تعاون “داعش” و”القاعدة” في أفريقيا

خوسيه لويس مانسيا

إذا كانت المعلومات عن توسع فرع تنظيم “داعش” الإرهابي بغرب أفريقيا في بداية العام مجرد توقعات، فإنها الآن تأكيدات.

هذا التوسّع لفرع “داعش” في غرب أفريقيا يتجه نحو الساحل النيجيري.

ويقود الجيش النيجيري عملياته في شمال البلاد بإصرار، بينما انتهز الإرهابيون الفرصة للانتشار على الأرض في جنوب البلاد.

وشيئا فشيئا تمدد التنظيم من بورنو إلى ولاية تارابا وكوجي وأوندو وإيدو.. وفي 5 يونيو/حزيران الماضي أعدم عناصر التنظيم نحو 50 مواطنا نيجيريا في كنيسة لا تبعد سوى 150 كيلومترا فقط عن الساحل في محافظة أوو، رغم أنه لم يعلن مسؤوليته عن هجومه الأول في أوندو حتى 22 سبتمبر/أيلول الماضي، وبعد ذلك بيوم واحد تبنّى العملية التي نُفّذت في إيدو.

وفي خضم ذلك، تعرّض سجن كوجي -30 كم من العاصمة النيجيرية أبوجا- في الساعة 10:00 مساءً لهجوم نفّذه نحو 300 إرهابي، وفقا لحراس السجن، و30 بحسب رواية سجناء أعيد القبض عليهم.

وتم استهداف السجن بالمتفجرات والأسلحة الثقيلة.. وقبل الهجوم، تم تداول مذكرات استخباراتية من خلال مكاتب مختلفة تحذر من هجوم وشيك من قبل الإرهابيين.

الجزء الأكثر إثارة للفضول في هذا الهجوم هو التعاون بين “داعش في غرب أفريقيا” وتنظيم “أنصارو” الإرهابي الموالي لتنظيم “القاعدة”.

وتولّى هذا الأخير الإعداد للهجوم عبر جمع المعلومات بهدف إطلاق سراح سجنائه، ولكن بعد أن رأى أنه لا يمتلك القدرة اللوجستية لتنفيذ الهجوم بمفرده، حاول التعاون مع “داعش في غرب أفريقيا”، ورفض “داعش” المقترح في البداية بسبب الاختلافات الأيديولوجية بينهما، لكنه وافق لاحقا بهدف إطلاق سراح سجنائه، بالإضافة إلى المقاتلين المنتمين لجماعتي “أنصارو” و”بوكو حرام” الإرهابيتين.

وفي سجن كوجي، تفاخر أحد المعتقلين، واسمه عمر أحمد لادان (ميكيفي)، بالهجوم قبل وقوعه بأشهر. فيما كان معتقل آخر يدعى مصطفى عمر، يعتبر زعيم السجن والمسؤول عن تطرف كثير من السجناء، لديه هاتف محمول يتواصل وينسق من خلاله مع الإرهابيين في الخارج.

وبعد الهجوم، تم الإفراج عن نحو 800 سجين، من بينهم أكثر من 50 إرهابيا ينتمون لـ”داعش” و”القاعدة” و”بوكو حرام”، ولم يتم القبض عليهم.

وسلك سجناء “داعش”، الذين هربوا، طريقا إلى “كاتسينا” ليتوجهوا من هناك إلى النيجر للانضمام إلى عناصر إرهابية أخرى في بحيرة تشاد.

وقبل هذا الهجوم وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، وقع هجوم مماثل على سجن أغودونغبو في أويو، على بعد 160 كيلومتراً من لاجوس على ساحل المحيط الأطلسي.

ولم يعلن الإرهابيون مسؤوليتهم عن هذا الهجوم رغم أنه يحمل بصمات تنظيم “داعش”.. وربما يرجع ذلك إلى أنه في عام 2021 لم يكن التنظيم يريد ترك أي أثر يشير إلى وجوده قرب الساحل.

ولم يكتفِ الإرهابيون بذلك، بل أطلقوا سراح 101 من عناصرهم من سجن كيريكيري في ولاية لاجوس في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ضمن عملية تبادل مقابل تحرير مسافرين تم اختطافهم في كادونا يوم 28 مارس/آذار الماضي في هجوم على قطار أبوجا-كادونا.

وتحدث الإرهابيون المسجونون في هذا السجن عن إطلاق سراحهم، مؤكدين أنهم سيعودون إلى ديارهم في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وعلموا أيضا باقتحام سجن كوجي قبل حدوثه.

حتى الآن توجد خلايا لـ”داعش” في جنوب نيجيريا.. وبعد الإعلان عن وجودهم في هذه المنطقة، لم يعد من المُجدي بالنسبة لهم التخفّي.. وبسبب عدم امتلاكهم ذات البنية التحتية الموجودة في شمال البلاد، والتي تسمح لهم بالهجوم والاختباء بسهولة، فإنهم يسعون إلى تنفيذ هجمات خاطفة وتحظى بتغطية إعلامية كبيرة مع خسائر قليلة، بما في ذلك العمليات الانتحارية.

ويبقى السؤال دائما: لماذا لم يتحرك “داعش” غربا؟

والجواب: لأن جماعة أنصارو الموالية لتنظيم “القاعدة” الإرهابي موجودة هناك، وحاليا لا يريد التنظيمان أن يتواجها فيخسرا كثيرا من نفوذهما بالاصطدام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى