إخفاق أردوغان بكسب التأييد الدولي في المتوسط

خالد رستم

 

فشلت تركيا في الحصول على تأييد إقليمي ودولي في ملف الطاقة وبخاصة في مجال التنافس عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط، وأدانت قبرص بشدة الاعتداء التركي على حقوقها السيادية بإرسال أنقرة سفينة حفر للتنقيب عن النفط والغاز قبالة ساحل الجزيرة.

واعتبرت الرئاسة القبرصية أن إرسال سفينة التنقيب الثانية تصعيد من تركيا لانتهاكاتها المتكررة لحقوق قبرص السيادية التي يكفلها قانون الأمم المتحدة للبحار والقانون الدولي، ورست أكثر من سفينة قبالة الساحل الغربي لقبرص، وأثارت هذه الأنشطة ردود فعل شديدة من الاتحاد الأوروبي الذي كرّر مراراً تحذيراته لأنقرة، وأعادوا تأكيد دعمهم لقبرص في النزاع ضد أنقرة.

أوروبا حذرت أردوغان من أعمال عسكرية في البحر المتوسط قرب قبرص بسبب الخلاف على الغاز، وبالمقابل حذر الرئيس التركي الشركات النفطية الأجنبية من مغبة تخطي الحدود في البحر المتوسط، بعد اعتراض سفن حربية تركية سفينة تابعة إلى شركة – إيني- الإيطالية كانت تستكشف حقول الغاز قبالة سواحل قبرصية.

واتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات لفرض عقوبات على تركيا بسبب أنشطتها غير المشروعة للتنقيب من خلال تبني رسمياً إطاراً قانونياً لاستهداف الأشخاص أو الكيانات المتورطة في هذا الملف.

وتنشط اليونان سياسياً مع الأطراف الأوروبية ومصر سعياً وراء الحصول على دعم لمواجهة الاتفاقية العسكرية والبحرية الموقعة بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية داعيةً الأمم المتحدة إلى إدانة الاتفاقية التي تسمح لأنقرة بالمطالبة بحقوق في المناطق الغنية بالمحروقات في المتوسط، وخصوصاً قبالة جزيرة كريت.

وأثارت الاتفاقية التركية الليبية غضب أثينا التي طردت السفير الليبي في كانون الأول الماضي إبان التقارب بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية جراء الاندفاعة نحو الغاز.

الخارجية التركية قد أصدرت بياناً، رداً على قرارات صدرت عن اجتماع لمجلس العلاقات الخارجية الذي انعقد ببروكسل بمشاركة وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، جاء فيه أن القرارات التي تم اتخاذها في الاجتماع لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على عزمنا مواصلة أنشطة التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية شرق المتوسط، وعدم تطرق هذه القرارات إلى القبارصة الأتراك الذين لهم حقوق متساوية في الموارد الطبيعية لجزيرة قبرص.

وسبق لأنقرة أن تحدت الجميع في السبعينيات من القرن الماضي حين احتل الجيش التركي شمال قبرص 1974م، وتحملت حظراً شاملاً على التسلح فرضته عليها الولايات المتحدة الأمريكية عام 1975م، ورفضت خطوات الأمر الواقع التي حاولت اليونان فرضها في الجزيرة من خلال دعم انقلاب مسلح لأتباعها اليونانيين القبارصة.

وما أثار غضب أنقرة الشديد هو تعاون شركة قطر للبترول مع شركة إكسون موبيل في عام 2017 في صفقة تنقيب عن الغاز مع القبارصة اليونانيين، المنافس الرئيسي لتركيا ورغم ذلك قابلت أنقرة هذا الاتفاق بصمت.

إلا أن هذه الخطوة القطرية كانت بلا شك مصدر إزعاج في جهود تركيا لحماية مصالح القبارصة الأتراك وسط تصاعد الخلافات الاستكشافية التي شهدت قيامها بإرسال سفنها الحربية والفرقاطات العسكرية إلى المنطقة.

وتعارض تركيا أي عملية تنقيب أو استثمارات للموارد النفطية تستبعد الشطر الشمالي من قبرص حيث يقيم القبارصة الأتراك ونشرت أيضاً أول طائرة مسيرة مسلحة في الشطر الشمالي من قبرص وتنوي بناء قاعدة بحرية فيها.

وتحاول تركيا إنقاذ عقود النفط والمقاولات التي تقدر بمليارات الدولارات لتعويض فاتورة الحرب الثقيلة التي تكبدتها جراء تدخلاتها في الشمال السوري ودعم الفصائل المسلحة، إضافة إلى وضع يدها على حقول النفط الليبية لتعويض عزلتها الدولية التي فرضتها عليها دول شرق المتوسط، والحصول على مزايا جيوستراتيجية واقتصادية من خلال التدخل في الأزمة الليبية وتعويض خسائرها التي منيت بها خلال الأيام الأولى لحربها في ليبيا، وخسائرها الكبيرة في معارك مصراتة وطرابلس التي أنهكت الفصائل المسلحة المدعومة من أردوغان وأدت إلى انهيار طموحاته العثمانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى