تونس: احتجاجات تطالب برحيل قيادة اتحاد الشغل وتصحيح مسار الاتحاد

تظاهر، أمس السبت، الـ 27 من يناير/ كانون الثاني الجاري، العشرات من النقابيين أمام المبنى الرئيسي للاتحاد العام التونسي للشغل في العاصمة تونس، مطالبين بتصحيح مسار المنظمة الشغيلة، حيث يُواجه أكبر منظمة نقابية في البلاد أصعب امتحان منذ التأسيس في ظل الانشقاقات التي دبت داخله واتهامه بفقدان الاستقلالية.

وتزامنا مع تراجع ثقله في إدارة الشأن العام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد، اصطدم الاتحاد العام التونسي للشغل بتشكل معارضة نقابية من داخله تتسع رقعتها يوما بعد يوم، يوحدها مطلب “رحيل القيادة الحالية”.

 

ويُعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية في البلاد، وينخرط في صفوفه ما لا يقل عن 80 في المئة من موظفي الدولة. وامتلك منذ تأسيسه عام 1946 (أي قبل 10 سنوات من استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي) قدرة هائلة على التجميع وتحريك الشارع.

قيادات الاتحاد انقلبوا على قوانينها

وخلال مشاركته في التحرك الاحتجاجي، قال المتحدث الرسمي باسم “الهيئة الوطنية لاتحاد المعارضة النقابية”، أنور الحسيني، إن “اتحاد المعارضة لديه فرصة لتدارك الوضع النقابي المنهار والحفاظ على صورة المنظمة الشغيلة العريقة والتاريخية التي تعيش في وجدان الشعب التونسي”.

وتابع الحسيني بالقول: “جميع مكتسبات العمال أصبحت في خطر لذلك نحن نطالب اليوم قيادات الاتحاد بترك المنظمة التي انقلبوا على قوانينها بعد تعديل نظامها الأساسي الذي صار يخول لأعضاء المكتب التنفيذي الترشح لدورتين متتاليتين”.

ويواصل أنور الحسيني الحديث، فيقول إن الاتحاد العام التونسي فقد نفوذه بعد اختياره طريق الصمت وعدم دخوله في صراعات مع السلطة الحاكمة.

فيما أكد عماد حسين، ممثلا عن شركة النقل في تونس، أن النقابيين المعارضين قدموا مقترحات وحلولا تهم قطاع النقل “العليل”، إلى قيادات في الجامعة والتي تضم عددا من النقابيين، ولكن الإجابة كانت بالتجاهل ثم الرفض.

وأضاف حسين أن مؤسسات النقل العمومي تواجه تدهورا في موازناتها، مشيرا إلى أن “الهياكل النقابية صلب الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة أخلوا بدورهم في الحفاظ على ديمومة النقل العمومي”.

 

فقد ثقة الرأي العام النقابي

وصرّح المنسق الوطني لاتحاد المعارضة النقابية، الطيب بوعايشة، أن هذا التجمع العمالي هو منطلق لبداية صراع ميداني مع الاتحاد العام التونسي للشغل الفاقد للشرعية حتى رحيله.

واعتبر بوعايشة أن ”ما يحدث اليوم لا يليق بمنظمة بحجم منظمة عريقة كالاتحاد العام التونسي للشغل الذي فقد ثقة الرأي العام النقابي والوطني والدولي مما جعله غير قادر على التعبئة الميدانية”.

 

وأضاف: “تدهور الوضع النقابي وتفاقم معاناة العمال لم تكن نتاجا للخيارات الاقتصادية والاجتماعية للنظام وما ترتب عليها من ارتفاع للأسعار وانهيار للمقدرة الشرائية للمواطن، بل إن القيادية النقابية البيروقراطية والفاقدة للشرعية لها دور كبير فيه”.

ويرى بوعايشة بأن الحل الوحيد اليوم لحماية مكاسب العمال هو رحيل المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد الذي أقر صراحة بعجزه عن حل جميع المشاكل والملفات النقابية المطروحة ومحاسبة كل من ثبت متاجرته بقضايا العمال أو تورطه في ملفات فساد نقابي أو استغلال للمسؤولية النقابية لخدمة المصالح الخاصة.

واقترح النقابي المعارض تولي هيئة نقابية مؤقتة (تتكون وفق شروط محددة) مهمتها تسيير الشأن النقابي لفترة محددة إلى حين إنجاز المؤتمر 24 للاتحاد العام التونسي للشغل طبقا للقانون الأساسي المنبثق عن المؤتمر 23 لسنة 2017.

لا يوجد حوار بين المنظمة والسلطة

وفي تعليق حول هذه التحركات، قال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، إن اتحاد المعارضة النقابية يريد التشويش على العمل النقابي داخل المنظمة الشغيلة واصفا إياها “بالتحركات البهلوانية”.

وتابع: “الاتحاد اتخذ استراتيجية تجنب التصادم مع السلطة ليس خوفا أو كما يُقال أن هناك ملفات بيد السلطة تدينه لأنه لو كان للسلطة أي ملف لما ترددت في استخدامه لورقة ضد الاتحاد، بل لأن البلاد غير قادرة على تحمل أي صدام جديد”.

وأوضح الطاهري أن الاتحاد سيؤدي دوره في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد ويبحث عن حلول للإنقاذ من خلال التشاركية بين كل مكونات المجتمع المدني باعتبار أن الوضع الراهن في البلاد لا يمكن الخروج منه برأي واحد وفكر واحد، على حد قوله.

وحول تفاعل الحكومة مع مطالب المنظمة الشغيلة، قال الطاهري: “لا يوجد حوار بين المنظمة والسلطة حاليا نظرا لعدم قبولها مبادرة الحوار الاجتماعي”.

وشدد النقابي على حاجة البلاد اليوم إلى حوار وطني شامل، مضيفا: “حالما يكون هناك إرادة سياسية سيتولى الاتحاد القيام بدوره الوطني”.

وأواخر ديسمبر/ كانون الأول من سنة 2022، أطلق اتحاد الشغل مبادرة “حوار وطني” مع عدد من مكونات المجتمع المدني للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.

ويشارك الاتحاد في مبادرته كل من الهيئة الوطنية للمحامين، ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان (مستقلة).

وتواجه هذه المبادرة رفضا من الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي اعتبر أن الحوار متروك فقط للبرلمان وأنه “مهمة المشرع المتمثلة في المصادقة على مشاريع قوانين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى