عفو رئاسي عن أكثر من 5 آلاف سجين جزائري

تبون يتمسك بإجراءات التثبت من هويات العالقين في تركيا

قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، في مقابلة تلفزيونية مساء الثلاثاء، إن بلاده “لن تسمح بدخول جزائريين عالقين في تركيا قبل التحقق من هوياتهم فردا فردا”، معبّرا عن استغرابه من ازدياد عدد العالقين في مطار إسطنبول من 250 شخصا إلى 1850 شخصا.

وأوضح تبّون أن السلطات الجزائرية أجلت رعاياها من تركيا يوم 20 مارس الماضي، بـ3 طائرات تابعة للخطوط الجوية الجزائرية و3 طائرات تابعة للخطوط التركية، وبلغ عددهم 1800 جزائري، متسائلا عن مصدر العدد المعلن والذي وصل إلى 1850 شخصا، لا يملك الكثير منهم جوازات سفر أو تذاكر سفر قديمة.

وتعكس تصريحات الرئيس الجزائري بشأن التمسك بإجراءات التثبت من هويات العالقين في تركيا، فشل الاتصال الذي أجراه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء في تبديد مخاوف الجزائر من تسلل إرهابيين ضمن رحلات إجلاء الجزائريين العالقين في إسطنبول.

وجاءت تصريحات تبون متطابقة مع بيان وزارة الخارجية الجزائرية الذي أصدرته الأسبوع الماضي بشأن قضية العالقين والذي كشف عن أزمة ثقة بين البلدين، ما يؤكد فشل اتصال أردوغان في تبديد مخاوف الجزائر.

وكانت الجزائر شددت على ضرورة التأكد من هوية “العالقين”، بسبب مخاوفها من تسلل عناصر أو خلايا إرهابية إلى ترابها أو من ترابها إلى دول المنطقة، وذلك إثر ارتفاع أعدادهم بشكل لافت، في مطار إسطنبول خلال الأسابيع الأخيرة رغم رحلات الاجلاء التي نظمتها شركة الخطوط الجوية الجزائرية.

وأوضحت وزارة الخارجية في بيان سابق، إلى أن عدد هؤلاء ارتفع بشكل مذهل في الآونة الأخيرة، وهو ما يثير الشكوك حول إمكانية استغلال جهات مّا للوضع الاستثنائي من أجل تسفير عناصر موالية لها إلى الجزائر في إطار أجندة أمنية معينة تستهدف استقرار البلاد أو دول المنطقة.

وأوضحت بأنه تم تسجيل عناصر لا تملك وثائق هوية ولا تذاكر سفر، تريد العودة إلى الجزائر عبر رحلات الإجلاء وهو أمر مثير للمخاوف، ويتوجّب إجراء تحقيقات مدققة في هوية هؤلاء، للحيلولة دون تسلل أيّ عنصر من الجماعات أو الخلايا الإرهابية.

ويقول مراقبون إن تحول الموقف الجزائري من إصدار البيانات إلى تصريح من الرئيس تبون يشير إلى أن الأزمة تجاوزت الشكوك وأن الاستخبارات الجزائرية حصلت على معلومات قاطعة عن نوعية العائدين وتأكدت من وجود من يشكلون خطرا على الأمن الجزائري ضمنهم.

ويرى هؤلاء أن صلة أنقرة بالإرهاب أصبحت مكشوفة لأصدقائها وخصومها على حد السواء لذلك يختار الجميع توخي الحيطة والحذر خلال التعامل معها.

وتحاول أنقرة منذ فترة إقحام الجزائر ضمن التحالف المناهض لعدد من الدول العربية الإسلامية وفي مقدمتها السعودية، من خلال إصدار بيانات وتصريحات تزعم رؤيتهما الموحدة لحل الأزمات في المنطقة خاصة في سوريا وليبيا وهو ما يتضارب مع الواقع.

ففي سوريا تساند الجزائر منذ 2011 الحكومة بقيادة بشار الأسد في حين تدعم أنقرة مختلف الجماعات المتطرفة، أما في ليبيا فتكتفي الجزائر بالدعوة إلى حل سياسي للأزمة وهو ما يقابله دعم تركي غير محدود للميليشيات في طرابلس وصل حد استخدام إحدى قطعها البحرية لقصف مواقع الجيش الليبي في منطقة العجيلات الأربعاء.

وترفض الجزائر تلك المحاولات التي وصلت بأردوغان إلى حد إثارة أزمة بينها وبين فرنسا عندما ادّعى أن تبون أخبره أن فرنسا قتلت أكثر من 4 مليون جزائري خلال فترة الاستعمار، في مسعى لإظهار فرنسا كعدوّ مشترك لتركيا والجزائر.

وجاءت تصريحات أردوغان المهاجمة لفرنسا بعد كسر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصمت الدولي بشأن العبث التركي في ليبيا إضافة إلى وقوف باريس إلى جانب أثينا بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة السراج والتي أثارت غضب اليونان.

ومن المنتظر أن تشرع السلطات المختصة في الجزائر وتركيا بداية من الخميس في إجلاء رعايا البلدين العالقين بسبب حظر الملاحة الجوية الناجم عن تفشي وباء كورونا، بعد الاتفاق المتوصل إليه بين الرئيسين عبدالمجيد تبون ورجب طيب أردوغان.

وذكر بيان للرئاسة الجزائرية الثلاثاء، بأن “الرئيس عبدالمجيد تبون، أجرى مكالمة هاتفية مع رئيس النظام التركي، تطرقا فيها إلى الوضع في كلا البلدين، وتم الاتفاق على التعاون من أجل إجلاء الجزائريين العالقين في تركيا والأتراك العالقين في الجزائر، ابتداء من يوم الجمعة، وأنه تم تكليف وزيري الخارجية والصحة في البلدين بالإشراف على تنفيذ الاتفاق”.

من ناحية ثانية فقد أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عفوا رئاسيا عن 5037 سجينا، ليس بينهم الموقوفون بسبب نشاطهم في الحراك والذين ينتظرون محاكمتهم.

وجاء في نص المرسوم الرئاسي الذي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية “يستفيد من هذه الإجراءات الأشخاص المحكوم عليهم نهائيا الذين تساوي عقوبتهم أو ما تبقى من عقوبتهم 12 شهرا أو أقل، وكذلك الذين يساوي أو ما تبقى من عقوبتهم 18 شهرا أو أقل”.

كما نص المرسوم “على تخفيض جزئي للعقوبة بـ 18 شهرا إذا كان ما تبقى من العقوبة يزيد عن 18 شهرا ويساوي 20 سنة على الأقل”، مشيرا إلى أن مدة الخفض الجزئي أو الكلي للعقوبة ترفع إلى 24 شهرا لفائدة المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا الذين يساوي أو يزيد سنهم عن 60 سنة عن تاريخ إمضاء المرسوم”.

وأضاف أن إجراءات العفو لا تشمل “الأشخاص الذين حكمت عليهم الجهات القضائية العسكرية”. وسبق للرئيس تبون أن أصدر عفوين عن نحو عشرة آلاف سجين في فبراير-شباط.

وكما هي الحال بالنسبة للعفوين السابقين يستثني العفو الأخير “الأشخاص المحكوم عليهم في قضايا إرتكاب جرائم الإرهاب والخيانة والتجسس والتقتيل والمتاجرة بالمخدرات والهروب وقتل الأصول والتسميم، وجنح وجنايات الفعل المخل بالحياء مع أو بغير عنف على قاصر والإغتصاب، وجرائم التبديد العمدي واختلاس الأموال العامة، وعموما كل جرائم الفساد”.

وفي المقابل لا يشمل المرسوم الأشخاص الموقوفين بسبب نشاطهم في الحراك الشعبي ضد النظام منذ أكثر من سنة، ومعظمهم ما زال ينتظر المحاكمة.

ورحّب سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان “بالإجراء، مع أننا دعونا إلى الافراج عن معتقلي الرأي في ظل انتشار الوباء من اجل تخفيف الاكتظاظ في السجون”، في إشارة إلى فيروس كورونا المستجد. وقال: “أتمنى فعلا أن يتم توسيع المرسوم لمعتقلي الحراك حتى وإن كان أغلبهم في الحبس المؤقت ولم يستنفدوا بعد طرق الطعن”.

وبحسب اللجنة الوطنية للافراج عن المعتقلين فان 44 شخصا من الحراك ما زالوا رهن الحبس منهم 25 في الجزائر العاصمة.

 

 

الجزائر- الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى