عباس ينقلب على مسار الشراكة السياسية والإجماع الوطني الفلسطيني

ويلغي الانتخابات وسط حالة غضب فلسطيني واسعة ودعوات لاسقاط القرار "المشبوه"

وسط احتجاجات فلسطينية عارمة شهدتها عدد من المدن الفلسطينية ضد تأجيل الانتخابات الفلسطينية، قرر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مساء الخميس، تأجيل الانتخابات المزمع إجرائها خلال شهر مايو القادم، ما يمثل خروجاً عن توافقات الفصائل الفلسطينية في القاهرة، وانقلاباً على على العملية الديمقراطية التي يتعطش لها الفلسطينيين بعد نحو 15 عام أمضاها عباس على رأس النظام السياسي الفلسطيني، واستفرد في الحكم بشكل مخالف للقانون الأساسي الفلسطيني.

دحلان يدعو لحراك شعبي لاسقاط القرار المشبوه

وعقب قرار التأجيل، حذر زعيم التيار الإصلاحي في حركة فتح القيادي محمد دحلان من مخاطر المرحلة المقبلة،  محملاً عباس والكيان الإسرائيلي مسؤولية التداعيات المحتملة لهذا القرار الخطير، داعيا في الوقت ذاته شعبنا إلى الحراك الواسع والمستمر على امتداد خريطة الانتشار الفلسطيني وخاصة في الوطن، من أجل اسقاط هذا القرار المشبوه وإبطال مفاعليه”.

وقال دحلان، إن تأجيل الانتخابات التشريعية قرار غير قانوني صادر عن رئيس فاقد للشرعية منذ عقد من الزمان، وهو قرار خطير يعرض حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني لخطر المجهول.

وأكد دحلان في تصريح صحفي، أن دوافع هذا القرار مكشوفة ومعروفة، ولا علاقة لها بالقدس، وعلى العالم كله أن يدرك أن هذا القرار يتناقض مع القانون ويتحدى إرادة الجموع الهائلة من الفلسطينيين الذين حدثوا بياناتهم استعدادا وتوقا لممارسة حقهم الوطني المقدس في اختيار قيادتهم للمرحلة المقبلة من الكفاح الوطني، من خلال عملية ديمقراطية نزيهة تليق بشعبنا، وعليه فإن العالم كله مطالب بإدانة هذا القرار والتوقف عن توفير الغطاء الدبلوماسي والمالي لهذه الدكتاتورية الفاسدة.

وأضاف، أن “استمرار التعامل مع سلطة وحكومة عباس يعني تجاهل كل قيم القانون والديمقراطية وضربها عرض الحائط، ويشكل تكريسا لسلطة دكتاتور يحاول مصادرة حقوق شعب بأكمله”.

وشدد دحلان، على أن الشعب الفلسطيني يصر على مشاركة القدس عاصمتنا الأبدية في هذه الانتخابات، لكن فريقا سلطويا يربط المشاركة المقدسية بالحصول على موافقة إسرائيلية ومن خلال التنسيق الأمني، بينما نرى، مثل كل الكتل ومثل جموع الفلسطينيين، أن هذه المشاركة تتحقق بفرضها على الأرض بقوة الإرادة الشعبية وليس باستجداء الاحتلال الاسرائيلي”.

حماس تعتبر القرار انقلاباً على مسار الشراكة

من جهتها، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، بياناً صحفياً، حول تأجيل الانتخابات الفلسطينية، بقرار من رئيس السلطة محمود عباس. وقالت الحركة في بيان لها: “تلقينا ببالغ الأسف قرار حركة فتح والسلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس تعطيل الانتخابات الفلسطينية، وتتحمل حركة فتح ورئاسة السلطة المسؤولية الكاملة عن هذا القرار وتداعياته، وهو يمثل انقلاباً على مسار الشراكة والتوافقات الوطنية، ولا يجوز رهن الحالة الوطنية كلها والإجماع الشعبي والوطني لأجندة فصيل بعينه.

وأضافت: لقد أثبت شعبنا في القدس قدرته على فرض إرادته على المحتل، وهو قادر على فرض إجراء الانتخابات كذلك كما أوضحنا في بياننا الصادر الأربعاء 28 أبريل.

وتابعت حماس: لقد قاطعت حركة حماس هذا الاجتماع لأنها كانت تعلم مسبقاً أن حركة فتح والسلطة ذاهبة إلى تعطيل الانتخابات لحسابات أخرى لا علاقة لها بموضوع القدس، وقد أوضحنا أمس لقيادة حركة فتح خلال اتصال رسمي أننا جاهزون للمشاركة في اجتماع اليوم إذا كان مخصصاً لمناقشة سبل وآليات فرض الانتخابات في القدس رغماً عن الاحتلال، وهو الأمر الذي لم نتلق جواباً عنه.

 وأردفت بالقول: قررنا المقاطعة احتراماً لشعبنا الذي سجل للانتخابات بغالبيته العظمى وبشكل لا مثيل له وغير مسبوق، وكذلك احتراماً لآلاف المرشحين والمرشحات من أبناء شعبنا التواقين لممارسة حقوقهم السياسية وتمثيل شعبهم والدفاع عنه، وكي لا تكون مشاركتنا غطاءً لهذا التلاعب في استحقاق وطني انتظره شعبنا طويلا.  وذكرت أن إشادة رئيس السلطة عباس بهبة القدس دفاعا عن ساحة باب العامود التي فرضت إرادة المقدسيين ضد المحتل كانت تقتضي وتستلزم البناء عليها، وإعلان تحدي الاحتلال عبر تنظيم الانتخابات في القدس دون إذن مسبق من الاحتلال وليس العكس.

وعبرت الحركة عن استهجانها الشديد لما ورد في الكلمة الختامية لرئيس السلطة من ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة بحق حركة حماس. وختمت الحركة بيانها: ستبقى حركة حماس على عهدها تجاه أبناء شعبنا في الذود عنهم، وتبني همومهم وحقوقهم في اختيار ممثليهم، وندعو الفصائل الفلسطينية والقوى السياسية والمدنية إلى التداعي وطنياً لوضع خارطة طريق وطنية تنهي حالة التفرد، وتحقق الوحدة الوطنية على أسس سليمة وصلبة تضمن إنجاز الإصلاح السياسي الشامل، وتوجيه كل الجهود نحو مقاومة الاحتلال والاشتباك معه على كل الأصعدة وفي كل الساحات.

زياد النخالة

ودعا زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد في فلسطين، كافة القوى الفلسطينية لاجتماع عاجل للتوافق على برنامج وطني لمجابهة الاحتلال .

وقال النخالة “إن ما يجري يؤكد على أن المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي هما الحقيقة الثابتة التي علي الجميع أن يتعاطى معها بجدية وألا يقفز عنها”.

وشدد النخالة على أن الشعب الفلسطيني ما زال يعيش تحت الاحتلال، بالرغم من مظاهر السلطة الوهمية التي نراها متجسدة في الأجهزة الأمنية والشرطية.

وأوضح، أن تلك الأجهزة تعمل ليل نهار على التعاون الأمني مع العدو متوهمة أن التنسيق الأمني ربما يقنع العدو بمنحنا دولة.

وأعرب، عن رفضه الشديد لمحاولة التعايش مع الاحتلال عبر الانتخابات، مشيراً إلى أن الوقائع السابقة، منذ توقيع اتفاق أوسلو اللعين، أثبتت أن هذه مجرد أوهام كاذبة.

واستعرض النخالة في تصريحه واقع الشعب الفلسطيني ومعاناته من حصار لغزة، وملاحقاتٍ لشعبنا واعتقالاتٍ وهدمٍ للبيوت، وتمدد الاستيطان في القدس وعموم الضفة الغربية، وما يجري من اقتحامات للمسجد الأقصى وعدوان على أحياء القدس وتغول المستوطنين على ممتلكات شعبنا وحقوقه، مؤكداً أن كل ذلك يثبت أننا ما زلنا نعيش تحت الاحتلال الذي يجب أن نقاومه لا أن نستجديه أو نتعايش معه بدعاوى باطلة.

ودعا، كافة قوى شعبنا للاجتماع فوراً بدل التصريحات والاحتجاجات، مطالباً بأن يكون على جدول أعمال هذا الاجتماع بند واحد فقط، هو أننا شعب تحت الاحتلال وعلينا أن نتوافق على برنامجٍ وطني يتناسب مع هذا الفهم، وأن أي خيار آخر هو إضاعة لمزيد من الوقت ومزيد من الجهد.

الجبهة الديمقراطية

وأكد تيسير خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، معارضته الحازمة لقرار تأجيل انتخابات المجلس التشريعي وبالتالي انتخابات الرئاسة والمجلس الوطني الفلسطيني واعتبر قرار التأجيل انتكاسة للجهود ، التي بذلت على امتداد عام منذ الاجتماع مع الامناء العامين من اجل طي صفحة الانقسام واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني وتجديد بنيته وشرعية مؤسساته من بوابة العودة الى الشعب في انتخابات عامة تشريعية ورئاسية وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني .

وأشار خالد، الى أن القرار بتأجيل الانتخابات شكل صدمة حقيقية  للرأي العام الفلسطيني ، الذي راهن على أن تكون تلك الانتخابات بمحطاتها الثلاث مدخلا لإنهاء الانقسام واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني وخطوة جوهرية على طريق بناء نظام حكم ديمقراطي تعددي وتوازنات سياسية جديدة تحيي الأمل لدى المواطنين بفجر سياسي فلسطيني جديد وتنهي الثنائية المدمرة التي تحكمت بالمشهد السياسي الفلسطيني وولدت نظامين سياسيين هزيلين تنخرهما مظاهر الضعف والفساد والمحسوبية والفئوية ، واحد في الضفة الغربية والثاني في قطاع غزة وقدمت في الوقت نفسه المزيد من الذرائع للعدو الاسرائيلي لترويج مقولته وادعاءاته حول عدم وجود شريك فلسطيني .

وأضاف يأن قرار تأجيل الانتخابات بالمبررات التي تم الاستناد عليها هي التي تعطي العدو الاسرائيلي المحتل الفيتو على إجراء الانتخابات ليس في القدس وحدها بل وفي بقية المناطق الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 وبأن الأنسب في معالجة وضع كهذا هو التمرد على اوسلو وعلى البروتوكول الملحق بشأن الانتخابات في القدس وبدء الدعاية الانتخابية في مدينة القدس ومواصلة ذلك مهما كانت التضحيات .

 وأكد في الوقت نفسه الى أهمية بناء اوسع جبهة وطنية في مواجهة هذه الانتكاسة والضغط من أجل حفظ حقوق المواطن في الممارسة الديمقراطية وفي تجديد بنية النظام السياسي القائم ، الذي بات عاجزا عن مواجهة التحديات التي تطرح نفسها على جدول الاعمال في الساحة الفلسطينية .

الجبهة الشعبية

وأعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عن رفضها لقرار تأجيل الانتخابات والارتهان للموافقة الإسرائيلي على إجرائها في القدس.

وقالت الجبهة في بيانٍ لها: “كان على القيادة الفلسطينيّة ألّا تُرهن قرارها بشأن الانتخابات بموافقة الاحتلال لإجرائها في مدينة القدس، بل أنّ تسعى لفرضها كشكلٍ من أشكال إدارة الاشتباك حول عروبتها، فالانتخابات في القدس أو في أي مكانٍ في فلسطين لا يحتاج لإذنٍ “إسرائيلي”.

وأضافت: “التداعيات السلبيّة المتوقّعة لقرار تأجيل الانتخابات يتطلّب من الجميع معالجة وطنيّة مسؤولة، خاصة أنّه يوقف عملية المصالحة وجهود إنهاء الانقسام ويفتح على تعميق الأزمة الداخليّة أكثر فأكثر، والتي أنهكت وتُنهك المجتمع الفلسطيني، وتشكّل بالنسبة للعدو البيئة الأمثل لاستكمال مشروعه الاستعماري الاستيطاني، والعمل على تصفية حقوق شعبنا”.

كما حذّرت الجبهة الشعبيّة من اللجوء لأيّة قرارات أو إجراءات للهروب من تداعيات القرار والتي يمكن أن تُساهم باستمرار حالة الانقسام على ما هي عليه بل وتعمّق منها، داعيةً أيضاً إلى عدم الاستجابة لشروط اللجنة الرباعيّة بالعودة إلى المفاوضات.

قائمة الحرية

وقالت المتحدثة باسم قائمة الحرية التي يرأسها ناصر القدوة، نور عودة في تصريح صحفي: “نرفض تأجيل الانتخابات ونعتبره انتكاسة سياسية تتعارض مع رغبة شعبنا الجامحة في عقد الانتخابات وتؤكد الحاجة الملحة للتغير الواسع والعميق في النظام السياسي الفلسطيني “.

وأكدت عودىة، على أن “حق شعبنا في اختيار ممثليه يجب أن لا يخضع إلا للإرادة الفلسطينية، وأن تكون ممارسة شعبنا لحقوقه السياسية والوطنية في القدس نتاج معركة سياسية وشعبية تؤكد على فلسطينية القدس وسيادة أهلها رغم ممارسات الاحتلال العدوانية وغير الشرعية “.

المبادرة الوطنية الفلسطينية

وأعلنت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية وقائمتها المبادرة الوطنية الفلسطينية ” للتغيير وانهاء الانقسام” رفضها لقرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية ودعت الى التراجع عنه والإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها، بما في ذلك داخل مدينة القدس .

وقالت “المبادرة” في بيان لها، إننا نرفض قرارات الاحتلال ونرفض مؤامرته لاستثناء القدس من الانتخابات لتمرير صفقة القرن ، ولكننا نرفض أيضا إعطاء الاحتلال حق الفيتو على الانتخابات الديمقراطية الفلسطينية، ولذلك نعيد تأكيد موقفنا بضرورة إجراء الانتخابات في القدس رغم أنف الاحتلال وجعلها معركة مقاومة شعبية وأداة للوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال.

وأكدت “المبادرة”، أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني هي حق للشعب قبل أن تكون حقا للفصائل والقوى والقوائم، وهو حق حرم منه الشعب وخاصة أجيال الشباب لخمسة عشر عاما وقد آن أوانه، ودعت إلى تضافر الجهود الشعبية والوطنية للعمل من أجل استعادة حق الشعب في إجراء الانتخابات الديمقراطية وجعلها فرصة لتوحيد الصف الوطني في مواجهة الاحتلال.

لجان المقاومة الشعبية

من جانبها،  أكدت لجان المقاومة الشعبية في فلسطين، في بيان لها، على أنه لا يجب إعطاء الاحتلال الصهيوني ذريعة لتأجيل الانتخابات او التدخل في الشؤون الداخلية لشعبنا، في ظل حالة الإجماع الوطني على طي صفحة الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وعدم الانصياع للتهديدات الصهيونية في استعادة الوحدة الوطنية.

 وأضاف البيان: “ترى الحركة ان شعبنا وقواه الحريصة على مصلحته العليا، لها القدرة على عقد الانتخابات في مدينة القدس رغم أنف الاحتلال،  وممارساته العنصرية”.

ودعت الحركة الى مزيد من التشاور مع الفصائل وقوى شعبنا، حول الخيارات الممكنة لعقد الانتخابات في القدس.

وأكدت أن مدينة القدس التي انتصر أهلها وشبابها الثائر على العدو الصهيوني، لهي بوصلة الوحدة الوطنية وطريقنا نحو التحرير لفلسطين.

مراكز حقوقية

ومن جهته، استهدن مركز حماية لحقوق الإنسان قرار رئيس السلطة الفلسطينية السيد: محمود عباس الصادر مساء أمس الخميس 29/04/2021م والقاضي “بتأجيل إجراء الانتخابات الفلسطينية بمراحلها الثلاث في الأراضي الفلسطينية والتي كان من المقرر أن تبدأ باكورتها بإجراء الانتخابات التشريعية يوم 22/مايو المقبل.

مركز حماية لحقوق الانسان في إطار متابعته باهتمام كبير إجراءات عقد الانتخابات التشريعية فإنه يبدي استهجانه إزاء قرار السيد “عباس” الذي يمس حق مكفول لكافة المواطنين من خلال النصوص التشريعية والاتفاقيات الدولية، حيث نص القانون الأساسي الفلسطيني أن :” الشعب مصدر السلطات ويمارسها عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات، وعلى حق “التصويت والترشيح في الانتخابات لاختيار ممثلين منهم يتم انتخابهم بالاقتراع العام وفقاً للقانون”.

 كما مركز حماية لحقوق الانسان يؤكد على أهمية العملية الانتخابية وضرورة اجرائها في كافة الأرض الفلسطينية بما فيها القدس حيث كان من المفترض أن تؤسس “الانتخابات” لإنهاء حالة الانقسام وإعادة احياء النظام السياسي الفلسطيني.

ويرى المركز أنه كان الأجدر بالسيد عباس أن يبحث مع الفصائل الفلسطينية آلية توافقية يتم من خلالها تمكين المقدسيين من الإدلاء بأصواتهم وليس القضاء على العملية الديمقراطية وبدوره يطالب عباس بضرورة إعادة النظر في قرار التأجيل والعمل مع كافة الأطراف من اجل الضغط على الاحتلال لإجراء الانتخابات وانهاء حاله احتكار السلطة التنفيذية لكافة السلطات ، كما و يطالب الأطراف الدولية الراعية لتفاهمات إجراء الانتخابات لتوضيح موقفها من هذا القرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى