روسيا بصدد اتخاذ قرار تاريخي لضم “المناطق المحررة”

وصول قادة زابوروجيه وخيرسون ودونيتسك ولوغانسك إلى موسكو

بعد يومين من اعلان نتائج استفتاءات الانضمام إلى روسيا، وصل قادة مقاطعتي زابوروجيه وخيرسون، وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين إلى العاصمة موسكو “لاتخاذ قرار تاريخي”، بحسب ما أعلن كيريل ستريموسوف، نائب رئيس الإدارة الإقليمية في مقاطعة خيرسون، اليوم الخميس.

جاء ذلك في منشور لستريموسوف عبر موقع تلغرام، أرفق معه صورة مع قادة المناطق المذكورة بالقرب من سلالم الطائرة.

وكتب ستريموسوف: “هبطت طائرة تاريخية مع قادة الأراضي المحررة في موسكو. هذا، بالطبع، هو بالفعل تاريخ، ولكن مع نهاية سعيدة. تجتمع مقاطعتا خيرسون وزابوروجيه وجمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان في موسكو لاتخاذ قرار تاريخي”، مضيفاً  “قريبا جدا سنصبح أعضاء تأسيسيين جدد لروسيا الاتحادية”.

وفي وقت لاحق، أعلنت الرئاسة الروسية الخميس أن موسكو ستصادق الجمعة، على ضم مناطق أوكرانية تسيطر عليها، ويأتي هذا الإعلان بعد تنظيم “استفتاء” على الضم في أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها موسكو بشكل جزئي، وهي دونيتسك ولوغانسك في الشرق وخيرسون وزابوريجيا في الجنوب.

وقال مراقبون إن نتائج الاستفتاءات الشعبية لانضمام “المناطق المحررة” إلى روسيا تعكس رغبة حقيقية لشعوب تلك المناطق في العودة لوطنهم الأم، مؤكدين أن هذه الخطوة سيكون لها تداعيات وانعكاسات كبيرة على توازن القوى في المنطقة.

نتائج الاستفتاءات

وتم الإعلان، الثلاثاء، أن نتائج الاستفتاءات في مقاطعات زابوروجيه وخيرسون وجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك جاءت بأغلبية ساحقة مع الانضمام إلى روسيا الأمر الذي يرفضه الغرب ويؤكد عدم الاعتراف به.

قال رئيس لجنة الانتخابات في مقاطعة زابوروجيه، إن 93.11% من الأصوات كانت لصالح انضمام المقاطعة إلى روسيا وذلك بعد فرز 100% من بطاقات الاقتراع. كما ذكر أن 87.05% من الناخبين في مقاطعة خيرسون صوتوا لصالح الانضمام إلى روسيا.

وأعلنت لجنة الانتخابات في جمهورية لوغانسك الشعبية بعد فرز جميع بطاقات الاقتراع أن 98.42% من سكان الجمهورية صوتوا لصالح الانضمام إلى روسيا.

كما أعلنت لجنة الانتخابات في “جمهورية دونيتسك الشعبية” أن 99.23% من إجمالي الأصوات المشاركة في الاستفتاء في الجمهورية كانت لصالح الانضمام لروسيا.

رغبة الشعوب

اعتبرت الدكتورة آلاء العزاوي، مدير مركز “بابل للدراسات المستقبلية وبناء الاستراتيجيات” في العراق، أن “نتائج الاستفتاءات في هذه المناطق وتصويت الغالبية العظمى، يؤكد أن هناك رغبة حقيقية لدى شعوب هذه المناطق في العودة مرة أخرى والانضمام إلى دولتهم الأم روسيا الاتحادية”.

وبحسب حديثها لوسائل الاعلام، فإن “هذه الرغبة تأتي لعدة أسباب أهمها أن أصول هذه الشعوب تنتمي إلى دولة روسيا، وكذلك الممارسات غير الإنسانية وحالات التطهير العرقي التي استخدمتها أوكرانيا ضدهم في السنوات الأخيرة”.

 

وأوضحت العزاوي أن “قرار الاستفتاء تسبب في هيستيريا كبرى للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ولقادة الغرب والولايات المتحدة، لكنه في النهاية قرار شعب في تقرير مصيره، وهو حق مكفول للجميع، ويجب على الغرب الانصياع لنتائج الاستفتاء، إن كانوا يحترمون الحريات كما يزعمون”.

وأكدت أن: “انتصار شعوب هذه المناطق في العودة مرة أخرى للدولة الروسية خطوة بالاتجاه الصحيح، وقد يكون بادرة لشعوب أخرى للعودة والانضمام إلى روسيا الاتحادية، كما تمهد لعالم متعدد الأقطاب، ينهي سيطرة الغرب التعسفية على مقدرات وشعوب العالم بدون وجه حق”.

إحراج أمريكي غربي

في السياق، اعتبر المحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد، أن: “هناك دلالات كبيرة لانضمام بعض المناطق إلى روسيا عبر الاستفتاءات الشعبية التي تمت، أهمها أن موسكو ستعتبر هذه المدن جزءا من الأمن القومي الروسي، وستدافع عنها كقطعة أساسية من وطنها الأم، وهو ما سيشجع بعض المناطق الأخرى التي تعتبر نفسها جزءًا من روسيا وشعبها للانضمام إليها”.

وأضاف أبو زيد، “هذه المسألة ستطرح نقاشًا عميقًا واستراتيجيًا وفلسفيًا وفكريًا حول مفهوم السيادة، والمبررات التي كانت تعطيها بعض الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية لنفسها لشن حروب على مناطق أخرى تحت عنوان الحروب الاستباقية كما حدث في العراق وغيرها”.

وتابع: “هذا الأمر سيحرج الولايات المتحدة التي كانت تقوم بمثل هذه الحروب، بدعوى أن من حق الشعوب تقرير مصائرها بينما الآن تعود لتنتقد الخطوة الروسية، فكانت في السابق تعطي أوروبا وأمريكا الحق الوحيد بالتدخل في باقي الدول، وتأتي الأمم المتحدة لتعطيها الغطاء القانوني لذلك”.

وأوضح أن هذا الاستفتاء سيكون له انعكاسات قوية على أوروبا، حيث وجود الكثير من الحركات الاستقلالية التي تطالب بالاستقلال أو بالانضمام إلى دول أخرى تشجعها وتعطيها حرية الحركة، ما سيخلق نقاشًا حادًا وخلافات أوروبية داخلية حول هذا الأمر.

وأشار إلى أن هذه الاستفتاءات، تجعل هناك موازين قوى جديدة تتزعمها روسيا والصين، ومن المرجح أن يكون هناك نقاش عالمي بين الدول الكبرى، نحو هذه المفاهيم التي كان يبيحها الغرب وأمريكا لأنفسهم ويحرمونها على باقي الدول.

الهوية الوطنية والقومية

من جهته قال المحلل السياسي اللبناني، ميخائيل عوض، إن: “تصويت هذه المناطق لصالح الانضمام إلى روسيا منطقية، بعد أن قام النازيون الجدد والسلطات الأوكرانية التي جاءت ممثلة للوبي العولمة والليبرالية الأمريكية العدوانية ضد الشعوب خاصة ضد روسيا، باضطهاد المواطنين من أصول روسية والمتحدثين باللغة الروسية على مدى 8 سنوات وأذاقوهم أعتى وأقصى صنوف التنكيل والعذاب والبلطجة والاضطهاد بأشكاله المختلفة.

وأضاف عوض أن “استفتاء شعوب هذه المناطق والجمهوريات للانضمام إلى روسيا يمثل لهم قيمة نوعية، حيث يحققون هويتهم الوطنية والقومية، وينتمون إلى دولة نووية ناهضة شابة قادرة على معالجة شتى الأزمات ومواجهة الغرب مجتمعًا، ويؤمنون لأنفسهم السيادة والحرية والكرامة في دولتهم الوطنية، وهي كلها عناصر واضحة لا تحمل أي التباس”.

 

ويرى أن: “إجراء هذا الاستفتاء وتقرير هذه الشعوب لمصائرها وما يريدونه وإعلان الانضمام إلى روسيا يعتبر بمثابة تحول نوعي دراماتيكي يلجم العدوانية الأوكرانية عبر أدوات الأطلسي والمرتزقة، ويضع الأمور في مرتبة أخرى لجهة الاشتباك وطبائعه وحق روسيا في استخدام ما تراه مناسبًا والقيام بأية أعمال تراها ضرورية للدفاع عن مواطنيها”.

واعتبر أن نتائج الاستفتاء تعد نقلة نوعية في إدارة الصراع والحرب الجارية في أوكرانيا، وستترك تأثيرات هامة لصالح روسيا والمواطنين الروس في هذه المقاطعات.

وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف قد كتب عبر قناته على “تلغرام” تعليقا على نتائج الانتخابات:

“الاستفتاءات قد انتهت، النتائج واضحة، مرحبًا بكم في منزلكم روسيا!”.

وبدأت عملية فرز أصوات الاستفتاءات لانضمام هذه المناطق إلى روسيا بعد 5 أيام من التصويت الذي بدأ في 23 سبتمبر/ أيلول.

يذكر أن الاستفتاءات جاءت بعد أن ناشد مجلسا الشعب (البرلمانان) في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، رئيسي الجمهوريتين، دينيس بوشيلين وليونيد باسيتشنيك، للتقدم بمبادرة لإجراء استفتاء فوري على الانضمام إلى روسيا الاتحادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى