انتقادات متصاعدة لأداء السلطة التنفيذية في ليبيا

العلاقة مع النظام التركي تثير الجدل

بسبب ابتعادها عن معالجة الملفات الداخلية الرئيسية التي انتخبت من أجلها ووعدت الليبيين بحلّها، تواجه تحركات السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا انتقادات عديدة، حيث تثير الجدل حول ملفات خارجية واستراتيجية حسّاسة وخلافية، قد يؤثر فتحها وتناولها على الانتقال الديمقراطي وتكون لها نتائج سلبية على السلام الهشّ في ليبيا.

زيارة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة مع نصف أعضاء حكومته ورئيس الأركان إلى تركيا وتوقيعه اتفاقيات جديدة مع أنقرة قبل أيام، وكذلك زيارة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى اليونان وإثارة ملف الحدود البحرية بين البلدين، هي الخطوات التي عرضت قادة ليبيا الجدد لانتقادات حادة، على خلفية تقديم الملفات الخارجية على حساب التحديّات والمشاكل الداخلية.

إهمال معالجة الخلافات الداخلية

وفي هذا السياق، قال النائب بالبرلمان جبريل أوحيدة، إن “السلطة الجديدة سلكت الطريق الخطأ والأصعب وهو البدء بالتسوية مع الخارج وإهمال معالجة الخلافات الداخلية بالحكمة المطلوبة، ووضع النقاط على الأحرف فيما يتعلق بحلّ مشكلة الميليشيات المسلّحة وتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية وحل المشاكل اليومية الحياتية للمواطن، إضافة إلى وضع حدّ لنزيف الفساد، من دون الخوض في برنامج التنمية وإعادة الإعمار وجبر الضرر وتركه إلى السلطة المنتخبة بعد الانتخابات القادمة”.

كما أضاف في تصريح صحافي، أن هذه التحركات الخارجية ستكون في مصلحة ليبيا، بحال أتت في إطار توزيع الأدوار لاحتواء خلافات هذه الدول وتباين مصالحها حول أزمة ليبيا، وبهدف تنفيذ برنامج هذه السلطة الذي ينتهي بالإشراف على إجراء انتخابات نهاية هذا العام ومن بينه إخراج المرتزقة الأجانب ووضع حد للتدخلات العسكرية لدول مثل تركيا مقابل ضمان مصالح اقتصادية لها في ليبيا.

إلى ذلك، عبر عن خشيته من أن تؤدي تلك التحركات إلى العودة للمربع الأوّل من الخلافات خاصة أنها لا تخلو من التأثر بالتحالفات السا

بقة وتأثير كل من الميليشيات المسلّحة في الغرب الليبي والقيادة العامة للجيش في الشرق على المشهد، إلى جانب وجود مزاجية ومحاباة “مستفزّة” من رئيس الحكومة في التعامل مع المكونات والمدن الليبية، بتأثير ممن كان لهم تأثير في فوزه باتخابات ملتقى الحوار السياسي، بحسب تعبيره.

المصالحة بين الليبيين هي أولوية

من جهته، رأى الكاتب والصحافي بشير زعيبة أن أعضاء السلطة الجديدة ابتعدوا عن المهام الرئيسية التي نصت عليها خارطة الطريق المنبثقة عن حوار تونس، خاصّة أن الوقت يضيق على موعد الانتخابات، بالإضافة إلى أن هناك ملفات أخرى تعهدوا بحلّها على غرار مشكلة الكهرباء ومواجهة فيروس كورونا وملف المصالحة وملفات أخرى لا تقلّ أهميّة.

كما اعتبر أن ترسيم الحدود البحرية مع اليونان، هو أولوية يونانية وليس أولوية المجلس الرئاسي ولا أولوية الليبيين، مضيفا أن المصالحة بين الليبيين هي أولوية ومهام المجلس، ويجب أن تكون أسبق من المصالحة مع اليونان، مؤكدا أن مشكلة الحكومة اليونانية هي مع تركيا وليست مع ليبيا ويجب عليها أن تحلها مع أنقرة.

على خطى حكومة السراج

ووجّه كلامه إلى المجلس الرئاسي قائلا “هذه القضيّة يجب أن تترك للسلطة القادمة المنتخبة، فلا تجبروا الليبيين مرة أخرى على دفع ثمن الخلافات بين الآخرين، وإذا كانت الحكومة اليونانية حريصة على علاقات التعاون مع ليبيا، فلا ينبغي أن تحصر هذه العلاقة وتختزلها في مسألة الحدود البحرية الجدلية، فهناك مجالات كثيرة للتعاون بين البلدين المتوسطيين”.

من جانبه، أشار المحلل السياسي سليمان العتيري، إلى أن الدبيبة بدأ يأخذ صلاحيات ليست من اختصاصه ولا يملكها، موضحا أن تمثيل الدولة في الخارج هو من صلاحيات المجلس الرئاسي، لافتا إلى أن الزيارات التي يقوم بها رئيس الحكومة وتوقيعه على اتفاقيات ومعاهدات باسم الدولة، تنذر بإحداث خلافات وخلخلة في العلاقة بين المجلس الرئاسي والحكومة.

يذكر أنه على خطى حكومة السراج السابقة، حرص الدبيبة خلال زيارته إلى أنقرة على الحفاظ على متانة العلاقات مع أنقرة من خلال الدفاع عن قانونية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وأهميتها وتعزيزها بالتوقيع على المزيد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي والإعلامي، بيما أثارت زيارة المنفي إلى أثينا إمكانية استئناف المفاوضات والمحادثات مع اليونان حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى