حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم أسلحة مقاتليه

بدأ عشرات من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، الجمعة، تسليم أسلحتهم في مراسم رمزية أُقيمت داخل أحد الكهوف الجبلية شمالي العراق، بحسب وكالة “رويترز” نقلا عن مسؤولين وشهود عيان.
وبحسب شهود ومصادر أمنية عراقية، أُقيمت المراسم داخل “كهف جاسنة” في بلدة دوكان، الواقعة على بُعد نحو 60 كيلومتراً شمال غربي السليمانية، وسط تحليق مروحيات في الأجواء وانتشار أمني مكثف لقوات كردية عراقية في محيط المنطقة.
ويأتي تسليم السلاح بعد إعلان الحزب في مايو/أيار قراره بحل نفسه والتخلي عن العمل المسلّح، استجابةً لدعوة علنية من زعيمه التاريخي عبد الله أوجلان، المعتقل في تركيا منذ عام 1999. وقد شارك في مراسم التسليم نحو 40 مقاتلاً وقائد ميداني واحد، وفق مصادر مطلعة، وسط غياب تأكيدات حول مواعيد عمليات تسليم إضافية في المستقبل.
مسار جديد
ويُعدّ هذا التحوّل تتويجاً لمسار جديد بعد إخفاق عدة محاولات سابقة لإرساء السلام، ومن شأنه أن يفتح الباب أمام إنهاء صراع أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص، وأثقل كاهل الاقتصاد التركي، وزاد من حدة الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل تركيا وخارجها.
وقد اتخذ حزب العمال الكردستاني من شمال العراق قاعدة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن طردته العمليات العسكرية التركية من جنوب شرق البلاد. ولا تزال أنقرة تحتفظ بعدد من المواقع العسكرية في الإقليم، وتنفذ ضربات جوية متكررة ضد معاقل الحزب.
الحقوق السياسية والثقافية للأكراد
وفي إطار المرحلة التالية من العملية، دعا كل من حزب العمال الكردستاني، وحزب “ديم”، وعبد الله أوجلان، الحكومة التركية إلى تلبية المطالب الكردية المتعلقة بتوسيع الحقوق السياسية والثقافية، لا سيما في المناطق ذات الغالبية الكردية جنوب شرق البلاد.
وفي تسجيل نادر نُشر الأربعاء عبر الإنترنت، دعا أوجلان البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة وطنية تشرف على نزع السلاح وتدير المسار الأوسع للعملية السلمية.
وذكرت “رويترز” أن الحكومة التركية بدأت بالفعل خطوات باتجاه تشكيل هذه اللجنة، في وقت شدد فيه “ديم” وأوجلان على ضرورة توفير ضمانات قانونية وآليات سياسية واضحة لضمان الانتقال السلس للحزب من السلاح إلى العمل السياسي.
من جهته، قال عمر تشيليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن عملية نزع السلاح يجب ألا تطول أكثر من بضعة أشهر، لتجنّب محاولات التشويش أو الاستغلال السياسي.
وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أكّد أن “إنهاء التمرّد سيسمح بإطلاق عملية إعادة إعمار شاملة في جنوب شرق تركيا”، بينما كشف وزير المالية محمد شيمشك أن البلاد أنفقت قرابة 1.8 تريليون دولار خلال العقود الخمسة الماضية “في إطار مكافحة الإرهاب”، مشدداً على أن المسار السلمي يمثل فرصة نادرة لتعافي الاقتصاد.
وختمت “رويترز” تقريرها بالإشارة إلى أن لهذا التطور أبعاداً إقليمية محتملة، خاصة في سوريا المجاورة، حيث تدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني. وتضغط واشنطن وأنقرة حالياً على الفصائل الكردية السورية للاندماج في الهيكل الأمني الجديد الذي يتشكل بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول. ويعتقد محللون أن نزع سلاح الحزب سيعزز هذه الضغوط.