حكومة المشيشي على المحك

صراع إرادات بين الإحزاب السياسية والرئيس التونسي

الأول من سبتمبر/أيلول سيكون حاسماً في الأزمة السياسية التونسية، وفرضية عدم مرور حكومة المشيشي بأغلبية 109 أصوات بالبرلمان، ويعد إيذاناً بدخول البلاد في نفق سياسي خطير يهدد الاستقرار العام .

وتتسع الهوة بين رئيس الحكومة التونسية المكلف هشام المشيشي، وعدد من الأطراف البرلمانية التي عبرت عن تحفظها على تشكيلته الوزارية التي لم يعلنها بعد.

 وتثاقلت خطوات المشيشي تجاه البرلمان التونسي لنيل الثقة من أعضائه على تركيبته الحكومية التي تشمل 28 وزيراً، والتي جرى تحديد جلسة الأول من سبتمبر/أيلول المقبل للتصويت عليها.

وبحسب متابعين للشأن التونسي فإن الرؤية العامة حول حكومة المشيشي لا تزال غير واضحة، ولم تتكشف بعد أسرارها، وإن كانت المؤشرات تتحدث عن قبول محدود لدى بعض الأحزاب.

وبشكل قطعي، رفضت حركة النهضة الإخوانية (54 مقعداً) وقلب تونس (26) والتيار الديمقراطي (22) وائتلاف الكرامة (19)، حكومة الكفاءات المستقلة، قبل أن تنضم حركة الشعب القومية لقائمة المنتقدين.

الأمين العام لحركة الشعب القومية زهير المغزاوي عبر عن تحفظه على العديد من الأسماء وهيكلة الحكومة، محذرا من عدم قدرة تونس على تحمل مزيداً من الفراغ الحكومي.

لكن المغزاوي أكد في تصريحات صحفية أن المكتب السياسي لحركته سيواصل التنسيق مع بقية أطراف البرلمان لاتخاذ الموقف النهائي من حكومة المشيشي في الأيام المقبلة.

واشترطت الحركة القومية التزام هشام المشيشي بتقديم تصور واضح يضبط الإجراءات الكفيلة بوقف النزيف الاقتصادي والمالي والاجتماعي، مقابل منح الثقة لحكومته.

الحركة شددت كذلك على ضرورة التزام الراجل بوضع برنامج واضح لمدة سنة ونصف، تقام بعدها مباشرة انتخابات تشريعية سابقة لأوانها (المحدد أساسا في سنة 2024).

وفي الاتجاه نفسه، رفع الحزب الدستوري الحر “فيتو” في وجه حكومة المشيشي، معتبراً أن بعض وزرائه تربطهم علاقات مع تنظيم الإخونجية.

وفي تصريحات صحافية، دعت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر بالبرلمان، عبير موسي، رئيس الحكومة المكلف إلى تغيير وزيري الداخلية توفيق شرف الدين والعدل محمد بوستة، معتبرة أنه خيب آمال حزبها وضيع على تونس فرصة مهمة.

وجددت رئيسة كتلة الدستوري الحر (16 مقعداً) التأكيد على أهمية إزاحة الإخوان في المرحلة الحالية من الحكم، وإبعاد كل الشخصيات التي تجمعهم علاقة من قريب أو بعيد بالإسلام السياسي.

في المقابل، أكدت حركة تحيا تونس (11 مقعدا) دعمها لحكومة هشام المشيشي إذا ما التزمت ببرنامج عاجل للحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة كورونا، خاصة ما يرتبط بوظائف التونسيين، والشروع في إصلاحات كبرى، متعهدة بالبقاء منفتحة للتشاور مع بقية القوى السياسية والمنظمات الوطنية.

أما حزب التيار الديمقراطي فقد أشار إلى أنه لن يصوت لصالح الحكومة الجديدة؛ حيث قرر المجلس الوطني للحزب عدم منح الثقة للمشيشي، متعهداً بممارسة دوره الرقابي في المعارضة البناءة والمسؤولة.

وعبر الحزب استغرابه من تبني المشيشي خيار حكومة تكنوقراط غير سياسية، زاعماً أن هذا التوجه يشكل استهدافاً للتجربة الديمقراطية الناشئة في تونس.

المحلل السياسي بسام حمدي رأى أن مواقف الأحزاب التونسية تجاه حكومة المشيشي ما زالت تتسم بالضبابية الكبرى في مواقفها، معتبراً أن عملية المصادقة عليها ليست محسومة بشكل نهائي.

وقال حمدي في تصريحات لوسائل الإعلام، إن توجه المشيشي نحو حكومة كفاءات مستقلة، أثار مخاوف أغلبية الأحزاب حول وظيفتهم ومكانتهم في العمل السياسي التونسي.

بدورها، قالت مصادر سياسية مطلعة، إن إصرار الرئيس التونسي قيس سعيد على تثبيت وزير الثقافة المقترح وليد الزيدي أو ما يسمى بـ”طه حسين” تونس رغم إعفائه من قبل هشام المشيشي فجر صراعا بين الطرفين.

المصادر نفسها أكدت أن المشيشي اعتبر عملية إعادة الزيدي للتشكيلة الحكومية هو تعد على صلاحياته؛ حيث فكر في الاعتذار عن المنصب قبل جلسة منح الثقة بالبرلمان.

ويكثف قيس سعيد من محاولاته لتحديد المعالم الكبرى للحكومة والسياقات العامة بعيدًا عن الأحزاب، خاصة التي تحظى بظهير برلماني، مع إحكام قبضته على مداخل الوزارة الجديدة ومخارجها ضد ما يسميه بـ”مناورات الغرف المظلمة”، بحسب عددٍ من المتابعين.

ولكن يبقى السؤال الذي يسيطر على الذهنية السياسية العامة في تونس: “هل يقدر قيس سعيد على فرض خياراته في ظل مشهد سياسي متقلب في البلاد؟”

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى