لولا دا سيلفا يبدأ رحلته الرئاسية وسط تحديات كبيرة في البرازيل

بينما يعاني نحو 125 مليون برازيلي غياب الأمن الغذائي، بدأ الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الأحد، ولاية ثالثة مليئة بالتحديات تتمثل بجمع بلد مقسوم وإعادته الى تجمعات الأمم ومحاربة الفقر والجوع باقتصاد منهك بعدما أصبحت حكومته جاهزة لبدء العمل.

“مهمة جبارة” تنتظر لولا دا سيلفا على رأس دولة كبرى ناشئة تعد 215 مليون نسمة، كما قال نائبه جيرالدو ألكمين.

بحسب فريق لولا الانتقالي فإن أربع سنوات من “الإدارة غير المسؤولة” تحت قيادة جاير بولسونارو تركت البرازيل في حالة يرثى لها، “نقص” في المواد و”عودة إلى الوراء” في العديد من القطاعات: السياسية والاجتماعية والتعليم والصحة والبيئة.

كانت حكومة لولا الأطول مدة في التشكيل منذ 32 عاما. استغرق الأمر أسابيع من المفاوضات الشائكة لاستيعاب الحلفاء اليساريين الذين أتاحوا انتخابه لكن أيضا الوسط الذي يحتاجه لدعمه في الكونغرس.

لا يزال مجلسا النواب والشيوخ المنبثقان عن انتخابات تشرين الأول/أكتوبر من اليمين، إلا أن محللين يرون أن ذلك لن يحول دون قدرة البراغماتي لولا على الحكم، بفضل تحالفاته من أقصى اليسار إلى وسط اليمين.

وعلى رغم مضي شهرين على الاقتراع، لا يزالون مناصرو بولسونارو يتجمّعون خارج الثكنات العسكرية مطالبين بتدخل الجيش للحؤول دون تنصيب لولا.

في حال أخذ بنصيحة فريقه الانتقالي، ستتصدر أولويات لولا قضايا مثل وضع حد للتدمير البيئي الذي ازدهر في عهد سلفه ذي التوجهات القريبة من عالم الأعمال، تحسين نظام التعليم الذي يعاني من نقص التمويل، ومواجهة غياب العدالة العرقية.

كما يجدر به العمل على تقليص حيازة الأسلحة النارية التي زادت بشكل كبير في عهد سلفه المؤيد لها بولسونارو.

العلاقات الدولية

على الساحة الدولية، يجد لولا نفسه أمام مهمة مصالحة البرازيل مع حلفائها الذين أبعدهم المحافظ المتشدد والمثير للجدل بولسونارو.

ويرى الفريق الانتقالي للولا أن البلاد “فقدت ألقها” دوليا خلال الأعوام الأربعة الماضية. وتدين برازيليا بزهاء مليار دولار كمساهمات غير مدفوعة لمنظمات منها الأمم المتحدة.

ويمكن للولا أن يعوّل على “كاريزما” شخصية على الصعيد الدولي، اذ يحظى بتقدير واسع النطاق، ووصفه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بأنه “السياسي الأكثر شعبيا على وجه الأرض”.

يتوقع المجتمع الدولي من لولا خطوات جدية في مجال المناخ والبيئة، أولها تعزيز حماية غابات الأمازون.

وتعهد الرئيس الجديد في مؤتمر الأطراف للمناخ “كوب27” في تشرين الثاني/نوفمبر بالقيام “بكل ما يجب” لتصفير نسبة التصحر ووضع حد لتدهور النظام البيئي بحلول عام 2030.

إلا أنه يحتاج من أجل تحقيق ذلك، إلى تنشيط هيئات الرقابة التي تراجع دورها في عهد بولسونارو، ووقف القطع غير القانوني للأشجار ونشاطات التعدين، بشكل لا يثير حفيظة اللوبي الداعم للأعمال الزراعية، وهو حليف رئيسي لسلفه.

30 مليونا الجوع

وسيكون الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبرازيل تحديا أساسيا للولا الذي أكد أن أولويته هي “الاهتمام بالأكثر فقرا”.

وفي خطوة أولى قوبلت بالترحيب، وافق الكونغرس مؤخرا على تعديل دستوري يتيح للولا تمويل وعوده الانتخابية، على الأقل لفترة عام.

وعلى رغم السقوف المفروضة على الإنفاق العام، تتيح الخطوة للولا زيادة ما يعرف باسم “بولسا فاميليا”، وهي عبارة عن مساعدة اجتماعية للأسر الأكثر فقرا، إضافة إلى الحد الأدنى للأجور.

ويعاني نحو 125 مليون برازيلي غياب الأمن الغذائي، بينما يعاني 30 مليونا الجوع، علما بأن الرقم الأخير يوازي عدد أولئك الذين ينسب إلى لولا فضل انتشالهم من الفقر خلال ولايتيه.

ويقول الباحث في مؤسسة جيتوليو فارغاس جولسون سامبايو، إن قيود الميزانية “ستكون التحدي الأكبر للولا خلال السنوات المقبلة”، إذ يتعيّن عليه “زيادة الإنفاق دون أمل (بزيادة) الإيرادات الموازية والسعي لعدم رفع الضرائب”.

وتخشى الأسواق أن يخرج الدين العام عن السيطرة في عهد الرئيس اليساري، والذي يمثّل حاليا 77 بالمئة من الناتج المحلي.

ويرى أليكس أغوستيني، كبير الاقتصاديين لدى شركة أوستن للتصنيف، أن “على الإدارة الجديدة أن تقترح إطار عمل ناجعا لضبط الميزانية”، بهدف “تفادي فقدان الثقة الذي سينعكس تأثيره على الاقتصاد”.

كما سيكون على لولا، العامل السابق في مجال الحديد وبطل الطبقة العاملة في نظر كثيرين، الإبقاء على النسق التراجعي لنسبة البطالة البالغة حاليا 8,3 بالمئة، وهي الأدنى منذ 2015.

كما يتعيّن على من شكّلت المخاوف الاقتصادية دافعا أساسيا لانتخابه، إبقاء التضخم تحت السيطرة حتى في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وفق أغوستيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى