فرص ترامب بين انتخابات الجمهوري والهوس الأمريكي بشخصيته

ماريا معلوف

يوما بعد يوم يتأكد أن الرئيس السابق دونالد ترامب يملك قوة هائلة وشعبية خارقة داخل حزبه الجمهوري وبين أطياف الشعب الأمريكي.

أقول هذا الكلام وأنا أرى طيف ترامب في المناظرة بين المرشحين الجمهوريين السبعة بالرغم من أنه لم يكن حاضرا بينهم لكنك كنت تراه بعد نهاية كلام كل مرشح حين تتأكد أنه لا يمكنه أن يضاهي ترامب- حتى ولو كان ترامب يلعب الغولف في ناديه ساعة المناظرات أو يزور مصنعا للسيارات في ولاية أخرى- في اي من الامكانيات والسمات التي يتميز بها الرئيس السابق -ناهيك عن استطلاعات الرأي-حيث الحجم والنفوذ بين قواعد الحزب الجمهوري تميل ميلا كاملا إلى ترامب وهي التي تؤخذ بالطبع في الحسابات عند إعلان ترشيح الحزب الجمهوري لمرشح ما مطلع العام المقبل …فلا يغيب عن البال أن هناك كتلة ضخمة مؤيدة لترامب وداعمة له في توجهاته التي تنطلق من قيم عنصرية  لا تمانع في إعلان موقفها المعادي للمهاجرين وللامريكيين ذوي البشرة السوداء.

بداية يطرح الكثيرون السؤال التالي: هل سيستطيع ترامب التخلص من الملاحقات القضائية؟ واقول هنا ان مؤشرات كثيرة تقود إلى إمكانية نجاح هيئة الدفاع في دحض الاتهامات الموجهة إلى الرجل وهذا ولاشك أن حصل سيعزز فرصته لنيل ثقة الحزب الجمهوري مطلع العام و ترامب صاحب تاريخ طويل في التسويات القانونية سواء أكانت ضمن قضايا شخصية أو مهنية وحتى التوظيف السياسي لها ان حصل فسيكون ضمن المنافسة بين المرشحين الاثنين نهاية العام المقبل وليس ضمن ترشيحات الحزب الجمهوري المنتهية بعد ٥ اشهر.

خلال الاسبوعين الماضيين امتلأت الصحافة الأمريكية باستطلاعات الرأي وكان واضحا تقدم ترامب في سباق ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة حيث أعلنت(وول ستريت جورنال )أن ناخبي الحزب وبأغلبية سابقة يرون أن الاتهامات الجنائية الموجهة لترامب في ٤قضايا لا أساس لها من الصحة وخلال متابعتي لهذا الأمر و بالقرب هنا من الكابيتول في واشنطن استغربت الكلام الذي اعلنه الصحفي البريطاني (تيموثي جارتون )من أن أكثر ما اقلق الديمقراطيين خلال الشهرين الماضيين هو أن هناك تحولات للناخبين السود واللاتينيين من الحزب الديمقراطي تجاه الجمهوريين مما يدلل على تأييدهم المحتمل لترامب والحقيقة أنه لاخطر على ترامب من اي منافس جمهوري ولا من مشكلات قضائية أو أوضاع صحية معلنة وكل ما فعله أولئك المرشحون كان يهدف للقول :إننا هنا حتى ولو كان طيف ترامب يحجب الضوء عنا مما اضطرني لسؤال سياسي امريكي من أصول أفريقية عن هذا الأمر -والذي هو دعم ذوي البشرة السوداء لترامب في استطلاعات الراي- إلى جانب أن هناك (فوضى)يحدثها اكتظاظ الساحة بالمرشحين وكل ذلك يصب في مصلحة ترامب وغياب اي منافس ذا قيمة أو حتى قيادة جمهورية تقترب شعبيتها من شعبية ترامب …فلا اقتحام الكونجرس أضعف شعبيته ولا إخراجه من توتير جعل انصاره يحجمون عن تتبع اخباره ومواقفه وليس هناك من جمهوري يدعي ولو مازحا أن شعبيته تزاحم الشعبية الطاغية لترامب بين اوساط الجمهوريين وناخبيهم.. ومهما علت أصوات الكثيرين منهم فلا يستطيع احد منهم إنكار حصول ترامب في الانتخابات السابقة على 74مليون صوت.. ويضاف إليهم في الانتخابات المقبلة (الاتباع المخلصون بشدة) وهم بالملايين كما اعترف بذلك الرئيس السابق أوباما واصفا ترامب بـ(القبضة الحديدية على الحزب الجمهوري).

 داخل الحزب الجمهوري وخلال هذه الساعات يعترف الجميع بأن نوايا التصويت لترامب تفوق ال٦٠ %،  واليوم يبدو الحزب الجمهوري على وشك الحسم والاعتراف الكامل بأن مرشحه لمنصب الرئاسة سيكون ترامب بل حتى منافسوه الجمهوريون باتوا يرسلون الإشارات المبطنة للاعتراف بهذا الأمر وقد اعلنه صراحة رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي خلال هذا الاسبوع عندما قال مانصه (انني اتوقع ان يقود ترامب التذكرة الجمهورية في العام المقبل).

في خلاصة.. فقد نجح ترامب (الداهية) أن يصور نفسه كضحية في معركة قانونية مسيسة حسب زعمه وهو (الغوغائي ) الذي يتقن السياسات (الانفعالية) حيث (الأداء المسرحي)الذي يصور فيه نفسه بالمستهدف من قبل الساسة الفاسدين ومن قبل المهاجرين الطامعين في ثروات أمريكا واقتصادها العظيم…لقد حاول الكثيرون اعدامه سياسيا وفشلوا…وكلما حاولوا تحجيمه كان ازدياد شعبيته هو الرد عليهم….وكلما اخرجوا من جعبتهم الاعيب جديدة أظهر ترامب قدرات خاصة تجعله يحول كل خطر إلى فائدة واستثمار جديد له واليوم اسمع في اذني كما كثير من العالم وارى من بعيد الرئيس ترامب وهو يعود مجددا إلى البيت الأبيض بعد ان فاز قبل ذلك بترشيح الحزب الجمهوري وهو يردد العبارة الأشهر- في رواية الحب في زمن الكوليرا لغابرييل جارسيا ماركيز:- : «اﻷهم أني تيقنت أن الشيخوخة ومرور الزمن ليس مفزعاً لهذا الحد إذا ما كنت تعرف الحب حقاً »….والحب هنا هو أمريكا التي احب كثير من أهلها ترامب لأسباب تستعصي على التحليل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى