تحالف “حارس الازدهار” في البحر الأحمر يفقد شرعيته الإقليمية

يخدم مصالح واشنطن وإسرائيل على حساب التقارب السعودي الإيراني

أكدت تقارير غربية إن اقتصار المشاركة العربية في عملية “حارس الازدهار” التي أعلنت عنها واشنطن للتصدي لهجمات جماعة “أنصار الله” في البحر الأحمر على البحرين، قد أفقدت هذا التحالف شرعيته الإقليمية، فيما أثار غياب الإمارات والسعودية التي استعادت علاقاتها مع إيران عن هذا التحالف تساؤلات عن أسباب هذا الغياب.

مراقبون أكدوا أن التحالف الأمريكي يسعى إلى عسكرة البحر الأحمر وخليج عدن، كما يخدم مصالح واشنطن ومن خلفها إسرائيل، ويتعارض مع مصالح السعودية والإمارات، ما دفع الرياض وأبوظبي لعدم الاشتراك في هذه القوة البحرية الدولية، واعتبروا صيغة هذا التحالف أقرب للواقع من مصطلح “تحالف دولي”، لأنه يضم دولاً غالبيتها دول غربية أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا.

يخدم مصالح واشنطن وإسرائيل

وأكد الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن التحالف الذي تدعو له الولايات المتحدة الأمريكية لعسكرة البحر الأحمر، وخليج عدن وبحر العرب، يخدم مصالح واشنطن وإسرائيل على حساب التقارب السعودي اليمني الإيراني، فهناك تقارب سعودي إيراني ممثلا في توسيع دائرة السلام والاستقرار مع الجانب اليمني، من خلال الاتفاقيات التي تم الخروج بها.

 

وحسب حديث العنزي، فان الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بقفزات لحماية مصالحها على حساب هذا التقارب السعودي الإيراني، وإنْ كان ما يقوم به “أنصار الله” في البحر الأحمر لا تقبله المملكة، فذلك لأنه يمثل تهديدًا لجميع المصالح الدولية، ولكل البلدان.

وقال إن التأثير على سلامة الممرات البحرية والأمن والملاحة البحرية خطوة خطيرة، نظرًا لأهمية المضيق وما يمر به من كميات كبيرة من البترول والغاز، وهو ما يؤثر على أمن الطاقة وتدفقها وأسعارها عالميًا، كما ينعكس سلبًا على تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة في العالم.

وتابع: “المملكة لديها محور خاص في الضغط على أمريكا لكي يكون هناك تقارب سعودي أمريكي يمكن من خلاله الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف العمليات العسكرية الوحشية الانتقامية في قطاع غزة”.

ويرى أن المملكة السعودية سبق وأن واجهت هذه المحاولات والعقيدة لجماعة “أنصار الله” في اليمن، حيث تدفعهم إيران هذه المرة لكسب تعاطف الرأي العام الإسلامي والعربي، عبر استغلال القضية الفلسطينية واستثمارها إعلاميًا.

وأوضح أن التواجد الأمريكي الغربي في هذه المنطقة ليس جديدًا، فهناك بالفعل قوات في المضيق من قبل هذه الدول، حيث أقامت معظمها قواعد عسكرية في جيبوتي وجزر في دول قريبة مثل إريتريا.

وشدد على أن عدم الانضمام للتحالف لم يكن سعوديًا فقط، بل من الدول كافة الشاطئية على البحر الأحمر، مثل مصر والسعودية والسودان وإريتريا والأردن، في حين لا يمكن استبعاد أن يكون هناك نوع من التخادم بين الجانب الأمريكي والإيراني في هذه القضية.

وأوضح أن المملكة تملك من الإدراك السياسي ما يمكّنها من قراءة هذا التصعيد والهدف منه، وإمكانية أن يكون ساحة للصراعات الدولية وعسكرة للبحر الأحمر.

التقارب مع إيران

بدوره، اعتبر المحلل السياسي الإماراتي، حسن إبراهيم النعيمي، أن عدم مشاركة الإمارات والسعودية في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لحماية مضيق باب المندب والبحر الأحمر، جاء بعد إعادة تقييم الأوضاع القائمة.

وبحسب حديث النعيمي، قررت الدولتان الوقوف على الحياد في الصراعات الدولية، وعدم الدخول في أي من تلك التحالفات، حماية لمصالحها مع جميع الأطراف، لا سيما في ظل توجه الرياض وأبوظبي في الوقت الراهن وسعيهما إلى التهدئة واستقرار المنطقة، والسير في برامج التنمية الشاملة والتعاون مع الجميع حول ذلك.

وأوضح أن السعودية كانت قد اتخذت الكثير من الخطوات للتقارب مع إيران، وتوصلت معها إلى اتفاق للتعاون في مجالات عدة، إضافة إلى توجهها إلى حل مشكلة اليمن والتفاهم مع جماعة “أنصار الله”، وعدم التصعيد معهم، خاصة وأنها متضررة من هجماتهم في الجنوب.

وقال النعيمي إن الولايات المتحدة أثبتت للجميع أنها لا تهتم لأحد سوى إسرائيل، وتسعى لتحقيق مصالحها فقط، وتريد جر المنطقة لمزيد من التوتر والصراعات، وهو ما يخالف توجهات دول المنطقة، في مقدمتها دول الخليج العربي.

ويرى المحلل الإماراتي أن موقف بلاده والسعودية يتسم بالحكمة والعقلانية، والسعي لتحقيق مصالحهما وعدم خدمة أجندات الغير.

عملية حارس الازدهار

وقال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، يوم الاثنين 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إنه تم تشكيل قوة متعددة الجنسيات بقيادة واشنطن تحمل اسم “عملية حارس الازدهار” لتأمين الملاحة في البحر الأحمر.

وأوضح أنها “مبادرة أمنية جديدة ومهمة متعددة الجنسيات، أُنشئت تحت مظلة القوات البحرية المشتركة وقيادة قوة المهام المشتركة 153 التابعة لها، والتي تركز على تأمين البحر الأحمر”.

وبحسب المهام المعلنة عن العملية، فإنها ستتولى “مواجهة التحديات الأمنية، وضمان حرية الملاحة ومنع استهداف السفن العابرة من مضيق باب المندب”.

وسيكون نطاق عمل القوات المشاركة في العملية هو جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وردّت “أنصار الله” على الإعلان الأمريكي بالتأكيد أنها رفضت التواصل المباشر مع واشنطن في هذا الشأن، وقالت إن ردها العسكري سيكون غير مسبوق، وأنه سيتم إغراق السفن الأمريكية وتحويل البحر الأحمر إلى مقبرة لها إذا أقدمت واشنطن على أي عمل عسكري ضدها، مؤكدة مواصلة استهداف السفن المتجهة لإسرائيل أيا كانت جنسيتها، حتى تتوقف الحرب في غزة.

وأعلن زعيم جماعة “أنصار الله”، عبد الملك الحوثي، في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن جماعته ستشارك بهجمات صاروخية وجوية و”خيارات عسكرية أخرى”، إسنادًا للفصائل الفلسطينية في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى