حقيقة عودة دمشق إلى مقعدها الشاغر في المنظمة الإقليمية.

وأوضح في تصريحات صحفية مطلع الشهر الحالي أن موضوع “عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية لم يبحث في السياق العام أو الإطار العربي العام في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، لا في الاجتماع التشاوري ولا في الاجتماعات الوزارية للدورة العادية لمجلس الجامعة”.

معللا ذلك بأن “هذا الموضوع سوف يترك للاتصالات الثنائية بين الدول العربية بعضها البعض، إذا توافر توافق على عودة العضوية، فسيتم الأمر”.

وتابع قائلا: “ولكن لم أرصد وجود هذا التوافق بعد”، وهو ما يفتح الباب أمام كل الاحتمالات بشأن عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر في الجامعة العربية بعد 10 سنوات من الغياب، فيما ينظر مراقبون إلى زيارة الرئيس السوري إلى دولة الإمارات وقبلها زيارات وفود عربية إلى دمشق بأنها قد “تكون بارقة أمل” في عودة العضو المؤسس لأكبر هيئة عربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى