حكومة السراج ترضخ لضغط أنقرة والميليشيات وتعيد باشاغا إلى منصبه

حراك 23 أغسطس يعلن استئناف الاحتجاجات في طرابلس

قررت حكومة السراج، الخميس، إعادة وزير الداخلية الموقوف فتحي باشاغا إلى منصبه، تحت ضغط الميليشات المسلحة والنظام التركي، وذلك عقب تهديداته الأخيرة بفضح الفساد.

ونقلت قناة ليبيا 24 أن رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج التقى باشاغا في المقر الرئاسي بطريق السكة لإخراج سيناريو إعادته إلى منصبه حيث لم تعلن بعد حكومة طرابلس عن ذلك.

وعقد السراج اجتماعا مع وزير الداخلية الموقوف احتياطيا عن العمل، بمقر رئاسة الوزراء في طريق السكة بطرابلس، وهو أول اجتماع بينهما منذ أن أصدر الرئاسي قرارا، في الـ28 من أغسطس الماضي، بإيقاف وزير الداخلية احتياطيا عن العمل على أن يمثُل للتحقيق الإداري أمام المجلس.

وتأتي هذه التطورات في وقت ضغط فيه وزير الداخلية من خلال التهديد بكشف ملفات فساد تهم حكومة السراج، بينما لجأت الميليشيات الموالية له إلى الاستعراض عسكريا في خطوة عززت مخاوف السراج من مواجهة محتملة مع مصراتة التي لها ثقلها العسكري.

وشكلت عودة وزير الداخلية في حكومة السراج فتحي باشاغا، إلى ممارسة مهامه من جديد بعد أسبوعين من التوقيف على ذمة التحقيق، فصلا جديدا من فصول الصراع على السلطة مع رئيس الحكومة فايز السراج.

ويرى مراقبون للشأن الليبي أن إعلان حكومة السراج عن عودة باشاغا إلى عمله على رأس وزارة الداخلية جاء تحت تهديد السلاح الذي مارسته ميليشيات تابعة لباشاغا، وضغوطات مارستها أنقرة، خصوصا أن نتيجة التحقيق معه لم يتم الإعلان عنها.

وكانت حكومة السراج قد قررت في 23 أغسطس إيقاف وزير الداخلية عن العمل احتياطيّا وإحالته إلى تحقيق إداري نهاية الشهر الماضي، على خلفيّة إطلاق مسلحين النار على متظاهرين سلميين في طرابلس، خرجوا للمطالبة بتحسين حياتهم المعيشية.

ووسط انتشار كثيف للمسلحين التابعين لباشاغا حول مقر حكومة السراج، عقد وزير الداخلية اجتماعا لساعات مع الحكومة، الخميس، ليلعن بعدها السراج إعادة الرجل إلى منصبه في تصريح مقتضب لم يحمل أي تفاصيل.

لكن في خلفية المشهد تكمن تركيا، التي تعتبر لاعبا رئيسيا ومحركا للشخصيات التي تدير العملية السياسية في طرابلس، سواء داخل الحكومة أو في ما يسمى “المجلس الرئاسي”.

ويقول الكاتب والباحث السياسي الليبي عبد الباسط بن هامل، في هذا الصدد، إن المتحكم في ما سماه “المسرحية التي تدور على أرض طرابلس” هي “تركيا بالدرجة الأولى، مضيفا: “هؤلاء كلهم عملاء لتركيا، سواء كان السراج أو باشاغا ومن لف لفهم”.

وتساءل بن هامل في تصريحات صحافية قائلا: “أين لجنة التحقيق التي تحدثوا عنها مع باشاغا؟ لِمَا لَمْ تكشف عن تفاصيل هذا التحقيق؟ ما الذي تم مناقشته خلال التحقيق؟ من هي اللجنة التي أشرفت على التحقيق”، واصفا ما جرى بأنه “أضحوكة على الليبيين”.

وأوضح بن هامل أنه “طيلة هذا الأسبوع والأسبوع الماضي مررت حكومة السراج عدة قرارات خطيرة، من بينها تسمية رئيس أركان جديد، بالإضافة على إجراء تغييرات في مؤسسات مالية مفصلية، وكأنهم يريدون السيطرة على الاستثمارات في البلاد، والتي يتم نقل بعضها إلى تركيا حاليا”.

وقال إن ما يجري حاليا من صراع داخل حكومة السراج ما هو إلا “تدوير للمناصب وتوزيع للنفوذ على اعتبار واهم أنهم انتصروا في معركة طرابلس، وبالتالي يدور الصراع حول من يستحوذ على أكبر حصة من الكعكة، سواء على الصعيد المالي، أو تصدير نفسه على أنه العنوان لأي حوارات قادمة”.

وأكد بن هامل أن “المبعوث الذي أسله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طرابلس لملم ما تبعثر من خلافات داخلية في المجلس الرئاسي وحكومة السراج، وهو ربما من قاد الحوار الذي أفضى إلى النتيجة التي تم الإعلان عنها اليوم بعودة باشاغا”.

وقال إن “لدى باشاغا طموح حقيقي بأن يكون هو المسيطر على المشهد بأكمله في طرابلس، كأن يترأس حكومة جديدة أو أن يكون على رأس مجلس رئاسي جديد”.

وشدد بن هامل بالتأكد على أن “هناك أطرافا دولية تحافظ على حكومة السراج”، مشيرا إلى أنها حكومة “لا مستقبل لها، فهي ساقطة شرعيا وشعبيا، وهي موجودة فقط لأنها مفروضة من قوى دولية”.

من جهة ثانية، أعلن الحراك الشعبي الليبي، اليوم الخميس، أنه سيستأنف مظاهراته الاحتجاجية في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي، بداية من غد الجمعة، بعد توقف دام حوالي أسبوع على خلفية الأزمة بين فايز السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا.

ودعا الحراك الذي يطلق على نفسه “حراك 23 أغسطس” في بيان أصدره اليوم الخميس، الليبيين إلى الخروجاليوم الجمعة، والتجمّع بميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس، من أجل مواصلة احتجاجاتهم والدفاع عن مطالبهم بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وللاحتجاج على إخفاق حكومة الوفاق في تسيير الإدارة ومعالجة ملفات الفساد وهيمنة المجموعات المسلحة على قرارات ومصير الدولة واستنزاف المال العام لتمويل المرتزقة.

وطالب البيان كذلك، المجلس الرئاسي بالإفراج الفوري عن كل المخطوفين من مؤسسي الحراك المعتقلين لدى الميليشيات المسلحة حسب تصريحات وزير الداخلية فتحي باشاغا والتحقيق الفوري مع هذه الميليشيات التي قامت بقمع المتظاهرين.

وتأتي هذه الدعوة لاستئناف المظاهرات ضد حكومة الوفاق، غداة إعلان حكومة الوفاق رفع الوقف الاحتياطي عن وزير الداخلية فتحي باشاغا وعودته إلى مباشرة مهامه، عقب جلسة تحقيق معه غير معلنة.

وقبل نحو أسبوعين، بدأت احتجاجات ضد حكومة السراج في العاصمة طرابلس ومناطق أخرى غرب ليبيا، على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية وتوقف أغلب الخدمات الأساسية، فتحت خلالها مليشيات طرابلس الموالية لفايز السراج النار على المتظاهرين واختطفت عددا منهم، قبل أن تفرج عن البعض منهم، في حين لا يزال آخرون رهن الاعتقال.

 

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى