تحولات مثيرة في الشارع الأوروبي تجاه أوكرانيا

الاحتجاجات ضد العقوبات الغربية على روسيا تهدد الاستقرار السياسي للحكومات

كشفت الاحتجاجات التي تتصاعد في عدد من البلدان الأوروبية ضد ارتفاع الأسعار والمعارضة للعقوبات الغربية على روسيا عن تحولات مثيرة في الشارع الأوروبي تجاه القضية الأوكرانية، فمن استقبال الأوكرانيين الفارين من النزاع في بيوتهم، إلى المطالبة بوقف المساعدات العسكرية الموجهة لكييف وتوجيه مواردها المالية للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية داخل بلدان القارة العجوز.

وتؤكد هذه الاحتجاجات مخاوف متزايدة بين القادة الأوروبيين، من أن أزمة الطاقة وارتفاع التضخم يمكن أن يؤدي إلى زيادة وتيرتها وتهدد الاستقرار السياسي للحكومات التي أطيح بعدد منها.

تلك التخوفات شقت طريقها إلى الشارع الأوروبي قبل أيام، بعد خروج الآلاف في جمهورية التشيك التي ترأس الاتحاد الأوروبي، وعدد من المدن الألمانية، وفي بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، احتجاجا على ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأساسية، مطالبين بوقف توريد الأسلحة إلى أوكرانيا وانهاء العقوبات على روسيا.

 احتجاجات عارمة

ويتوقع مراقبون من أن تتحول حالة التململ الشعبي تلك، إلى احتجاجات “عارمة” في الشارع الأوروبي، بشكل يصعب معه السيطرة على الوضع، إلا أن آخرين قللوا من احتمالية ذلك السيناريو وخاصة وأن بلدان القارة العجوز خصصت مؤخرًا حزمة ضخمة لمعالجة آثار الأزمة.

وقال الدكتور خطار أبو دياب الأستاذ المحاضر في العلاقات السياسية الدولية بجامعة باريس، في تصريحات لبرنامج “نقاش مونت كارلو”، إنه عندما داهمت حرب أوكرانيا بلدان القارة العجوز، لم يكن لدى الاتحاد الأوروبي أية استراتيجية للطاقة.

وأوضح أبو دياب، أنه مع الوقت اكتشفت أوروبا أن ذلك سيمثل نوعا من التحدي، وهو ما ألقى بظلال وخيمة على الأوروبيين، ودفع بلدان القارة العجوز ومواطنيها إلى أزمة شديدة ووضع اقتصادي “سيء”.

ورغم ذلك، إلا أن الأستاذ المحاضر في العلاقات السياسية الدولية بجامعة باريس، قال إنه لم يعد هناك مجال للتراجع الأوروبي عن السياسات تجاه أوكرانيا، مشيرًا إلى أن ذلك الوضع ولد انقسامًا داخل بلدان القارة العجوز؛ بدا واضحًا في تحميل رئيس وزراء بولندا ماتيوز موراوسكي، حمل الفرنسيين والألمان مسؤولية “انفجار” الاتحاد الأوروبي.

شعار “الفرنسيين أولا”

وفيما يتوقع اندلاع حركات اجتماعية في أكثر من بلد أوروبي تزامنًا مع الوضع الذي يتأزم مع مرور الوقت، قالت الدكتورة كريستيان صليبة أستاذة علم النفس والاجتماع بين باريس وبيروت، إنه أصبح هناك تأييد أكبر للسترات الصفراء في فرنسا.

وتوقعت الدكتورة صليبة، خروج احتجاجات للسترات الصفراء، تحت شعار “الفرنسيين أولا”، مما قد يدفع بإعادة النظر في الموقف الأوروبي، مشيرًا إلى أن الشعب الفرنسي والأوروبي بات يعاني سلبيا من الأزمة الأوكرانية التي أعقبت جائحة كورونا.

وأوضحت صليبة، أن التعاطف الأولي تجاه الأزمة كان إنسانيًا في المقام الأول، لكن نتائج الحرب الأوكرانية، دفعت الأوروبيين إلى القلق على عدد من الأصعدة، بسبب ارتفاع في أسعار الطاقة وانقطاع بعض المواد الغذائية.

وأشارت إلى أن هناك قلقًا اجتماعيًا لدى الأوروبيين الذين بدوا غير مستعدين لتحمل تبعات تلك الحرب، بالإضافة إلى أن هناك قلقًا تجاه دور الدولة، مما سيدفع بالحركات الاجتماعية إلى الشوارع تجاه الأوضاع التي بدأت تلقي بخيامها الثقيلة على المستقبل.

وأمام ارتفاع الأسعار المتزايد، تحركت الحكومات الأوروبية قبل أيام لتخفيف وطأة ارتفاع التكاليف وأزمة الطاقة المتفاقمة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وسارعت للاستعداد لاحتمال حدوث اضطرابات اجتماعية مع ازدياد برودة الأيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى