تعيين قيادي إخونجي وزيراً في الحكومة الجزائرية وحركته تتبرأ منه

أثار تعيين قيادي إخونجي في حركة مجتمع السلم “حمس” الهاشمي جعبوب، وزيرا للعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، في حكومة عبد العزيز جراد، لغطا سياسيا كبيرا في الجزائر، لاسيما بعد تبرؤ “حمس” من القرار ونفيها أي تنسيق بينها وبين السلطة في هذا الشأن.

وسارع الرجل الأول في الحركة عبد الرزاق مقري، في تغريدة له على حسابه الشخصي في فسيبوك، إلى نفي أي ” تشاور أو علم بالموضوع “، وشدد على أن الحركة تلقت الخبر من وسائل الاعلام، ولم يجر أي اتصال في القضية، سواء مع الوزير، أو الجهة التي عينته.

ويعتبر الهاشمي جعبوب، أحد الكوادر القيادية في حركة مجتمع السلم، وسبق له شغل عدة مناصب وزارية في التجارة والصناعة وفي الإدارات المركزية خلال السنوات الماضية، خاصة عندما كانت حمس شريكا للسلطة خلال العشريتين الأخيرتين.

واكتفى بيان الرئاسة الجزائرية، بالكشف عن تعيين جعبوب، في منصب وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، خلفا لسلفه المقال محمد عاشق، دون الإشارة إلى تفاصيل أخرى، لاسيما وأن القرار جاء مفاجئا للدوائر السياسية ولحركة “حمس” نفسها.

وأحيى التعيين الجديد الجدل القائم حول علاقة السلطة بالإخونجية، وتطورات المشهد السياسي في البلاد عشية الذهاب لاستفتاء شعبي حول الدستور الجديد، الذي أعلنت حمس رفضها له والتصويت ضده، لأسباب قالت إنها تتصل بمسائل الديمقراطية والهوية والصلاحيات، وعدم الأخذ بعين الاعتبار مقترحاتها المقدمة في فترة الإثراء والنقاش.

وإذ ظلت علاقة حركة الإخونجية بالسلطة علاقة عضوية خلال العشريتين الأخيرتين، حيث شاركت فيما كان يعرف بـ “التحالف الرئاسي” المؤيد للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى جانب كل من جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، فان انضمام الهاشمي جعبوب، إلى طاقم حكومة عبد العزيز جراد، يمثل تحولا مفاجئا في مسيرة الحركة والسلطة معا، بعد سنوات من القطيعة (2012- 2020).

وكانت “حمس” قد قفزت من قارب السلطة بداية من العام 2011، على أمل أن تدفع بها موجة “الربيع العربي” إلى السلطة، كما فعلت مع الاخونجية في مصر وتونس، وأعلنت من ذلك قطيعة مع السلطة، واكتفت بالبقاء في المؤسسات المنتخبة (البرلمان والمجالس المحلية).

وألقى تعيين جعبوب بظلاله على مسارات المرحلة الجديدة في تاريخ البلاد، بشكل أخلط الأوراق وأعاد سيناريو تحالف السلطة والاخوان إلى الأذهان، رغم خطاب “التغيير والجزائر الجديدة ” الذي تروج له السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون.

ولا يستبعد مراقبون أن تقود عودة جعبوب إلى الطاقم الحكومي، إلى تمر في صفوف حمس، قد يعرضها لانشقاق جديد يقوده تيار الحمائم، الذي عبر منذ سنوات عن عدم رضاه عن التوجهات الراديكالية لتيار الصقور بقيادة عبد الرزاق مقري، ولم يتوان في التلويح بإمكانية الإبقاء على الشراكة مع السلطة، وهو التيار الذي كان يمثله عدد من القياديين مثل أبوجرة سلطاني وعبد الرحمن سعيدي، قبل أن يلتحق بهم الهاشمي جعبوب.

وألمحت تغريدة زعيم الحركة عبد الرزاق مقري، إلى إمكانية استدعاء الرجل إلى هيئة الانضباط للنظر في الموقف الذي هز أركان “حمس”، ولا يستبعد أن يتم عزله من صفوف الحركة، الأمر الذي يفتح فرضية انشقاق جزء آخر منها، ليلتحق بكل من جبهة التغيير، وحركة البناء.

ولم يستبعد مصدر متابع لشؤون الاخونجية في الجزائر أن يكون القرار من بدايته إلى نهايته مجرد مناورة تمت بالتنسيق بين السلطة و”حمس”، مستندا في ذلك إلى الاتصالات السرية التي كان يجريها مقري، مع الرجل القوي في النظام السابق سعيد بوتفليقة، لإيجاد مخرج لما كان يعرف بأزمة العهدة الخامسة لبوتفليقة، بينما كان في نفس الوقت يتصدر منابر قوى وتكتلات المعارضة.

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن مجرد الدعوة للتصويت بـ “لا” على الدستور في الاستفتاء الشعبي المقرر في الفاتح نوفمبر القادم، يعتبر خدمة للسلطة، كون الأخيرة يهمها الزخم الشعبي، الذي يبدد هاجس المقاطعة، أما النتائج النهائية فهي ليست بالأمر الهين عليها، الأمر الذي يطرح فرضية وقوع قرار تعيين وزير إخواني تحت غطاء صفقة أوسع بين الطرفين.

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى