سوريا: هل ينقذ التواجد العسكري الأمريكي منبج من هجوم تركي محتمل؟





يعيش سكان منبج السورية على وقع تهديدات أنقرة بشن هجوم عسكري عليها بعد سيطرتها وقوات المعارضة على عفرين الأحد الماضي. وتعول المدينة على التواجد العسكري الأمريكي فيها لتجنب أي عملية قد تشنها القوات التركية، كما سبق وأعلنت أنقرة مرارا.

في سوق مكتظة في منبج السورية، يتسامر التجار أمام محالهم وينادي بعضهم على الزبائن محاولا استقطابهم في مشهد يومي روتيني، لا يبدد خشية الغالبية الكردية في المدينة من هجوم تركي محتمل.

ورغم تأكيد أنقرة بعد سيطرتها على مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية عزمها توسيع نطاق عملياتها العسكرية لتشمل مدنا أخرى في شمال سوريا بينها منبج، فإن سكانها الذين عانوا من ظلم تنظيم “الدولة الاسلامية” سابقا، يعولون راهنا على وجود القوات الأمريكية لحمايتهم.

وفي سوق الأحذية في وسط مدينة منبج، يعمل حميد الدملخي (50 عاما) على آلة خضراء اللون لإصلاح حذاء ممزق. ويقول الرجل ذو الشارب الأسود “الجميع خائقون بمن فيهم أنا”.

ويضيف وقد اصطبغت أصابعه باللون الأسود هم طماعون، يريدون هذه البلاد(…)  إلى أين يعتقد نفسه أنه ذاهب؟” في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أن يضيف بثقة هنا يوجد رجال يستطيعون حماية منبج.

ولا تزال مشاهد نهب المحلات والمنازل في عفرين تمر أمام عيني حميد، الذي يعتبر المقاتلين الموالين لأنقرة “لصوصا، كما رأيتم فقد سرقوا البلاد (عفرين) كلها”.

وبعد سيطرة القوات التركية وفصائل سورية موالية لها الأحد الماضي على مدينة عفرين، عمد مقاتلون إلى سرقة المتاجر والمنازل والسيارات وحتى المواشي.

ولطالما شكل تصاعد نفوذ أكراد سوريا خلال سنوات النزاع قلقا دائما لأنقرة التي تخشى إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها.وأثبت الأكراد فعاليتهم في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” بدعم أمريكي، وتمكنوا من طرده في صيف2016 من مدينة منبج.

تركيا لن تتوقف عند عفرين!

وأعلنت أنقرة مرارا أنها لن تكتفي بعفرين، بل تعهدت بتوسيع نطاق هجومها إلى منبج وكوباني وصولا إلى القامشلي في أقصى شمال شرق البلاد.

وفي سوق يعرف باسم “سوق المغطى “في منبج، يسير رجال يضعون على رؤوسهم كوفيات حمراء وبيضاء اللون، فيما تخترق دراجات نارية الزحمة وتجد صعوبة في المرور بين بسطات الخضار المنتشرة يمينا ويسارا.

وتتجول في ممرات السوق الشعبية نساء يرتدين العباءات، بعضهن يمسكن أيدي أولادهن أو يحملن أكياسا سوداء اللون مليئة بالمشتريات.

وخلال تبضعها، تقول ريم (30 عاما) “لم نعد نريد أن تكون هناك معارك في منبج، نعيش الآن باستقرار، لكننا خائفون على أطفالنا” مضيفة “لا نريد شيئا سوى أن يكون أطفالنا بخير وسلام وأن تنتهي هذه الحرب”. وتوضح الشابة التي تغطي وجهها بنقاب وتمسك يدي طفليها قبل أن تكمل طريقها “تعب أطفالنا من الخوف والطيران والحرب”.

ولم تتعاف مدينة منبج بعد من آثار الدمار في شوارعها وأبنيتها، جراء معارك شرسة خاضتها قوات سوريا الديمقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية بدعم أمريكي ضد التنظيم، انتهت بطرده منها في آب/أغسطس2016 .

وإثر انتهاء المعارك، تمركزت قوات أمريكية على أطراف منبج.

وفيما لا تزال شعارات التنظيم مكتوبة على بعض الجدران ورايته السوداء مرسومة على جدران بعض الأبنية، رفعت في “ساحة الشهداء” في المدينة، صور لمقاتلين ومقاتلات عرب وأكراد قضوا في المعارك ضد الجهاديين.

تطمينات أمريكية!

وفي وسط السوق، يتبادل الصراف علي الصطاف (50 عاما)أطراف الحديث مع أصدقائه ويناقشون مستقبل مدينتهم.ويقول الرجل الذي ارتدى بزة رمادية اللون “نحن خائفون على أرزاقنا، لأننا رأينا ماذا فعلوا عندما دخلوا إلى عفرين، أخذوا كل البضاعة حتى الجرارات والسيارات”.

ويضيف “الوضع تعبانوفي كل يوم هناك تهديدات بأنهم (القوات التركية)سيأتون إلى منبج وسيأخذونها .لا نعلم متى سنهرب منها”.ولا يخفي هذا الرجل شعوره بالاطمئنان إثر زيارة قام بها وفد أمريكي الخميس إلى مدينة منبج، ضم ممثل وزارة الخارجية ومسؤولا في التحالف الدولي.

ويوضح “يشعرنا ذلك بأنه لن يسقط أي شيء علينا من الجو (قذائف)، هذا يشعرنا بالراحة، وعدا ذلك هناك خوف”. وحمل الأكراد التحالف الدولي بقيادة واشنطن جزءا من المسؤولية تجاه خسارة عفرين لعدم تمكنهم من التدخل ومنع الهجوم التركي ضدها.

ولم يتوقف الدعم الأمريكي للأكراد في عفرين برغم عدم وجود تنظيم “الدولة الإسلامية” فيها، ولطالما أكدت واشنطن أن معركة عفرين أثرت سلبا على الحرب ضد الجهاديين مع انسحاب مقاتلين أكراد للتصدي للهجوم التركي.

وينتشر المئات من قوات التحالف الدولي في مناطق استعادها الأكراد من التنظيم الجهادي المتطرف في شمال وشمال شرق سوريا.

وشملت جولة الوفد الأمريكي في منبج زيارة السوق الرئيسي بالإضافة إلى عقد اجتماع مغلق مع مسؤولين في المجلس المدني لمنبج. وقال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في منبج ابراهيم القفطان تعليقا على هدف الزيارة”لن يكون هناك هجوم على منبج وحصلنا على تطمينات من الوفد”في هذا الاتجاه.

وأثناء خروجهم من المبنى، سارع أحد الموظفين إلى توديعهم قائلا “شرفتونا، نحن في انتظاركم”.

Related Articles

Back to top button