قيادة الجيش تطالب باستقالة رئيس الوزراء الأرمني

الرئيس يتخذ تدابير عاجلة لوضع حد للأزمة سياسية في البلاد

تصاعدت حدة الأزمة السياسية في أرمينيا اليوم الخميس، وطالبت قيادة الجيش باستقالة حكومة رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان.

جاء ذلك في بيان صدر عن هيئة الأركان العامة في الجيش الأرمني ووقع عليه أكثر من 40 مسؤولا عسكريا بارزا، منهم قائد هيئة الأركان أونيك غاسباريان وجميع نوابه ورؤساء الإدارات وقادة الوحدات العسكرية الكبرى.

وأعرب العسكريون في البيان عن احتجاجاتهم الحازمة على ما وصفوه “خطوات قصيرة النظر وغير مبررة” من قبل الحكومة، بما فيها إقالة النائب الأول لقائد الأركان تيران خاتشاتوريان.

وأبدى العسكريون قناعتهم بأن هذه الإقالة جاءت دون مراعاة مصالح الدولة، واصفين إياها بـ قرار “غير مسؤول ومناهض للدولة”، وشددوا على أن حكومة باشينيان لم تعد قادرة على “اتخاذ قرارات مناسبة في الظروف العصيبة والمصيرية الحالية”.

وقال العسكريون إن صبرهم استنزف إزاء ما وصفوه “اعتداءات الحكومة على الجيش”، وأن “الإدارة غير الفعالة والأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها السلطات الحالية في مجال السياسة الخارجية أودت بالبلاد إلى حافة الهاوية”.

وتابع البيان: “نظرا للظروف الحالية، تطالب القوات المسلحة باستقالة رئيس الوزراء والحكومة، محذرة في الوقت نفسه من استخدام القوة ضد الشعب الذي مات أبناؤه دفاعا عن الوطن”.

وأعلن الرئيس الأرميني، الخميس، إنه بصدد اتخاذ تدابير عاجلة لوضع حد للأزمة سياسية في أعقاب اتهام رئيس الوزراء نيكول باشينيان الجيش بالقيام بمحاولة انقلاب.

ودعا الرئيس أرمين سركيسيان الهيئات الرسمية، ووكالات تطبيق القانون، وقوى سياسية، وجميع المواطنين — لممارسة ضبط النفس وتحكيم المنطق. كل كلمة أو فعل غير مدروس يفاقم التوترات ويعمق الأزمة”.

وأضاف سركيسيان “مع تأكيدي على دور الرئاسة كهيئة لتحقيق التوازن، أقوم باتخاذ تدابير عاجلة لنزع فتيل التوترات وإيجاد السبل لتسوية الوضع سلميا”. ويضطلع الرئيس الأرميني بدور رمزي إلى حد كبير.

بدوره ندد رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان الخميس بمحاولة انقلاب عسكري بعدما طالبت هيئة أركان الجيش باستقالة حكومته، بينما يجد رئيس الحكومة نفسه ضعيفا منذ هزيمته العسكرية أمام أذربيجان.

وأعلنت وزارة الدفاع الأرمينية الخميس إنه من غير المقبول إقحام الجيش في السياسة.

وقالت الوزارة في بيان إن “الجيش ليس مؤسسة سياسة ومحاولات إقحامه في العملية السياسية غير مقبولة. أي محاولة كتلك هي تهديد لاستقرار وأمن الجمهورية الأرمينية”.

وبعيد إعلانه، دعا حزب المعارضة الرئيسي رئيس الوزراء إلى اغتنام “الفرصة الأخيرة” للخروج من السلطة دون عنف وتجنب “حرب أهلية”.

وقال حزب أرمينيا المزدهرة أكبر تشكيلات المعارضة “ندعو نيكول باشينيان إلى عدم قيادة البلاد إلى حرب أهلية وإراقة دماء”. وأضاف “لدى باشينيان فرصة واحدة أخيرة للمغادرة من دون حدوث أي اضطرابات”.

وفي موسكو، دعا الكرملين الذي قال إنه “قلق” من الوضع، إلى “الهدوء” في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة. كما نددت تركيا “بشدة” “بمحاولة الانقلاب” في أرمينيا الدولة الجارة التي تتسم علاقاتها مع أنقرة بالتوتر وطالب رئيس أركان جيشها الحكومة بالاستقالة.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو “نعارض الانقلابات أو محاولات الانقلاب في أي مكان في العالم. بالتالي ندين بشدة محاولة الانقلاب في أرمينيا”. وجاءت تصريحاته خلال مؤتمر صحافي في بودابست مع نظيره المجري.

وكتب باشينيان على صفحته على فيسبوك “أعتبر أن بيان هيئة الأركان هو محاولة انقلاب عسكري”. وأضاف “أدعو جميع أنصارنا إلى التجمع في ساحة الجمهورية” في يريفان. وبعد ذلك أعلن باشينيان في كلمة مباشرة على شبكة التواصل الاجتماعي التي يفضلها إقالة الجنرال أونيك غاسباريان رئيس هيئة الأركان العامة.

وتوجه باشينيان شخصيا إلى ساحة الجمهورية حيث تقدم مسيرة مع مئات من أنصاره، وقال باشينيان أمام أنصاره مستخدما مكبرا للصوت “الوضع متوتر، لكن علينا أن نتفق على أنه لا يمكن أن تقع صدامات” مضيفا أن انعدام الاستقرار السياسي المستجد الذي يأتي بعد أشهر من الاحتجاجات المنددة بحكمه “يمكن إدارته”.

ودعت المعارضة أيضا التي تطالب برحيل رئيس الوزراء منذ الهزيمة العسكرية لارمينيا امام اذربيجان في ناغورني قره باغ، إلى التظاهر الخميس.

كان باشينيان قد أقال الأربعاء تيغران خاتشاتريان نائب الجنرال غاسباريان ما دفع هيئة الأركان إلى المطالبة باستقالته معتبرة أنه “لم يعد قادرا على اتخاذ القرارات اللازمة. واتهمه العسكريون بشن “هجمات تهدف إلى تشويه سمعة القوات المسلحة”.

وكان رئيس الوزراء أقال خاتشاتريان لأنه سخر في الصحافة من تصريحاته التي تشكك في مصداقية نظام الأسلحة الروسي قاذفات صواريخ إسكندر خلال نزاع قره باغ. ورأت هيئة الأركان أن هذا القرار استند فقط إلى “مشاعر وطموحات شخصية” لباشينيان.

ويواجه رئيس الوزراء الأرمني ضغوطا من المعارضة التي تطالب باستقالته منذ الهزيمة العسكرية لأرمينيا أمام أذربيجان في خريف 2020 في نزاع ناغورني قره باغ.

في ذلك الوقت وفي مواجهة خطر وقوع كارثة، طلب الجيش من رئيس الحكومة قبول شروط وقف لإطلاق النار تفاوض عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفضي إلى خسارة أرمينيا مساحات واسعة من الأراضي.

ولا تزال يريفان تسيطر بحكم الأمر الواقع مع وجود الانفصاليين الأرمن، على معظم منطقة ناغورني قره باغ الأذربيجانية. لكن أرمينيا خسرت في نزاع 2020 مدينة شوشا الرمزية فضلا عن منطقة جليدية من المناطق الأذربيجانية المحيطة بقره باغ. واعتبر الكثير من الأرمن هذه الهزيمة إهانة وطنية.

وباشينيان صحفي سابق ومعارض تاريخي دخل إلى السلطة. وقد وصل إلى السلطة في ربيع 2018 مدفوعا بثورة واعدة بإخراج هذا البلد القوقازي من الفقر واجتثاث النخبة الفاسدة.

وشهدت أرمينيا منذ استقلالها مع سقوط الاتحاد السوفياتي في 1991 سلسلة من الأزمات والثورات السياسية سقط في بعضها قتلى.

ولنقاش الأزمة في أرمينيا، أعلن السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف، اليوم الخميس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان ناقشا الوضع في الجمهورية هاتفيا، مشيرا الى أن المكالمة جرت بمبادرة من الجانب الأرميني.

وقال السكرتير الصحفي: “نوقش الوضع في أرمينيا.. تحدث بوتين لصالح الحفاظ على النظام والهدوء في أرمينيا وتسوية الوضع في إطار القانون”.

وأضاف بيسكوف أن: “رئيس الدولة الروسية دعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى