تقارير أمنية ألمانية تكشف العلاقة بين “منظمة الإغاثة الإسلامية” وتمويل الإرهاب في عدة بلدان

استخدم تنظيم الإخوان الجمعيات والمؤسسات الخيرية والمساجد، كغطاء لتمويل عملياتها المسلحة في عدة دول تحت مسمى العمل الخيري والتبرع من أجل إنقاذ البشر.

ومن أبرز تلك المؤسسات “منظمة الإغاثة الإسلامية” التي يمتد نشاطها بحوالي 40 دولة حول العالم، وتؤكد تقارير دولية أنها من أبرز روافد تمويل الإرهاب الإخواني في العالم.

وكشف تقرير برلماني بألمانيا، مؤخراً، علاقة جماعة الإخوان بتمويل المنظمات الإرهابية عن طريق استغلال أموال التبرعات الممنوحة من دافعي الضرائب، لـ”منظمة الإغاثة الإسلامية” التي أسسها الإخواني هاني البنا.

أشار التقرير إلى أن المنظمة تلقت تبرعات مجموعها 6 ملايين و100 ألف يورو حتى عام 2016، مؤكداً أن المنظمة لا تعمل فقط في ألمانيا، وأن لها نشاطاً واسعاً على مستوى العالم.

وبدأت المحكمة الفيدرالية الألمانية فحص المنح الرسمية للإغاثة الإسلامية، التي تأسست في برمنجهام بالمملكة المتحدة، التي ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين.

وقال حسين خضر، نائب رئيس الأمانة العامة للاندماج بالحزب الاشتراكي الألماني: “منظمة الإغاثة الإسلامية مسجلة بالأوراق الرسمية لدى الجهات الحكومية البريطانية كمؤسسة غير ربحية لكنها تتلقى تمويلاً بمليارات الدولارات في جميع الدول التي تعمل بها، وتستغل هذه التمويلات في تنفيذ أجندات متطرفة”.

وأكد خضر، أن منظمة الإغاثة الإسلامية تتخذ من العمل الخيري غطاء لتمويل العمل الإرهابي والأجندات المتطرفة لجماعة الإخوان.

وأشار إلى أن مؤسسي المنظمة نجحوا في تسجيلها بألمانيا في المجلس الأعلى للتبرعات، وهو ما يسهل عليهم جمع مليارات الدولارات شهرياً تحت غطاء العمل الخيري، لكن الحكومة الألمانية وجدت شبهة في الأمر بعد تتبع تدفقات الأموال.

وأضاف خضر أن منظمة الإغاثة تتعاون بشكل وثيق مع جميع المنظمات التابعة لجماعة الإخوان الموجودة بألمانيا، موضحاً أن هناك عدداً كبيراً من الجمعيات الأهلية التابعة للإخوان في ألمانيا، يتم تتبعها في الوقت الحالي بسبب أنشطة مشبوهة ودعمها للإرهاب أبرزها جماعة الشبان المسلمين.

وقال إن تقرير البرلمان الألماني صدر بناء على تقارير مقدمة من عدة جهات أمنية في ألمانيا، أثبتت علاقة وثيقة بين منظمة الإغاثة الإسلامية وتمويل العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم الإخوان في عدة دول في مقدمتها مصر.

توقع خضر أن تتخذ الحكومة الألمانية مزيداً من الإجراءات ضد منظمة الإغاثة، قد تصل إلى وقف نشاط المؤسسة نهائياً ومقاضاة عدد من العاملين بها أو المتعاونين معها.

وأورد تقرير صادر عن منتدى الشرق الأوسط للدراسات أن المنظمة حصلت على 80 مليون دولار من دافعي الضرائب الغربيين خلال العقد الماضي، بما فيها 700 ألف دولار من الحكومة الأمريكية، ترتبط الإغاثة الإسلامية بشبكات الإخوان المسلمين بشكل وثيق ولها فروع في أكثر من 20 دولة.

وقالت الحكومة الألمانية إن “منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا”، وهي فرع من “منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية” ومقرها برمنجهام البريطانية، لها صلات واسعة بجماعة الإخوان المسلمين، حسب تقدير الجهات الأمنية الألمانية.

قال التقرير، الذي أعده الباحث بمنتدى دراسات الشرق الأوسط سام وستروب، إن هاني البنا الذي أسس منظمة الإغاثة الإسلامية ومديرها الحالي، من أبرز العناصر الإخوانية المتطرفة وله علاقة وثيقة بدعم الإرهاب.

أما عصام الحداد وهو مؤسس مشارك للمنظمة ومستشار السياسة الخارجية في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، فهو متهم رئيسي في قضايا إرهاب بمصر.

وقالت النيابة العامة بمصر إن الحداد استغل الإغاثة لتمويل إخوان مصر، وأوضحت أنه يمول الإرهاب عبر استخدام جمعيات خيرية عالمية مثل “الإغاثة الإسلامية”.

وقال الباحث المصري في شؤون الحركات الإرهابية، عمرو فاروق، إن السلطات المصرية رفضت إنشاء فرع لمنظمة “الإغاثة الإسلامية” داخل القاهرة، خلال مرحلة الرئيس الأسبق حسني مبارك، ما دفعهم لتوظيف لجنة “الإغاثة الاسلامية” بنقابة الاطباء المصرية، واتحاد الأطباء العرب الذين سيطروا عليه في توظيف تلك اللجنة كبديل لفرع المنظمة داخل القاهرة.

وأشرف على عمل تلك اللجنة الدكتور أحمد الملط، نائب مرشد الإخوان، وعبدالمنعم أبوالفتوح، وأشرف عبدالغفار، أمين عام مساعد نقابة الأطباء سابقاً وأحد المتهمين في قضية غسيل أموال التنظيم الدولي للإخوان، الذي حصل على الجنسية البوسنية، وأصبح مستشاراً لرئيس البوسنة والهرسك الراحل علي عزت بيجوفيتش للشؤون الإغاثية.

وأوضح فاروق أن الإخوان تمكنوا من انشاء فرع للمنظمة عقب أحداث ثورة يناير 2011، لكن تم إغلاق الفرع بعد ثبوت القاهرة تلقيه أموالاً من المنظمة الأم في لندن، بلغت نحو 20 مليون جنيه مصري و100 ألف إسترليني تم تحويلها من أحد فروع البنوك البريطانية الموجودة في مصر.

اتهمت السلطات الروسية “منظمة الإغاثة الإسلامية” بدعم الإرهاب في الشيشان عام 2005، وفي سنة 2012 أغلق العملاق المصرفي السويسري “يو بي إس” حسابات الإغاثة، وفرض حظراً على الهبات القادمة إليها من زبائنها، خوفاً من التقارير حول تمويلها للإرهاب، كما قام مصرف “أتش أس بي سي” بالأمر نفسه سنة 2016.

وصنّفت دولة الإمارات العربية المتحدة “منظمة الإغاثة الإسلامية” كمنظمة تمول الإرهاب عام 2014، وتبعتها عدة دول لوقف تدقق نشاطات المنظمة في تمويل الإرهاب الإخواني حول العالم.

وأشارت تقارير إلى أن محققي جهاز الأمن الأمريكي “أف بي آي” وخدمة الإيرادات الداخلية ومكتب إدارة شؤون الموظفين جمعوا أدلّة على جرائم مرتبطة بـ”الإغاثة الإسلامية” سنة 2016.

تونس أيضا كشفت النقاب أيضا “مذكرة مسربة” صدرت مطلع العام الجاري، أعدت من جانب الهيئة التونسية للتحاليل المالية؛ قالت إن تحقيقا يجري في البلاد مع مسؤول مرموق في “منظمة الإغاثة الإسلامية”، على خلفية مخاوف من أن الأموال التي مُنحت للفرع التونسي من هذه الجمعية من جانب الفرع البريطاني لها، استُخدمت لتمويل إرهابيين.

ويؤكد الباحث عمرو فاروق أن “منظمة الإغاثة الإسلامية” التي أسستها قيادات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان عام 1984 في مدينة “برمنجهام” شمال لندن ببريطانيا أمثال هاني البنا وعصام الحداد، ويتبعها فروع في أكثر من 40 دولة، كانت بمثابة الغطاء الشرعي لجمع الأموال من الجاليات العربية والإسلامية، وأتاحت لهم فرصة الانتشار في مساحات جغرافية واسعة بحجة العمل الإنساني.

وأشار فاروق إلى أن “منظمة الإغاثة الإسلامية” كانت أول منظمة “إسلامية” غير حكومية تحصل على تمويل من الحكومة البريطانية، عام 1994، حيث تلقت 180,000 إسترليني لتمويل مركز التدريب المجتمعي في شمال كردفانا بالسودان، وبعدها بثلاثة أعوام في 1997 أسست شركة تيك الدولية لإدارة إعادة تدوير الملابس الممنوحة للمنظمة في المملكة المتحدة.

وأوضح أن الإخوان جمعوا أموالاً ضخمة عبر المنظمة خلال حروب البوسنة والهرسك وأفغانستان والشيشان والعراق، كما استفادوا من حالات المجاعة التي ضرت الصومال وجنوب أفريقيا وبعض المناطق المنكوبة، بهدف التوغل داخلها وإنشاء كيانات موالية للتنظيم الدولي.

من جانبها قالت الدكتورة دلال محمود، مديرة برنامج الأمن وقضايا الدفاع بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن العالم تنبه لما تمثله المؤسسات التابعة للإخوان التي تعمل تحت غطاء العمل الخيري من خطر كبير، خاصة بعد ثبوت تورط تلك الجمعيات في دعم وتمويل الإرهاب الإخواني، عقب سقوط الجماعة في عدة دول أبرزها مصر.

وقالت “محمود”، إن الحكومات في عدة دول أبرزها ألمانيا وبريطانيا ستتخذ إجراءات لتقويض عمل المؤسسات ذات صلة بتنظيم الإخوان، لأنها تعد منظمات إرهابية عابرة للحدود وتعمل تحت غطاء شرعي وتمثل خطورة قصوى.

وأوضحت أن تجفيف منابع التمويل عامل محوري في ملف مكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكدة ضرورة العمل بشكل عاجل على كشف العلاقة بين الإخوان الإرهابية والجمعيات والمؤسسات الخيرية واتخاذ إجراءات وعقوبات دولية حاسمة ضدهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى