خطر يتهدد حياة آلاف المعتقلين السياسيين في تركيا

كشفت تقارير إعلامية ومصادر سياسية عن مخططات للنظام التركي تستهدف حياة المعتقلين السياسيين، عبر وضع مرضى مصابون بفيروس كورونا  داخل عدد من المعتقلات التركية لنشر العدوى بين المعتقلين.

التقارير أثارت فزع الرأي العام في تركيا، خصوصا أن ظروف احتجاز المعارضين والصحفيين تختلف بشكل جذري عن بقية السجناء.

ودعا حزب المستقبل الذي يتزعمه أحمد داود أوغلو حكومة أردوغان وحليفتها الحركة القومية، إلى إجراء تعديلات جذرية على مواد العقوبات والأحكام، بدلًا من إجراء تعديلات مؤقتة لن تجد نفعا سوى أنها ستكون سلاحا جديدا بيد أردوغان ضد المعارضة.

وشدد الحزب على ضرورة أن تكون ظروف المعتقلات ضمن الحد الأدنى من معايير الكرامة، مطالبا باتخاذ إجراءات احترازية لمنع وصول فيروس كورونا إلى داخل المعتقلات التي يمكث فيها آلاف السياسيون والصحفيون الأتراك، بتهم ملفقة، يقبعون وراء القضبان منذ فترات متفاوتة بدون محاكمات أو يسجنون بلا أدلة على إدانتهم. 

يأتي ذلك بالتزامن مع جدل محتدم بشأن مشروع قانون من المقرر أن يناقشه البرلمان التركي لإطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء الجنائيين، ضمن تدابير الحد من انتشار كورونا، غير أنه يستثني المعتقلين السياسيين ممن توجه إليهم عادة تهمة “الإرهاب”، ما يحرمهم آليا من العفو العام.

في 10 مارس/آذار الماضي، أعلنت تركيا أول إصابة بكورونا، ولم يحتج الوباء أكثر من أسبوعين ليجتاح جميع أرجاء البلاد، ما أثار حالة من الهلع في ظل تقاعس حكومي لافت للتصدي للفيروس، ما دفع بالمعارضة لإطلاق حملات تبرعات.

لكن حكومة أردوغان المسكونة بهواجس سحب البساط من تحت أقدامها، أصيبت بحالة من الهستيريا جعلتها تضيق الخناق على عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وعمدة أزمير تونج سويار، لانتمائهما لحزب “الشعب الجمهوري” المعارض، ما أدى إلى تحويل أكبر مدينتين في تركيا إلى بؤرتين لتفشي الوباء.

سياسة اعتبرها محللون “غير مسؤولة” في ظل وضع صحي متدهور كان من المفترض أن تنصب فيه الجهود الحكومية على إقرار تدابير وقائية جدية تمنع تفشي الفيروس القاتل، وتحمي جميع مكونات المجتمع التركي بلا تمييز.

سقطة أخرى للنظام التركي فاقمت من مخاوف الانتقام من المعارضين القابعين في زنازين أردوغان بلا محاكمات أو أدلة.

منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية طالبت مؤخرا أنقرة بأن يشمل القانون الجديد معتقلوا الرأي، بشكل يمهد للإفراج المبكر عن 90 ألف معتقل من إجمالي 300 ألف يقبعون في السجون التركية.

ونقل بيان للمنظمة صدر قبل أيام عن مديرتها المعنية بشؤون تركيا إيما سنكلير ويب، قولها: “قد يبدو الإرهاب من أخطر الجرائم؛ لكن في تركيا، تسيء الحكومة استخدام الاتهامات من أجل أغراض سياسية”. 

وأضافت أن “كثيرا من السجناء يُحتَجزون لفترات طويلة قيد المحاكمات، أو يُسجنون دون سند أو أدلة على ارتكابهم جرائم عنف أو تقديمهم دعماً لوجيستياً للجماعات المسلّحة المحظورة”. 

وحذرت من أنه “من المهم أن يستفيد السجناء الذين يقضون مدة عقوبة بسبب أمور لا تتعلق باستخدام العنف. يجب ألّا يكون هناك تمييز على أساس الرأي السياسي”.

حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو، انتقد بشدة إعداد مشروع قانون العفو عن بعض السجناء، الذي يأتي ضمن حزمة الإصلاح القضائي الجديدة، دون أخذ رأي الأحزاب السياسية ونقابات المحامين.

كما انتقد الحزب الذي تأسس قبل أشهر قليلة توسيع دائرة الملاحقات والمحاكمات بتهمة الإرهاب دون تحديد تعريف واضح لها، ما يتعارض مع المبادئ العامة للقانون الجنائي، وهو المسار الذي بدأه أردوغان في حربه على معارضيه منذ محاولة الانقلاب المزعومة قبل سنوات.

ويقبع في سجون النظام التركي الآلاف ممن يجري توقيفهم على خلفية آرائهم أو مواقفهم أو حتى مجرد تدوينة أو تغريدة عبر مواقع التواصل، ليتم الزج بأصحابها في معتقلات يتعرضون فيها لشتى أنواع التعذيب والضغوط، ما يجعل الكثيرين يعترفون بجرائم لم يفكروا يوما بارتكابها.

أنقرة- الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى