رهانات فلسطينية واسعة لكسر ثنائية الهيمنة على المؤسسات الرسمية

تنامي قوة تيار الإصلاح الديمقراطي تربك حسابات عباس

حذرت أوساط سياسية فلسطينية من استمرار ثنائية عباس وحماس في السيطرة على المؤسسات الرسمية الفلسطينية سيعني استمرار الفصل بين غزة والضفة الغربية، وأن قطاعات واسعة من الفلسطينيين تراهن على صعود التيار الإصلاحي في حركة فتح بزعامة محمد دحلان لكسر هذه الثنائية خاصة أن التيار لديه وجود قوي ومؤثر في غزة وفي الضفة.

ورأت أن الإعلان عن موعدين للانتخابات التشريعية والرئاسية دون تنسيق وطني أوسع قد يفضي إلى إعادة إنتاج “شرعية” الأمر الواقع الحالية، والتي قادت إلى الانقسام والاقتتال داخليا، وتهميش الملف الفلسطيني خارجيا، وهي “الشرعية” التي تتزعمها حركة حماس في قطاع غزة والرئيس محمود عباس في الضفة.

وقد أصدر رئيس السلطة الفلسطينية، الجمعة، قرارا بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الـ22 من مايو والـ31 من يوليو على الترتيب.

وقال مرسوم نشره مكتب الرئاسة الفلسطينية “وجه الرئيس (عباس) لجنة الانتخابات وأجهزة الدولة كافة للبدء في إطلاق حملة انتخابية ديمقراطية في جميع محافظات الوطن” في إشارة إلى الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

وتعدّ تنامي قوة تيار الإصلاح الديمقراطي داخل فتح من بين أهم أسباب تفادي الانتخابات من قبل عباس، وهو ما يؤشر إلى قلق مؤكد لدى الرئيس الفلسطيني من صعود هذا التيار وزعامته، لاسيما بعد تفاهمات تيار دحلان مع قيادة حماس في غزة.

وانسحب القلق لدى عباس بشأن الانتخابات الرئاسية، فأصرّ على تتالي العملية الانتخابية، بدءاً بالتشريعية، وتأخير الرئاسية لكي يوفر لنفسه هامشا زمنيا للالتفاف على النتائج، في حال لم تأت على هواه، ما يهدّد مركزه ومركز جماعته في الانتخابات الرئاسية.

التيار الإصلاحي الذي يتزعمه محمد دحلان، رحب بصدور المراسيم الخاصة بمواعيد الانتخابات، ولكنه حذر من تداعيات مراسيم سابقة صدرت قبل تحديد مواعيد الانتخابات، وخصوصاً تلك المتعلقة بالجهاز القضائي.

واعتبر التيار، في بيان له، أن تلك المراسيم “تمثل اعتداء صارخا على استقلالية القضاء وجهوزيته لضمان العدالة للجميع”، في إشارة إلى القرارات والإجراءات التي جرى اتخاذها في منتصف العام 2017 ضد رموز التيار وعناصره، وحث على إصدار مراسيم “تعيد الحق لأصحابه”.

وطالب البيان بوقفة جادة من قبل “الأمناء العامّين للفصائل الذين سيجتمعون قريباً في القاهرة، من أجل التأكد من أن هذه القرارات المتفردة لن تؤثر على سير العملية الانتخابية أو محاولة البعض سلب الناخبين إرادتهم عبر بوّابة قراراتٍ قضائية”.

وجدد البيان تمسك تيار الإصلاح “بوحدة حركة فتح، وخوض الانتخابات في قائمة فتحاويةٍ واحدة، لا تهميش فيها ولا إقصاء، يغادر من خلالها الفتحاويون مربع التفرد بالقرار الوطني والتنظيمي، ويختارون بكامل إرادتهم من يمثلهم في قوائم الحركة”.

وأوضح أيمن الرقب، القيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي، أن هناك رغبة قوية لدى التيار للتوصل إلى توافق داخل حركة فتح والمشاركة في الانتخابات على قائمة واحدة، واختيار المرشحين من خلال انتخابات داخلية عقب الوصول إلى مصالحة شاملة بين أقطاب الحركة، وفي حال التعثر سوف يخوض تيار الإصلاح الانتخابات ضمن قائمة مستقلة تنحاز إلى الكفاءة والمهنية.

أيمن الرقب

وشكل التيار مجموعات عمل ميدانية منذ عامين، ويعتزم تفعيلها مجدداً، حال فشله في الوصول إلى توافق داخل حركة فتح، والتركيز على التعاون والتنسيق مع الفئات الشبابية التي تمثل 50 في المئة تقريباً من قوة الناخبين.

وتابع “تتمثل رؤية تيار الإصلاح في أن عباس ظل في منصبه أربع دورات انتخابية متتالية، ومن الضروري إفساح المجال لقيادة جديدة تقود القضية الفلسطينية، حرصا على وحدة الحركة ومنع دخولها في مزيد من التشرذم”.

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني محمد أبو مهادي، أن مفتاح الحل للأزمة الفلسطينية، داخلياً ومع الإقليم والعالم هو حصان فتح القوي، محمد دحلان.

محمد أبو مهادي

وأضاف أبو مهادي، أن كل من حركة حماس ورئيس السلطة محمود عباس، يدركان الوزن السياسي لهذا الرجل، مشيراً لأهمية الاستثمار في امكاناته ان “صدقت النوايا”.
وأشار أبو مهادي، أنه بعد سنوات من الظلم الاقتصادي والسياسي الذي مارسه طرفي الانقسام، ستكون الانتخابات بمثابة قولاً فصلاً للشعب، داعياً لوقف محاولات قطع الطريق أمام فرص الترشح والانتخاب.
وطالب أبو مهادي جميع الاحزاب والمنظمات المدنية وهيئات الرقابة، بحماية العملية الديمقراطية حتى لا تصبح الانتخابات وسيلة جديدة للاقصاء والاستبداد.

ومن المقرر إجراء مباحثات بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة للتنسيق بشأن طريقة إجراء الانتخابات وضمان أكبر مشاركة من القوى المختلفة كي تكون نتائجها مقبولة من الجميع، ويسهل تطبيقها على الأرض، لتكون مدخلا مناسبا لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، ودعم توجّهات الرئيس الأميركي جو بايدن نحو حل الدولتين.

وترى القاهرة في الانتخابات الفلسطينية فرصة لتجديد الشرعيات السياسية، بصرف النظر عن الرابح فيها، وتتمنى أن يكون هناك تمثيل عادل في غزة يعكس الطيف الفلسطيني الواسع.

ولن تجد الحكومة المصرية صعوبة كبيرة في التفاهم مع حماس مجددا لو أعيد انتخاب أنصارها بأغلبية وشكلت الحكومة الفلسطينية، بعد أن تجاوبت قيادات الحركة مع الكثير من المطالب الأمنية في مسألة منع تهريب الأسلحة والبشر إلى سيناء.

وقال الخبير المصري في الشؤون الفلسطينية، طارق فهمي، إن دور القاهرة يقتصر على مراقبة جميع مراحل الانتخابات، بما يؤدي إلى تهدئة الأوضاع في غزة، من دون دعم طرف على حساب آخر، على أن تكون الانتخابات متكاملة في مراحلها الثلاث، لإعادة ترتيب أوضاع البيت الفلسطيني على أسس وطنية.

طارق فهمي

وأضاف فهمي، أن المنافسة سوف تكون منحصرة في حركتي فتح وحماس، والقاهرة لن تدعم مرشحا أو تيارا معينا، وتؤكد أنها تقف على مسافة واحدة من جميع القوى، ما يجعلها مؤهلة لاستضافة الحوار الوطني الفلسطيني خلال الأيام المقبلة.

ورحبت حماس بالإعلان عن موعد الانتخابات. وقالت في بيان “عملنا طوال الأشهر الماضية على تذليل كل العقبات للوصول إلى هذا اليوم”.

ودعت الحركة إلى انتخابات نزيهة “يعبّر فيها الناخب عن إرادته دون ضغوط أو قيود وبكل عدالة وشفافية”.

من جهته، أكد حزب الشعب الفلسطيني، رفضه لأي مساس بقانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002، لمخالفة ذلك الصريحة للقانون الأساسي الفلسطيني ولإستقلالية القضاء ولإنعدام حالة الضرورة التي تتطلب هذا التعديل وفقا للمادة (43) من القانون الأساسي.

ودعا الحزب، في بيان صحفي له، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى إلغاء “القرار بقانون” المعدل لقانون السلطة القضائية، والمنشورة الإثنين 11/1/2021 في الجريدة الرسمية.

وأكد رفضه لكافة القرارات التي تمس استقلالية القضاء، مؤكدًا أن إصلاح القضاء لا يمكن أن يتحقق بتقليص واحتواء السلطة القضائية وأضعاف استقلاليتها.

وشدد الحزب، على ذات القضايا التي أوردتها الهيئة المستقلة وغيرها من المؤسسات القانونية ونقابة المحامين بهذا الخصوص، داعيًا عباس إلى إلغاء هذا “القرار بقانون” وغيره من القرارات التي تمس استقلالية السلطة القضائية، والفصل بين السلطات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى