بسبب الحرب على قطاع غزة… المفوضية الأوروبية تقترح تعليق اتفاق التجارة مع إسرائيل

تحذيرات أممية من نفاد الغذاء وكارثة صحية وشيكة في شمال القطاع

بالتزامن مع إعلان إسرائيل توسيع عمليتها البرية لاحتلال غزة، اقترحت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، تعليق اتفاق التجارة مع إسرائيل وهو ما سيؤثر على ما قيمته نحو 5.8 مليار يورو (6.87 مليار دولار) من الصادرات الإسرائيلية بسبب الحرب على قطاع غزة، فيما عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ، بشأن نفاد المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات في شمال القطاع.

كما اقترحت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد حزمة عقوبات على وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ومستوطنين مارسوا “العنف” ضد فلسطينيين بالإضافة إلى 10 من قيادات حماس.

وتهدف التدابير المحتملة والتي لا يزال يتعين أن يوافق عليها أعضاء الاتحاد، إلى فرض رسوم جمركية على واردات من إسرائيل بقيمة نحو 5.8 مليار يورو.

لكن هذه المقترحات تمثل رغم ذلك تحولاً كبيراً في السياسات بالنسبة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي تتعرض منذ أشهر لانتقادات من بعض قادة الاتحاد الأوروبي، ومجموعات سياسية، وحتى من داخل مؤسستها، بسبب ما يقولون إنه تقاعس في مواجهة الانتهاكات في غزة، وفق “بوليتيكو”.

هدف المقترح

وأعلنت كالاس أن الاتحاد الأوروبي اعتمد نهجاً مستهدفاً بشكل متعمد لتجنب معاقبة المجتمع الإسرائيلي ككل، ودفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التعامل مع المخاوف الإنسانية في غزة.

وقالت كالاس في مؤتمر صحافي في بروكسل: “أريد أن أكون واضحة جداً. الهدف ليس معاقبة إسرائيل، بل تحسين الوضع الإنساني في غزة. ولهذا فإن المقترحات التي نتقدم بها لا تمس الناس بشكل مباشر، وإنما تضغط على الحكومة الإسرائيلية لتغيير مسارها”.

ومن المتوقع أن تواجه الإجراءات معارضة من بعض العواصم الأوروبية.

وأدى الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ قرابة عامين على غزة، وتدهور الوضع الإنساني، إلى زيادة الضغوط السياسية على القادة الأوروبيين لاتخاذ إجراءات.

ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. ووفقاً للاتحاد، بلغ حجم التجارة في السلع بينهما 42.6 مليار يورو العام الماضي.

وإذا جرى تعليق اتفاق التجارة الحرة بينهما ستواجه إسرائيل رسوماً جمركية مماثلة لتلك المفروضة على الدول الأخرى التي لا يربطها اتفاق تجاري مع التكتل.

وقال مسؤول كبير في المفوضية الأوروبية للصحافيين إنه في حالة إسرائيل، سيؤثر ذلك على صادرات تبلغ قيمتها 5.8 مليار يورو تقريباً، ويترتب عليه نحو 227 مليون يورو من الرسوم الجمركية سنوياً.

رد إسرائيل

ووصف وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة إكس المقترحات الأوروبية بأنها “مشوهة أخلاقياً وسياسياً، ومن المأمول ألا يتم تبنيها”، على حد وصفه.

وحذّر رئيس اتحاد الصناعيين الإسرائيليين رون تومر من أن مقترح المفوضية الأوروبية يمثل “خطوة خطيرة وغير متناسبة”، بالنسبة للصناعة الإسرائيلية، التي تحاول مواصلة العمل بكامل طاقتها رغم تداعيات الحرب.

ودعا تومر الحكومة الإسرائيلية إلى التحرك ضد من أسماها بـ”الدول التي تدعم الإرهاب، وتعزيز التحالفات الاقتصادية مع دول أخرى حول العالم”.

الهجوم البري الإسرائيلي في مدينة غزة

وكانت كالاس قد قالت الثلاثاء، إن الهجوم البري الإسرائيلي في مدينة غزة “سيفاقم الوضع المتأزم أصلاً”، مؤكدةً أن المفوضية الأوروبية ستعرض، الأربعاء، إجراءات للضغط على حكومة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من أجل تغيير نهجها في غزة، وذلك في وقت وجّه فيه وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر انتقادات حادة للمقترح الأوروبي.

وذكرت كالاس على منصة “إكس” أن “تعليق الامتيازات التجارية، وفرض عقوبات على الوزراء المتطرفين والمستوطنين المتورطين في العنف، سيشير بوضوح إلى أن الاتحاد الأوروبي يطالب بإنهاء هذه الحرب”، مشيرةً إلى أن الهجوم الإسرائيلي البري “يعني المزيد من الموت، والدمار، والتهجير”.

تحذيرات من نفاد الغذاء وكارثة صحية وشيكة بمدينة غزة والشمال

واليوم الأربعاء، عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ، بشأن نفاد المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات في شمال قطاع غزة، حيث يعاني مئات الآلاف من السكان من المجاعة بالفعل، بعد أن أغلقت إسرائيل المعبر الوحيد هناك الأسبوع الماضي.

كما خلص تحقيق لموقع ذا نيو هيومانيتيريان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 3 آلاف فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات في القطاع.

وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من أن الاحتلال يمنع منذ 7 أشهر مساعداتها من الدخول لغزة، مشيرة إلى أن الحاجة ماسة لإدخال الإمدادات الإنسانية لسكان القطاع.

كما أكدت أن سكان غزة يعيشون حالة من الخوف المتزايد مع استمرار القصف والدمار وتكثيف الغارات الجوية على مدينة غزة والشمال، داعية للتحرك لفرض وقف لإطلاق النار فورا ورفع الحصار والإفساح للوكالة للقيام بعملها.

 الاحتلال يتعمد عرقلة جهود منظمة الصحة العالمية

من ناحية أخرى، حذر أحمد الفرا، مدير مستشفى الأطفال بمجمع ناصر جنوبي القطاع من أن انقطاع الوقود والكهرباء يهدد حياة كثير من الأطفال المرضى والمصابين، لافتا إلى أن الاحتلال لا يكترث بمناشدات المنظمات الدولية السماح بإدخال الوقود.

كما قالت وزارة الصحة في غزة إن جيش الاحتلال يتعمد عرقلة جهود منظمة الصحة العالمية لإدخال الوقود إلى مستشفيات محافظة غزة، مما ينذر بكارثة صحية وشيكة.

وحذرت الوزارة من أن أزمة الوقود باتت تهدد بشكل مباشر بتوقف محطة الأكسجين المركزية، وتعطيل عمل سيارات الإسعاف ما يشكل تهديدا صحيا وإنسانيا بالغ الخطورة.

كما قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية -في بيان له- إن “هناك مخاوف كبيرة من نفاد مخزون الوقود والغذاء في غضون أيام إذ لا توجد الآن نقاط دخول مباشرة للمساعدات إلى شمال غزة، كما أن نقل الإمداد من الجنوب إلى الشمال يشكل تحديا متزايدا بسبب الازدحام المتزايد على الطرقات وانعدام الأمن”.

وأضاف البيان أنه تم إغلاق معبر زيكيم في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، ولم تتمكن منظمات الإغاثة من إدخال الإمدادات منذ ذلك الحين.

تهجير قسري

يشار إلى أن إسرائيل بدأت هجومها البري لاحتلال مدينة غزة في الشمال أمس الثلاثاء، وتكثف جهودها لإخلاء المدينة من المدنيين من خلال فتح طريق إضافي للمتجهين جنوبا.

ويوجد مئات الآلاف من الأشخاص الذين يحتمون في المدينة والكثير منهم مترددون في الانصياع لأوامر إسرائيل بالتحرك بسبب الأخطار على طول الطريق والظروف القاسية ونقص الغذاء في المنطقة الجنوبية والخوف من التهجير الدائم.

وتسيطر إسرائيل على جميع المنافذ المؤدية إلى غزة، وتقول إنها تسمح بدخول ما يكفي من المساعدات الغذائية إلى القطاع، الذي تواصل فيه عدوانها منذ نحو عامين، كما تدعي أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تسرق المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة.

تصعيد إسرائيلي واسع النطاق

ميدانياً، تتواصل التطورات الميدانية في قطاع غزة بوتيرة متسارعة، مع تصعيد إسرائيلي واسع النطاق يستهدف قلب مدينة غزة ومحيطها، وسط قصف جوي وبري متواصل لم يتوقف منذ ساعات.

وترافق هذا التصعيد مع إعلان حكومة الاحتلال توسيع عملياتها العسكرية، في خطوة وصفتها الأوساط الفلسطينية بأنها فصل جديد من حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج بحق سكان القطاع المحاصر منذ نحو عامين.

الغارات العنيفة، وعمليات النسف الممنهج للمنازل والبنى التحتية، خلّفت المزيد من الشهداء وعمّقت حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني، يواجهون منذ أشهر الموت البطيء نتيجة التجويع ونقص الدواء وانعدام مقومات الحياة.

عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين وانقطاع خدمات الانترنت

وأكدت مصادر في مستشفيات غزة استشهاد 75 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم، بينهم 53 في مدينة غزة.

ويعمل الاحتلال الإسرائيلي منذ أيام على شلّ أي مظاهر للحياة في غزة بهدف دفع سكان المدينة والنازحين فيها من محافظة الشمال إلى النزوح مجدداً نحو مناطق وسط القطاع وجنوبه، بهدف الدخول الفعلي إلى قلب المدينة واحتلالها ضمن مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية.

واليوم الأربعاء، أفادت شركة الاتصالات الفلسطينية بانقطاع في خدمات الإنترنت الثابت والاتصالات الأرضية في محافظتي غزة وشمال غزة، مشيرة إلى أن “الانقطاع يأتي نتيجة استهداف الاحتلال عدة مسارات رئيسية مغذية للمنطقة في ظل العدوان المستمر”.

وأضافت أن طواقمها “تعمل على مدار الساعة لإصلاح الأعطال، في ظل الوضع الميداني الخطير”.

في الموازاة، تحاول إسرائيل تسويق عملياتها العسكرية على أنها خطوة حاسمة لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين وتدمير قدرات حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، وفق ما أعلنه رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال إيال زامير خلال جولة له داخل القطاع، أمس الثلاثاء.

غير أن هذه التصريحات العسكرية ترافقت مع تحذيرات فلسطينية ودولية من أن ما يجري على الأرض يتجاوز الأهداف المعلنة ليكرّس سياسة العقاب الجماعي

وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية بغزة، خلّفت 64 ألفا و964 شهيدا، و165 ألفا و312 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، إضافة لآلاف المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم بعد.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى