تصعيد متبادل بين السودان وإثيوبيا

طالبت السودان، اليوم السبت، إثيوبيا بالكف عما وصفها بـ”ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق”، في ظل أزمة الحدود المتصاعدة بين البلدين، واتهم عضو مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، الفريق أول شمس الدين الكباشي، إثيوبيا، بانها تمارس ما يشبه الاستيطان الإسرائيلي، وذلك خلال تعديها على الأراضي السودانية في بمنطقة الفشقة.

وشدد الكباشي على أن القوات السودانية لن تتراجع عن شبر من الأراضي التي استعادتها بمنطقة الفشقة من الجانب الإثيوبي.

بدورها حذرت إثيوبيا، أمس الجمعة، السودان من “خطأ فادح”، داعية إياها إلى “التخلي عن التصعيد والاستفزاز والتوجه نحو تسوية سلمية للنزاع الحدودي بين البلدين”.

وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان لها، إنها “تدين بأشد العبارات التصعيد والسلوك الاستفزازي لحكومة السودان فيما يتعلق بقضية الحدود بين إثيوبيا والسودان”، مشيرة إلى أن إثيوبيا تعتقد أن أي صراع بين البلدين لن يؤدي إلا إلى “أضرار جانبية جسيمة ويعرض رفاهية البلدين للخطر”، وذلك حسب وكالة الأنباء الإثيوبية.

وشدد البيان، على أن “الحكومة الإثيوبية تؤمن إيمانا راسخا بأن الصراع الذي يروج له الجناح العسكري للحكومة السودانية لن يخدم إلا مصالح طرف ثالث على حساب الشعب السوداني”، معتبرة أن لدى الحكومتين آليات كافية للتعامل مع أي مطالبات متعلقة بالحدود أو الأوضاع في الإقليم.

واتهمت الخارجية الإثيوبية “الجيش السوداني بانتهاك المبادئ الأساسية للقانون الدولي والتسويات السلمية للنزاعات من خلال غزو إثيوبيا بشكل غير رسمي في أوائل نوفمبر الماضي، مشددة أنه “خلافا لروح الصداقة والتعاون القائم بين البلدين، نهب الجيش السوداني الممتلكات وأحرق المعسكرات وهاجم وشرد آلاف الإثيوبيين وسيطر على المعسكرات العسكرية الإثيوبية التي تم إخلاؤها”.

وتابعت الوزارة أن “محاولة الجيش السوداني دفع الشعبين الصديقين في إثيوبيا والسودان إلى حرب غير مبررة وخطأ فادح من شأنه أن يقوض سلامهما واستقرارهما وتطورهما في البلدين بشكل خاص والمنطقة بشكل عام”، مؤكدة “التزامها بالتسوية السلمية لمسألة الحدود، كما دعت “مرة أخرى حكومة السودان إلى الكف عن الاستفزاز واللجوء إلى تسوية سلمية لمسألة الحدود”.

وكانت إثيوبيا أعلنت الأسبوع الماضي، استعدادها لقبول الوساطة من أية دولة لحل الأزمة الحدودية مع السودان، حال نفذت الخرطوم شرطا واحدا.

ودعا المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي، حكومة السودان إلى وقف ما أسمته “نهب وتهجير المواطنين الإثيوبيين التي بدأت اعتبارا من 6 نوفمبر بينما كانت الحكومة الإثيوبية منشغلة بفرض القانون والنظام في إقليم تيغراي”.

بدورها أدانت وزارة الخارجية السودانية، دخول القوات الإثيوبية إلى المناطق الحدودية المتنازع عليها بين البلدين، محملة إثيوبيا المسؤولية الكاملة عما سيجر إليه هذا “العدوان”. وقالت، إن اعتداء إثيوبيا على الأرض السودانية هو تصعيد يؤسف له ولا يمكن قبوله، وإن من شانه أن تكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، اليوم السبت، إن السودان لا يمكنه أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة في بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود.

وأضافت الوزارة في بيانها أن “وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط في وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر”.

وشددت الوزارة على أن الخرطوم تؤكد على العلاقات والروابط التاريخية بين الشعبين السوداني والإثيوبي وحرصها الشديد على استمرار وتنمية هذه العلاقات وتسخيرها لمصلحة مواطني البلدين والدخول في شراكات مستقبلية تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي.

وتابع البيان يقول “وتود وزارة خارجية السودان أن تؤكد، خلافا لما ورد في بيان الخارجية الإثيوبية، أن كل فئات الشعب السوداني وقيادته عسكريين ومدنيين موحدة في موقفها ودعمها الكامل لبسط سيطرة السودان وسيادته على كامل أراضيه وفق الحدود المعترف بها والتي تسندها الاتفاقيات والمواثيق الدولية، لكن ما لا تستطيع وزارة الخارجية الإثيوبية أن تنكره هو الطرف الثالث الذى دخلت قواته مع القوات الأثيوبية المعتدية الى الأرض السودانية”.

 وقال “إن السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق، بل يفندها الموقف الإثيوبي التاريخي التقليدي نفسه، ويدعوها إلى إعمال المصلحة العليا للشعب الإثيوبي الشقيق واستخلاص سياستها الخارجية من التوظيف غير المسؤول الذي تتعرض له حاليا”.

يشار إلى أن وزارة الخارجية السودانية استدعت، يوم الأربعاء، سفير الخرطوم في أديس أبابا للتشاور بشأن تطورات أزمة الحدود المتصاعدة بين السودان وإثيوبيا.

وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية منصور بولاد لوسائل الإعلام، إن استدعاء السفير يأتي بغرض التشاور بشأن تطورات الأزمة، مضيفا أن “السفير سيعود إلى مقر عمله في إثيوبيا بعد انتهاء المشاورات”.

وكانت مصادر عسكرية سودانية، ذكرت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، أن إثيوبيا ارتكبت سلسلة من التجاوزات خلال الساعات والأيام الماضية، مشيرة إلى أن السلطات السودانية رصدت حشودا إثيوبية على الحدود بين البلدين.

ويتهم السودان منذ مطلع ديسمبر “القوات والميليشيات الإثيوبية” بنصب كمين للقوات السودانية على طول الحدود، في حين تتهم إثيوبيا السودان بقتل “العديد من المدنيين” في هجمات باستخدام “الرشاشات الثقيلة”.

وأجرى الجانبان محادثات حدودية نهاية العام الماضي، وقال السودان في 31 ديسمبر إنّ قواته استعادت السيطرة على جميع الأراضي الحدودية التي يسيطر عليها مزارعون إثيوبيون.
وتقول الخارجية الإثيوبية إنها ملتزمة بحل “سلمي” للأزمة لكنها تريد من السودان الانسحاب.

الجدير بالذكر أنه في عام 1902، تم إبرام اتفاق لترسيم الحدود بين بريطانيا، القوة الاستعمارية في السودان في ذلك الوقت، وإثيوبيا، لكن الترسيم بقي يفتقر إلى خطوط واضحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى