تركيا تنشر خارطة جديدة لأطماعها في الشرق الأوسط والعالم

تشمل معظم البلدان العربية واليونان ومنطقة ما وراء القوقاز وتستثني إسرائيل

الأطماع الإستعمارية التركية لا تقف عند حدود، ولا تكترث العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وباتت طموحات استعادة أراضي الدولة العثمانية البائدة علنية، إذ لم يعد هناك ما يُمكن إخفاؤه.

فقد أثارت خارطة نشرتها إحدى القنوات التلفزيونية التركية، ردود أفعال بين السياسيين العرب والروس والخبراء، والتي تعرض تمدد النفوذ التركي.

ونشرت محطة TGRT التلفزيونية، خارطة وضعها معهد “ستراتفور” الأمريكي والذي يظهر فيه تمدد النفوذ التركي لعام 2050.

وتشمل الخريطة سوريا والعراق والأردن ومصر وليبيا وشبه الجزيرة العربية بأسرها واليونان، إضافة إلى منطقة ما وراء القوقاز وبعض الأقاليم في جنوب روسيا والقرم وشرق أوكرانيا وأجزاء من كازاخستان وتركمانستان تطل على بحر قزوين وتستثني إسرائيل.
ووردت هذه الخريطة في كتاب بعنوان “الـ100 سنة القادمة: التوقعات للقرن الـ21” بقلم الباحث السياسي الأميركي جورج فريدمان، مؤسس مركز “ستراتفور” للأبحاث في مجال السياسة الدولية.
ويتضمن الكتاب الصادر عام 2009 توقعات بشأن الأوضاع الجيوسياسية في العالم خلال القرن الحادي والعشرين وتطورها وتغير موازين القوى خلال العقود القادمة.

ودعا النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما ألكسندر شيرين، حكومة بلاده بالنظر إلى الأمر بموقف جدي.

قائلا “تركيا، بعد عملية ناجحة في قره باغ، آمنت تماما بقوتها وبالتالي فهي تشير رسميا إلى أين ستذهب بعد ذلك”.

في حين أشار النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما، أندريه كراسوف، إلى أن القيادة التركية لديها أفكار حول إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية، في حين شكك في أن أنقرة ستريد ضم الأراضي الروسية بالقوة.

وقال رئيس البحث العلمي في معهد “حوار الحضارات” المستشرق أليكسي مالاشينكو على الهواء في شبكة NSN أن أنقرة تحاول إبراز الماضي الإمبراطوري للبلاد على تركيا الحالية.

وأوضح: “عندما ينظرون إلى شبه جزيرة القرم وأوروبا والشرق الأوسط ، يتذكرون أنها كانت دولة واحدة في يوم من الأيام”.

الخبير متأكد من أن عرض الخريطة هو جزء من الدعاية، وليس لتركيا تأثير كبير على روسيا وليس متوقعا في المستقبل.

وكان أردوغان، رسم خارطة جديدة لبلاده قبل نحو عام، وضمّ إليها سوريا وليبيا على اعتبارهما أجزاء تاريخية من الدولة العثمانية، وأن الأتراك خسروها بعد الحرب العالمية الأولى وحان الآن موعد استعادتها.
وتحدث حينها رئيس النظام التركي الذي لا يخفي طموحاته التوسعية، عمّا تسميه أنقرة بحرب استقلال جديدة في سوريا وليبيا.
وأعلنت أنقرة في شهر يوليو الماضي عن خارطة طريق مفصلة عن أطماعها التوسعية في شرق المتوسط وباتجاه وضع اليد على الثروات الطبيعية وذلك في المياه الإقليمية لثلاثة دول في الأقل وهي قبرص واليونان وليبيا.
وفي هذا الصدد، نشرت وزارة خارجية النظام التركي، خريطة تظهر الحقول الجديدة شرقي البحر المتوسط، والتي تنوي حكومة العدالة والتنمية التنقيب عن الطاقة فيها.
كذلك، وفي أغسطس، نشر عضو في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، خارطة لما أسماه “تركيا الكبرى” التي تضم شمالي اليونان وجزر بحر إيجة الشرقية، إضافة لقبرص وأرمينيا ونصف مساحة بلغاريا ومناطق واسعة من جورجيا وسوريا والعراق.
وفي سلسلة من تغريدات له نشرها في موقع تويتر، أشاد ميتين غلونك، وهو من أكثر مؤيدي أردوغان، بانتصار السلاجقة على الإمبراطورية البيزنطية في مانزيكيرت في عام 1071، مما سمح لأتراك آسيا بدخول منطقة الأناضول للمرة الأولى في التاريخ.
ونقل موقع “غريك سيتي تايمز” عن غلونك، الذي ينتمي للمقاطعة نفسها التي يعيش فيها والدا أردوغان، قوله “دخلت تركيا القرن الحادي والعشرين بتحركات كبيرة بروح 1071، وهي تتقدم من خلال اتخاذ خطوات كبيرة. واليوم، فإن السبب في أن العالم الغربي يأتي إلينا مرة أخرى هو صحوة أمة كانت نائمة بعد عام 1938 في 15 يوليو والانفتاح على سوريا والبحر الأبيض المتوسط وأفريقيا بروح 1071″، وهو ما يمثل اعترافا رسميا بأن تركيا تهدف إلى غزو سوريا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا.
وتابع عضو البرلمان التركي تغريداته بقوله إنّ “أحفاد أولئك الذين يعتقدون أنهم سيخرجوننا من الأناضول يحاولون اليوم إخراجنا من البحر الأبيض المتوسط.. ليس لدي شك في أنهم سيهزمون.. روح انتصار مانزيكرت حية.. حكومة تركيا والحاجة إلى تلبية روح الأمة في كل مجال”.
وكانت كل من هيثر كونلي، الباحثة ومديرة برنامج أوروبا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، وراشيل إليهوس، الباحثة ونائبة مديرة برنامج أوروبا بالمركز، خلصتا في تقرير مشترك لهما، إلى أنّ التوتر الحالي في المتوسط راسخ في سياسة تركيا الخارجية والأمنية الإقليمية الجديدة، وهي سياسة ترتكز في جانب منها على أساس عقيدة” الوطن الأزرق” التي تتبناها. وقد أسفر تنفيذ هذه العقيدة عن سلسلة من الحوادث الخطيرة التي يلاحظها حلفاء تركيا ولكن بصورة عابرة، ولا يتخذون موقفا تجاهها إلا نادرا.
ويرجع أصل عقيدة “الوطن الأزرق” التركية إلى خطة وضعها الأدميرال التركى جيم جوردنيز في عام 2006، وهي تحدد هدفا طموحا للقيام من خلال الدبلوماسية والوسائل العسكرية القوية، بتحديد وتوسيع نطاق نفوذ تركيا في البحر المتوسط، وبحر إيجه، والبحر الأسود، مع تمكين الوصول إلى مصادر الطاقة والموارد الاقتصادية الأخرى.
وتبنى الرئيس رجب طيب أردوغان هذه العقيدة في عام 2015 كجزء لا يتجزأ من استراتيجية وطنية ” للدفاع المتقدم” في سياق محاولته المستمرة التي يقوم بها لتأكيد الاستقلال التركي في جميع أوجه السياسة الخارجية لتشمل النفوذ في المناطق المحيطة ببلاده.
وقد تم استعراض مظاهر هذه العقيدة بصورة كاملة أثناء “مناورة الوطن الأزرق” في فبراير عام 2019، والتي كانت أكبر مناورة قتالية منذ تأسيس البحرية التركية، وتمّ القيام بها في وقت واحد في بحر إيجه، والبحر الأسود وشرق البحر المتوسط. ووصفت وسائل الإعلام الحكومية المناورة بأنها “بروفة حرب”. وهناك مثال آخر لممارسة هذه العقيدة تظهرها مطالب تركيا المتشددة بالنسبة للطاقة حول المنطقة الاقتصادية الخاصة لقبرص.
وكان مهندس الطموحات البحرية التركية الأدميرال المتقاعد جيم غوردنيز (62 عاماً) صاحب نظرية “الوطن الأزرق”، صرّح منذ أيام بأنّ البحرية التركية هي “الأولى” في شرق المتوسط لذلك ينبغي على تركيا أن تكون أكثر طموحا.
ويقول إن “البحر المتوسط لا يشكل سوى 1% من المحيطات والبحار في العالم. يجب أن تذهب تركيا أبعد من نسبة الـ1% هذه”. ويضيف “البحر الأحمر، بحر العرب، المحيط الأطلسي: ينبغي أن يكون لتركيا حضور هناك، كرمز لنفوذ متزايد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى