بوتين يؤكد أن هزيمة روسيا في أوكرانيا مستحيلة

"الغرب يصدر ضوضاء وبدأ يدرك أن هذا ليس بالأمر السهل"

في مقابلة مع المذيع الأميركي تاكر كارلسون، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن “هزيمة روسيا في أوكرانيا مستحيلة”، مضيفاً أن تفاوض الغرب مع موسكو هو “الحل الأفضل”، كما شدد على أن العلاقات بين موسكو وكييف سوف “تتعافى”.

وقال “إن الدول الغربية تصدر ضوضاء حتى الآن صارخة بأنه من الضروري إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، هزيمة في ساحة المعركة”، ولكن الآن، على ما يبدو، بدأوا يدركون أن هذا ليس بالأمر السهل”. وأضاف: “هذا لن يحدث أبداً”.

وتابع بوتين “يبدو لي أن إدراك هذا قد وصل الآن إلى الطبقة الحاكمة في الغرب. فإذا كان الأمر كذلك، وتحقق هذا الإدراك، فكروا الآن فيما يجب فعله لاحقا.

ولفت إلى أن “أوكرانيا قررت رفض المفاوضات مع روسيا بناء على تعليمات من واشنطن، والآن على الولايات المتحدة تصحيح هذا الخطأ”.
كما أكد الرئيس الروسي أن ظهور عالم “متعدد الأقطاب” المزيد من التعاون والمسؤولية المشتركة أمر لا مفر منه. وقال إن النخب الأمريكية ردت بعدوانية بـ “القوة والعقوبات والضغط والقصف واستخدام القوات المسلحة.”

العلاقات بين الشعبين سيُعَاد بناؤها

وأوضح بوتين خلال المقابلة التي استمرت ساعتين: “هذه التعبئة في أوكرانيا، هذه الهستيريا، والمشاكل الداخلية، ستؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى اتفاق.. يبدو هذا غريباً نظراً للوضع الحالي، ولكن العلاقات بين الشعبين سيُعَاد بناؤها على أي حال، سيستغرق الأمر الكثير من الوقت، لكن العلاقات ستتعافى”.

إلّا أنه في سياق حديثه، وصف أوكرانيا بأنها “دولة مصطنعة أُنشئت بناء على رغبة ستالين، ولم تكن موجودة قبل عام 1922”.

وشدد بوتين على أن روسيا “ستقاتل حتى النهاية” للدفاع عن مصالحها. وحثَّ البيت الأبيض على التركيز على القضايا الداخلية في الولايات المتحدة.

واعتبر أن لدى الولايات المتحدة “مشكلات عدة، على الحدود، وقضايا الهجرة، وقضايا الدين العام التي تبلغ أكثر من 33 تريليون دولار”، متسائلاً: “أليس من الأفضل التفاوض مع روسيا، وعقد اتفاق؟”.

ورداً على سؤال كارلسون بشأن ما إذا كان حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد يقبل سيطرة روسيا على أجزاء من أوكرانيا، قال بوتين: “دعوهم يفكرون في كيفية القيام بذلك بكرامة، هناك خيارات إذا كانت هناك إرادة”.

” لقد خدعونا”

واستدرك بقوله إن روسيا “خُدعت” من قِبَل الغرب بعد نهاية الحرب الباردة: “لقد وقعت ضحية لحلف شمال الأطلسي العدواني”.

وتابع: “دعونا ندخل في حقيقة أنه بعد عام 1991، عندما توقعت روسيا أن يتم الترحيب بها في أسرة الأمم المتحضرة، لم يحدث شيء من هذا القبيل. لقد خدعونا”، مؤكداً أنه يتحدث بالطبع عن الولايات المتحدة، لأن “الوعود كانت أن الناتو لن يتوسع شرقاً، لكنه حدث 5 مرات، كانت هناك 5 موجات من التوسع”.

وبسؤاله عن “هل بإمكانك أن تتخيل سيناريو ترسل فيه قوات روسية إلى بولندا؟”، أجاب بوتين: “في حالة واحدة فقط: إذا هاجمت بولندا روسيا”، لافتاً إلى أنه “ليست لدينا مصالح في بولندا أو لاتفيا، أو في أي مكان آخر. لماذا نفعل ذلك؟ ببساطة ليست لدينا أي مصلحة… هذا غير وارد بتاتاً”.

بوش وفكرة توسيع الناتو

ونوَّه بوتين بأن روسيا كان بإمكانها الانضمام إلى “الناتو” تحت قيادته، لكن انفتاحه على هذه الفكرة قوبلت بالرفض من قِبَل الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون.

وأوضح: “في اجتماع هنا في الكرملين مع الرئيس السابق بيل كلينتون، هنا في الغرفة المجاورة، سألته: بيل، هل تعتقد أنه إذا طلبت روسيا الانضمام إلى الناتو، هل تعتقد أنها ستنضم؟ هل سيحدث ذلك؟ وردَّ فجأة: كما تعلم، إنه أمر مثير للاهتمام. أعتقد ذلك”، مضيفاً: “ولكن في المساء، عندما التقينا لتناول العشاء، قال لي: كما تعلمون، لقد تحدثت مع فريقي، لا، هذا غير ممكن الآن”.

وعندما سُئل بوتين عما إذا كان سيحدث ذلك فعلاً، قال: “لو قال كلينتون نعم، لكانت عملية التقارب قد بدأت، وربما حدث ذلك في النهاية”.

ويرى بوتين أن الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش هو من فتح فكرة توسُّع “الناتو” أمام أوكرانيا، مشيراً إلى أنه “كانت هناك 5 موجات من التوسع، دول البلطيق، وأوروبا الشرقية بأكملها، وما إلى ذلك، والآن لقد جاؤوا إلى أوكرانيا”.

وأردف بقوله: “في نهاية المطاف، وفي عام 2008، خلال القمة التي عُقدت في بوخارست، أعلنوا أن أبواب انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف مفتوحة”.

سحب القوات من كييف

وأكد بوتين أن روسيا سحبت قواتها “برغبتها” من محيط كييف خلال بداية “العملية الخاصة في أوكرانيا”، التي اندلعت في فبراير 2022، من أجل تسهيل اتفاق السلام.

واستطرد قائلاً: “قال لي نظرائي في فرنسا وألمانيا: كيف يمكن أن تتخيلهم (الأوكرانيون) يوقّعون على اتفاق سلام والبندقية مصوبة إلى رؤوسهم؟ ينبغي سحب القوات من كييف.. قلت، حسناً، لقد سحبنا القوات من هناك”.

وأشار الرئيس الروسي إلى أنه “بمجرد سحب قواتنا من كييف، ألقى المفاوضون الأوكرانيون على الفور جميع اتفاقاتنا في سلة المهملات، واستعدوا لمواجهة مسلحة طويلة الأمد بمساعدة الولايات المتحدة وشركائها في أوروبا”.

وأعاد التأكيد على أن الحرب في أوكرانيا ستنتهي “في غضون أسابيع قليلة” إذا توقفت الولايات المتحدة عن إمدادها بالأسلحة، مبيناً: “سأخبركم بما نقوله في هذا الشأن وما ننقله إلى القيادة الأميركية.. إذا كنتم تريدون حقاً وقف القتال، فعليكم أن تتوقفوا عن توريد الأسلحة، وسوف تنتهي الحرب في غضون بضعة أسابيع، هذا كل شيء”.

ولا يتذكر بوتين آخر مرة تحدَّث فيها إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، وقال: “لدي أشياء خاصة أقوم بها”، قبل أن يضيف: “قلت له.. أعتقد أنك ترتكب خطأ فادحاً ذا أبعاد تاريخية، من خلال دعم كل ما يحدث هناك في أوكرانيا، من خلال محاولة إبعاد روسيا”.

وقال الرئيس الروسي إن ألمانيا تزود أوكرانيا بالمال والسلاح و”هي الثانية بعد واشنطن”.

الغرب يخاف من الصين القوية

وأقرَّ بوتين بأن الغرب يخشى الصين أكثر من روسيا، لافتاً إلى “الإمكانات الهائلة” لجارته الجنوبية. وقال إن “الغرب يخاف من الصين القوية، أكثر من خوفه من روسيا القوية، لأن موسكو لديها 150 مليون نسمة، وبكين يبلغ عدد سكانها 1.5 مليار نسمة، واقتصادها ينمو بسرعة فائقة، بنحو 5%”.

وألمح إلى أنه “كان ينمو أكثر من ذلك، لكن هذا يكفي بالنسبة للصين، وكما قال (المستشار الألماني الأول، أوتو فون) بسمارك ذات مرة، الإمكانات هي الأهم. وإمكانات الصين هائلة”.

وفي سياق حواره، قال بوتين: “العالم ينقسم إلى نصفين.. ودماغ الإنسان ينقسم إلى نصفين أيضاً، أحدهما مسؤول عن نوع واحد من الأنشطة، والآخر مسؤول عن الإبداع وما إلى ذلك.. ولكنه لا يزال دماغاً واحداً في الرأس نفسه. يجب أن يكون العالم واحداً، وينبغي أن نتقاسم الأمن، بدلاً من المطالبة بـ(المليار الذهبي)، هذا هو السيناريو الوحيد الذي يمكن للعالم أن يكون فيه مستقراً ومستداماً”.

تفجير خط نورد ستريم

وعن المتهم بتفجير خط أنابيب “نورد ستريم” الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا، أجاب بوتين، الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون مازحاً: “أنت بالتأكيد”، ليرد الأخير بأنه “كان مشغولاً في ذلك اليوم”. فقال الرئيس الروسي: “ربما لديك عذر غياب، ولكن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA ليس لديها مثل هذا العذر”.

واستكمل حديثه: “الناس يقولون دائماً في مثل هذه الحالات، ابحث عن شخص مهتم، لكن في هذه الحالة، لا ينبغي أن نبحث فقط عن الشخص المستفيد، بل أيضاً عن الشخص الذي يتمتع بالقدرات، لأنه قد يكون هناك الكثير من الأشخاص المهتمين، لكن ليس كلهم ​​قادرون على الغوص في قاع بحر البلطيق وتنفيذ هذا التفجير”.

وتحدَّث بوتين أيضاً عن “صيحات وأصوات كانت تدعو لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة، لكن الآن يبدو أنهم يدركون أن هذا أمر صعب تحقيقه، بل إنه مستحيل. برأيي، هذا الأمر مستحيل بحكم التعريف. هذا لن يحدث أبداً. ويبدو لي أن من هم في السلطة في الغرب يدركون الآن ذلك أيضاً”.

العلاقة مع بوش وترامب

وبشأن علاقته مع الرئيسين الأميركيين السابقين جورج دبليو بوش دونالد ترامب، أكد بوتين أنه كانت لديه “علاقة جيدة للغاية معهما”.

وأوضح أن “بوش كان يُنظر إليه في كثير من الأحيان على أنه فتى من الريف لا يفهم الكثير”، قبل أن يوضح أن “الأمر ليس كذلك. وبشكل عام، على المستوى الشخصي، كانت تربطني به علاقة جيدة جداً”.

وبخصوص ترامب، قال: “كانت لدي علاقة شخصية مع ترامب أيضاً. الأمر لا يتعلق بشخصه كقائد”.

كما أشاد بوتين بالملياردير الأميركي إيلون ماسك، ووصفه بأنه “شخص ذكي للغاية”، ويمكنه مساعدة العالم في إيجاد طرق آمنة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.

وتابع بقوله: “أعتقد أنه لا يوجد أحد بإمكانه وقف إيلون ماسك، وسوف يفعل ما يراه مناسباً. ومع ذلك، ستحتاج إلى إيجاد أرضية مشتركة معه. يجب البحث عن طرق لإقناعه. أعتقد أنه شخص ذكي. أعتقد حقاً أنه كذلك، لذلك تحتاج إلى التوصل إلى اتفاق معه، لأن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى إضفاء طابع رسمي عليه، وإخضاعه لقواعد معينة”.

واختتم الرئيس الروسي حديثه بأنه يمكن التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الصحافي الأميركي إيفان جيرشكوفيتش (من وول ستريت جورنال) الموقوف في روسيا منذ نحو عام بتهمة التجسس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى