تغييرُ فى الشرق الأوسط

وحيد عبد المجيد

الفرق كبير بين تغيير الشرق الأوسط، وحدوث تغيير فيه. تغيير الشرق الأوسط يعنى أنماط علاقات وتفاعلات جديدة تمامًا. أما حدوث تغيير فيه فيعنى تبدلا فى بعض موازين القوى.

وبناء على ذلك يبدو أن حديث بنيامين نيتانياهو المتكرر عن تغيير الشرق الأوسط بناء على الضربات التى تعرض لها ما يُسمى المحور الإيرانى ينطوى على خلط مقصود. فانحسار هذا المحور لا يؤدى إلى تغيير المنطقة، بل إلى تغير جزئى وليس شاملا.

انحسار المحور الإيرانى يمثل بالتأكيد فوزًا للكيان الإسرائيلى وحلفائه، ولكنه لا يغير الشرق الأوسط. كما أن أهم ما يسعى إليه نيتانياهو وحكومته وحلفاؤه لم يتحقق، ولا يبدو أنه ممكن، وهو إحداث تغيير جوهرى يجعل الكيان الإسرائيلى هو المركز الذى تدور حوله التفاعلات الإقليمية. فهذا الهدف يبدو أبعد اليوم مما كان فى أى وقت سابق منذ أن بدأت محاولات الكيان الإسرائيلى تغيير المنطقة تحت شعار إقامة شرق أوسط جديد. من يعود إلى كتاب رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق شيمون بيريز الذى يحمل هذا الاسم والصادر عام 1994 يدرك أن ما يحدث الآن بعيد تمامًا عما تطلع إليه.

ربح الكيان الإسرائيلى بمقدار ما خسرت إيران وحلفاؤها فى «محور المقاومة». ولكن هذا الكيان خسر أكثر على صعيد موقعه فى المنطقة وصورته فى العالم. فقد ازدادت عزلته الإقليمية ووصلت إلى مستوى لم تبلغ مثله فى أى وقت منذ آخر السبعينيات عندما وُقعت المعاهدة المصرية ـ الإسرائيلية.

فقد بذلت حكومات إسرائيلية متعاقبة منذ ذلك الوقت جهودًا كبيرة لتطبيع علاقاتها مع عدد متزايد من البلدان العربية، خاصة منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993. كان ذلك الاتفاق بمثابة نقطة تحول فى الاتجاه الذى يسعى إليه الإسرائيليون.

ولكن علاقاتهم مع مصر باتت فى حالة تراجع ويشوبها التوتر. كما أن ما تفعله حكومة نيتانياهو يُمزَّق ما بقى من أوراق اتفاق أوسلو. ودلالة هذا كله، وغيره، أن التغيير الذى يحدثه الكيان الإسرائيلى فى الشرق الأوسط يبعده عن تغييره بالمعنى الذى أراده وسعى إليه وحقق فيه نجاحًا جزئيًا عبر إقامة علاقات مع خمس دول عربية.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى