ضربة جديدة لإخونجية الأردن

قرار بوقف نقابة المعلمين عن العمل واغلاق مقراتها

وجهت المملكة الأردنية الهاشمية ضربة جديدة لمنظمة الإخونجية، فبعد قرار القضاء النهائي بحل الجماعة ومصادرة ممتلكلتها، قرر نائب عام العاصمة الأردنية عمّان، حسن العبداللات، كفّ يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين، وأعضاء الهيئة المركزية، وهيئات الفروع وإداراتها، ووقف النقابة عن العمل، وإغلاق مقراتها لمدة سنتين.

وأصدر العبداللات مذكرات إحضار بحق المشتكى عليهم أعضاء مجلس النقابة ليصار إلى عرضهم على المدعي العام المختص لاستجوابهم عن الجرائم المسندة إليهم.

وكان المدعي العام قد صرح السبت، أن قرار وقف مجلس نقابة المعلمين التي ينتمي لعضويتها عناصر من جماعة الإخونجية، جاء على ضوء نظر النيابة العامة في عدد من القضايا الجزائية التحقيقية بحق المجلس، وأولها قضية التجاوزات المالية المنظورة لدى مدعي عام هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، أما القضية الثانية فتمثلت بالقرارات الصادرة عن مجلس النقابة والتي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتضمنت إجراءات تحريضية.

كذلك أشار نائب عام عمّان إلى القضية المتعلقة بالفيديوهات الصادرة عن نائب النقيب والتي تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وبيّن العبداللات أنه قرر مخاطبة وزير التربية والتعليم لإجراء المقتضى القانوني فيما يتعلق بتشكيل لجنة مؤقتة لتسيير أعمال النقابة إداريا وماليا.

وشدّد على منع النشر والتداول والتعليق في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كافة بهذه القضايا المنظورة باستثناء الجهة الرسمية المصرّح لها بذلك.

لن يقف تأثير قرار الأردن الحاسم بوقف نقابة المعلمين عن العمل وحل جماعة الإخونجية واعتبارها فاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية عند حدود فقدان مصدر تمويلها وإحدى أهم أذرعها وهو المال والممتلكات، بل ستمتد آثاره السياسية خلال الفترة المقبلة، بما يلقي بظلال سلبية على فرص وحظوظ الجماعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري. 

وتوافق خبراء ومحللون سياسيون أردنيون ومصريون على أن قرار وقف نقابة المعلمين عن العمل حل الجماعة الإخونجية سيترك آثارا سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة عليها، مشيرين إلى أن أموال الجماعة وممتلكاتها سوف تؤول لصالح صندوق حكومي خاص لدعم الجمعيات الخيرية.

وضمن تداعيات حل تنظيم الإخونجية سياسيا، توقع هؤلاء الخبراء فشل الجماعة في الانتخابات المقبلة، وحصولهم على أعداد مقاعد أقل من البرلمان السابق (16 مقعدا) حال قررت المشاركة؛ بسبب تراجع قوتها وحجم الانشقاقات الكبيرة التي جرت داخلها، إضافة إلى خطاب الإخوان الذي لم يستطع تفهم الأوضاع السياسية والاجتماعية للشعب الاردني.

لكن قسما من الخبراء لم يستبعد في الوقت ذاته اقتراب مواجهة بين الحكومة والجماعة، ستدفع الأخيرة إلى إعلان مقاطعتها للانتخابات.

وأصدرت محكمة التمييز (أعلى سلطة قضائية)، الأربعاء الماضي قرارا حاسما بحل جماعة الإخونجية بشكل نهائي وقطعي، واعتبارها فاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، على خلفية عدم قيامها بتصويب أوضاعها وفقا للقوانين.

وبموجب القرار الأردني، باتت الجماعة منحلة حكما ولم يعد لها أي وجود اعتباري أو قانوني لأنها لم تلتزم بأحكام القانون.

وجاء هذا القرار الحاسم في الدعوى التي رفعتها الجماعة المنحلة على دائرة الأراضي والمساحة وعلى جمعية جماعة الإخوان في طلب إبطال نقل ملكية الأراضي والعقارات للجماعة القانونية التي صوبت أوضاعها عام 2015.

القرار الحاسم، أحدث معه زلزالا مدويا في أوساط الجماعة التي تعرضت لهزات تنظيمية بسبب الانشقاق الداخلي، الأمر الذي قسم الجماعة إلى كيانات هشة، لتشهد فصلا جديدا مع قرار الحل يفقدها أحد أهم ذراعها وهو المال والممتلكات.

واعتبر مراقبون أن صدور قرار بحل تنظيم الإخونجية ، واعتبارها “غير قانونية”؛ جاء من أجل تقليم أظافر الجماعة في البلاد.

المحلل السياسي والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان، قال إن الدلالة السياسية للحكم القضائي الصادر ضد الجماعة التأكيد على عدم قانونية جماعة الإخوان.

ونوه “أبو رمان” أن الحكومة الأردنية منذ عام 2016 قررت التعامل مع الجماعة كأنها غير قانونية، وصادرت ممتلكاتها، ومنذ ذلك التاريخ فالجماعة لا تعقد مجلس الشورى بشكل رسمي، أو مكتبها التنفيذي رسمي”.

“قرار القضاء الأردني الأخير جاء ليبعث برسالة قوية للجماعة الأم بأن الدولة لا تنوى العودة للعلاقة القديمة، أو التقليدية معها، وتريد منها بشكل واضح إعادة هيكلة أوضاعها القانونية، والتوافق على تصور جديد للعلاقة السياسية”، وفقا لتأكيد الباحث الأردني.

وقال إن”الأزمة قائمة بين الإخونجية والدولة منذ أكثر من عقدين، وخلال تلك الفترة تصاعدت فى أحيان، وتراجعت فى أخرى، لكنها اشتدت لدرجة كبيرة في الربيع العربي 2011، وأصبحت فجوة الثقة بين الطرفين عميقة جدا، ثم جاءت أزمة نقابة المعلمين ويقودها شخصية إخوانية، مع الدولة لتعمق من الأزمة.

ويقول مراقبون إن الأزمة بين نقابة المعلمين التي يسيطر الإخونجية على قراراتها، والحكومة وصلت إلى طريق مسدود، بعد إصرار النقابة على استرجاع العلاوات التي أوقفتها الحكومة على إثر وباء كورونا، فيما تعلق الحكومة بأن وضع “شد الأحزمة” اقتصاديّاً ووقف العلاوات شمل كل موظفي الدولة من دون استثناء.

“أبو رمان” يرى أن الدولة تسعى لإضعاف الجماعة وتحجيمها، واستدراجها لهيكلة أوضاعها، لكنها لم تصل في الوقت ذاته إلى مرحلة اعتبار الجماعة إرهابية أو أفرادها وأعضاءها خارجين عن القانون، كما جرى في دول عربية وأوروبية أخرى.

ويوضح: هناك خصوصية أردنية مرتبطة بالتكوين الاجتماعي والسياسي، وهو ما تدركه الدولة، وبالتالي هي لا تريد أن تصل بالمرحلة إلى مرحلة القطيعة الكاملة، علاوة على أن الجماعة لديها إطار قانوني فى البلاد وهو حزب جبهة العمل الإسلامي.

وحول تأثير قرار المحكمة بحل الجماعة على فرصها في الانتخابات المقبلة، رجح “أبو رمان” مشاركة الجماعة من خلال ذراعها السياسية جبهة العمل الإسلامي، في محاولة لتخفيف حدة الأزمة مع الدولة.

لكن الخبير والمحلل السياسي، توقع حصول التنظيم – في حال قررت المشاركة – على نسبة أقل من مقاعدها الحالية بسبب تراجع قوتها نتيجة لحجم الانشقاقات الكبيرة التي جرت داخلها، وخطاب الجماعة الذي لم يستطع تفهم الأوضاع السياسية والاجتماعية للشعب الاردني.

وزاد بأن الإخوان لم تصل لمرحلة قراءة الشارع وتحولاته، مع ضعف قدرتها على التجديد بين صفوف الشباب.

وحصل “التحالف الوطني للإصلاح” بقيادة حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخونجية ، في انتخابات 2016 على 16 مقعدا من أصل 130 في مجلس النواب، أي ما يعادل 12 في المائة من مجموع المقاعد.

ويترقب الشارع الأردني، تحديد الموقف الرسمي من إجراء الانتخابات التشريعية، خاصة وأن مجلس النواب الحالي تنتهي مدته الدستورية (اربع سنوات) في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، حيث تنتهي مدة المجلس الحالي في 27 سبتمبر/أيلول.

من جهته، أكد منذر الحوارات المحلل السياسي الأردني، إن قرار حل الجماعة سيترك آثارا سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة على الإخوان، بعد اعتبار جمعية الإخوان منحلة حكما، ومآل أموالها لصالح صندوق خاص لدعم الجمعيات الخيرية.

وأشار إلى أن الجماعة ستتأثر سياسيا بشكل كبير، وسيقل حضورها الإعلامي؛ باعتبار أن أي نشاط لها هو مجرم قانونا بحكم محكمة التمييز أعلى محكمة أردنية.

وقال “الحوارات” إنه بموجب القرار فإن الجماعة أصبحت “مجرمة بحكم القانون ولا يحق لها ممارسة أي نشاط في المجتمع”.

ولفت المحلل السياسي الأردني إلى أن الإخونجية ستكون خلال الفترة المقبلة أمام عدة خيارات إما النزول للشارع والدخول في مواجهة مع الحكومة، وإما اللجوء للطرق القانونية عبر الاستئناف على حكم المحكمة، أو الانضواء تحت جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لها.

وبين “الحوارات” أن القرار ما لم يستوعب بشكل جيد فقد يترك تداعيات خطيرة؛ لأن الجماعة لديها بنية تنظيمية شديدة التعقيد، وقد تشكل ضغطا على صناع القرار.

وفي هذا الصدد، ألمح إلى أن آلية تعامل النظام مع الإخونجية جاءت من خلال القضاء، الذي اتخذ قرارا بحل الجماعة وفقا لمعطيات على الأرض.. ونظرا للثقة الكبيرة به فإنه لن يثير حفظية الكثير، فيما لو كان صدر بشكل سياسي من الحكومة.

وحول تأثير حكم حل الجماعة على فرصهم بالانتخابات البرلمانية المقبلة، توقع”الحوارات” أيضا حصول الإخونجية على مقاعد أقل في البرلمان المقبل، مع تراجع تأثيرهم الشعبي.

وشرح “الحوارات”عوامل هذا التراجع، قائلا: ضعف إمكانات وقوة الجماعة المالية، فضلا عن التضييق المتوقع على تحركات عناصرها الإعلامية، فإن ذلك سيؤدي لتراجع تأثيرها الشعبي؛ وهو ما سينعكس بالسلب على فرص في الانتخابات وحصولهم على أصوات الناخبين.

لكن “الحوارات” ينبه في المقابل إلى أن التيار العام من الإخونجية يرى أن الحكومة ترصدت للجماعة، وأوقعت بها، وهو ما قد يشكل تعاطفا كبيرا من مريديهم، وحافزا أيضا للوقوف بثقل خلف مرشحي الإخوان ضمن جبهة العمل الإسلامي.

وبخلاف ما ذهب إليه الباحث محمد أبو رمان، لم يستبعد “الحوارات” لجوء الإخونجية لمقاطعة الانتخابات، قائلا: خيار المقاطعة والتصعيد وارد وقد مارسه الجماعة خلال استحقاقات عديدة سابقة، وذلك في حال تطورت الأمور نحو المواجهة مع الحكومة؛ في محاولة لنزع الشرعية عن العملية الانتخابية، والإدعاء بأن الانتخابات لا تمثل جميع أطياف المجتمع.

ووصف المحلل السياسي الأردني قرار المقاطعة إذا ما أقدمت عليه الجماعة بـ”الانتحار السياسي” في ظل انحسار التأييد الشعبي لها بسبب أخطائها.

غير أنه قال: “الإخوان باعتقادي ستفكر كثيرا قبل قرار المقاطعة، والابتعاد عن المشهد السياسي، خاصة أنها تدرك خطورة تغييب نفسها عن المشهد الحالي في ظل الظروف الراهنة”.

كما اتفق الباحث المصري أحمد كامل البحيري، الخبير بالوحدة الأمنية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي) على أن عدم المشاركة في الانتخابات أمر وارد كنوع من الرد السياسي على الحكومة.

وفي حال مشاركتهم، شدد “البحيري” على أن فرص الإخونجية ستكون ضعيفة، ولن يصلوا إلى عدد المقاعد التي حصلوا عليها في الانتخابات السابقة.

وفي هذا الصدد، أكد البحيري ارتفاع أسهم العاهل الأردني، بشكل ملحوظ بين الأردنيين، وهو ما يعني تراجعا  لتأثير وشعبية الإخونجية ، موضحا: عندما يفقد الشارع الثقة في السلطة السياسية، فإن هذا يصب في صالح الإخونجية والعكس صحيح.

ونوه البحيري إلى أن المملكة الأردنية استشعرت خطر الإخونجية عقب ثورات الربيع العربي، خاصة الدور الذي لعبه التنظيم في تلك الثورات، وعلى سبيل المثال، ما قاموا به في الداخل السوري من عمليات تخريب وعنف، وما جرى أيضا في مصر.

ونبه البحيري إلى أن النظام الأردني استخدم أسلوبا جديدا في التعامل، يتمثل في مواجهة الجناح المتشدد داخل التنظيم ومحاولة الاستفادة مما يسمى بـ”جناح الإصلاح” داخل التنظيم ومنحهم رخصة للتمثيل الرسمي عن الجماعة.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى